يُختَتم أسبوع جوائز نوبل، اليوم الجمعة، بجائزة السلام في ظلّ الحرب الجارية في أوكرانيا. ويُعلَن عن إسم الفائز بجائزة السلام الساعة 11,00 (9,00 في توقيت غرينيتش) في العاصمة النرويجية أوسلو، بالتزامن مع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أغرق أوروبا في إحدى أخطر أزماتها منذ الحرب العالمية الثانية.
فهل تكون جائزة نوبل للسلام هذه السنة بمثابة تنديد بفلاديمير بوتين أو ناقوس خطر حيال حالة الطوارئ المناخية؟ أم تسلّط الضوء على مسألة أخرى أغفلتها الترجيحات؟
لا يعرف عن المرشحين سوى عددهم من غير أن تكشف أي أسماء، وبلغ العدد هذه السنة 343 مرشّحاً يتوزّعون إلى 251 فرداً و92 منظمّة. وكما في كل سنة، يضطر خبراء هذه الجوائز إلى الاكتفاء بالتكهّنات والترجيحات.
ومع هيمنة الحرب في أوكرانيا وعواقبها الكارثية على الأحداث الدولية منذ بدء الغزو الروسي في 24 شباط الماضي، يعتبر البعض أنه سيكون من الصعب تغاضي اللجنة عن هذا الوضع.
وقال مدير معهد أوسلو لأبحاث السلام هنريك أوردال الخميس، متحدّثاً لإذاعة "إن آر كي"، إنّه "من المحتمل أن نكون أمام جائزة تشير بطريقة ما باتجاه أوكرانيا".
وفي السياق نفسه، ذكرت المعارضة البيلاروسية في المنفى سفيتلانا تيخانوفسكايا، والمعارض الروسي المسجون بعد تعرضه لمحاولة تسميم أليكسي نافالني، اللذين يثيران غضب الكرملين وأحد حلفائه النادرين في النزاع الجاري.
ومن الممكن أن تُكلّل الجائزة محكمة العدل الدولية في لاهاي التي أمرت في آذار بالوقف الفوري للهجوم الروسي، أو كذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لفتة إلى ملايين الاشخاص الذين شرّدتهم الحرب.
كذلك وردت جهات تُوثّق جرائم الحرب التي يشتبه بارتكابها في أوكرانيا، مثل المحكمة الجنائية الدولية التي تتّخذ لاهاي مقرّاً، أو موقع بيلينغكات الاستقصائي.
يرجّح المراهنون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلّا أنّ حظوظه قليلة طالما لم يتبدّد غبار الحرب بعد.
في المقابل، يميل مراقبون آخرون للجوائز إلى ترجيح قضية المناخ في ظل خطورة الوضع الحالي. خصةصاص ةوأنّ العام الماضي طبعته ظواهر مناخية قصوى من موجة الحر القياسية التي سجّلت هذا الصيف في أوروبا إلى الفيضانات المدمّرة في باكستان.
من بين الأسماء المذكورة منذ سنوات في هذا المجال رغم صغر سنها، الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ البالغة 19 عاماً وربما حركتها "أيام الجمعة من اجل المستقبل"، وكذلك عالم الطبيعة البريطاني ديفيد أتينبورو بالإضافة إلى نشطاء آخرين.
"عالم يسوده التوتر"
ومن المحتمل أيضاً أن يختار أعضاء لجنة نوبل الخمسة قضية مختلفة تماماً، ومن الوارد أيضاً أن يقرّروا عدم منح الجائزة هذه السنة مثلما سبق أن فعلوا 19 مرة في السابق، وآخرها قبل خمسين عاماً. غير أنّ الإشارات الضئيلة الصادرة عن رئيسة اللجنة تُفيد بأنّ الأعضاء اختاروا اسماً أو اسمين، مع إمكانية وصول عدد الفائزين إلى ثلاثة.
وقالت بيريت رايس أندرسن، لإذاعة "إن أر كي"، إنّ القرار "ربما كان أكثر صعوبة" هذه السنة، مضيفةً: "إننا نواجه وضعاً أمنياً صعباً ونعيش في عالم يسوده التوتر".
وبدأ موسم نوبل هذا الأسبوع بجائزة "نوبل الطب"، التي فاز بها السويدي سفانتي بابو لدوره في تحديد التسلسل الكامل لمَجين الإنسان البدائي. كما أنّ بابو له الدور في تأسيس هذا الاختصاص الذي يسعى من خلال درس الحمض النووي العائد لمتحجرات العصور القديمة إلى معرفة خصائص الجينات البشرية في غابر الأزمنة.
وكلّلت جائزة "نوبل للفيزياء" الثلثاء إلى الفرنسي آلان أسبيه والأميركي جون كلاوسر والنمساوي أنتون زيلينغر، تقديراً لأعمالهم الرائدة على صعيد "التشابك الكمي"، وهي ظاهرة يكون فيها جزيئان كميان مترابطين بصورة كاملة، أياً كانت المسافة الفاصلة بينهما.
كما فاز الدنماركي مورتن ميلدال والأميركية كارولين بيرتوتزي ومواطنها باري شاربلس الأربعاء بـ"نوبل الكيمياء"، لابتكار هذا الثلاثي مجالين جديدين في الكيمياء المعاصرة هما "الكيمياء النقرية والكيمياء الحيوية المتعامدة".
إلى ذلك، تُوجّت الروائية الفرنسية أنّي إرنو بجائزة "نوبل للآداب" الخميس، بعد مسيرة طويلة من مؤلفاتها المستمّدة من سيرتها الذاتية والتي جعلت منها وجهاً نسوياً.
ويُختَتم موسم نوبل الإثنين بجائزة الاقتصاد التي أضيفت عام 1969 إلى الجوائز الخمس التقليدية المنصوص عليها في وصية الفريد نوبل.
يُذكر أنّ جائزة نوبل السلام هي الوحيدة من بين هذه الجوائز التي تمنح في أوسلو، فيما تمنح الجوائز الأخرى في ستوكهولم. في العام الماضي، مُنِحت جائزة نوبل للسلام لاثنين من المدافعين عن حرية الصحافة الفيليبينية ماريا ريسا والروسي دميتري موراتوف.