رحب المؤرخ عبد الرحمن مومن المتخصص في حرب الجزائر باكتشاف مقبرة أقيمت على عجل وباتت مهملة ومنسية لأطفال لقوا حتفهم في مخيمات الحركيين في ستينات القرن الماضي.
- سؤال: كلفتم في 2015 من قبل المكتب الوطني للمقاتلين وضحايا الحرب بالعثور على قبور حركيي مخيم ريفسالت. ما تعليقكم على على اكتشاف مقبرة سان موريس لاردواز بعد ستين عاماً على إقامتها؟
- جواب: تلقيت هذا النبأ بارتياح كبير. حان الوقت لنتمكن أخيراً من العثور على هذه المقابر. هذا مفيد أولاً وقبل كل شيء للعائلات. إنها بحاجة إلى إجابات. أحد عوامل عنف حرب الجزائر حتى اليوم هو عدم وجود إجابات وعدم اليقين الدائم وعدم معرفة العائلة للمكان الذي دفن فيه ابنها.
سيكون هناك ارتياح لدى العائلات التي احتفظت في ذاكرة الأسرة بقصة وفاة طفل في هذه الظروف وسيسمح ذلك لها بالحداد.
لكن بالنسبة لبعض الذين توفي آباؤهم ولم يعرفوا شيئاً بعد فقدان أخ أو أخت قد يشكل ذلك صدمة. هذا قد يسبب صدمة يمكن أن تضاف إلى صدمات هذه القصة التي يمكن أن تكون قاسية وإلى هذا التكتم الذي يحيط بالحركيين.
- سؤال: كيف نفسر معدل وفيات الرضع الزائد الذي حدث في معسكر الحركيين في سان موريس لاردواز؟
- جواب: شهد مخيم سان موريس لاردواز مثل مخيم ريفسالت (الجنوب)، معدلاً مرتفعاً لوفيات الرضع. وقد فتح في تشرين الأول 1962 لاستيعاب 400 شخص لكنه استقبل بسرعة خمسة آلاف شخص بينهم عدد من العائلات الكبيرة، تم إيواؤهم في خيام في البداية.
حسب تقديراتي، شكل الأطفال دون سن الثانية ثمانون بالمئة من الوفيات بين نهاية 1962 ونهاية شتاء 1963. هؤلاء توفوا بسبب المرض والموت المفاجئ وفقر الدم والضعف وكثير منهم عند الولادة.
هذا يعكس مأساة هذا الوصول المؤلم والقاسي والعنيف لهذه العائلات إلى مخيمات الحركيين في ظروف فوضوية. هناك عدد كبير واضح في وفيات الأطفال مرتبط بالظروف المعيشية في المخيمات والتوتر وعواقب العنف النفسي الذي واجهته النساء.
- سؤال: في حالة سان موريس لاردواز انتشلت رفات ثمانية أطفال من هذه المقبرة المؤقتة في 1979 في ظروف غير محددة ومن دون أن يعرف مكان الرفات اليوم. هل كانت هناك أوضاع مماثلة في مخيمات أخرى؟
- جواب: كانت هناك بالفعل أوضاع مروعة للعائلات. أفكر في حالة بور-لاستيك حيث توفي 16 طفلاً لكن لم يعثر سوى على قبور 12 طفلاً. لا نعرف مكان القبور الأخرى.
في مخيم الحركيين في ريفسالت (جنوب) حيث تم تحديد منطقة المقبرة في 2017، على أرض للثكنة العسكرية السابقة، نقل قبران لكن لم يعرف أي وضعت الرفات، والأمر نفسه ينطبق على مخيم سان موريس لاردواز.
هذه الأوضاع هي جزء من الفضيحة المرتبطة بظروف الاستقبال غير اللائقة لعائلات الحركيين في 1962 التي طلب الرئيس ماكرون من الحركيين في 2021 الصفح عنها، ليس لتجنيدهم أثناء حرب الجزائر ثم التخلي عنهم، بل لظروف الاستقبال هذه أيضاً.
هذه الوفيات في الظروف المأساوية التي حدثت فيها وهذا الإهمال الثاني لهذه المقابر، هي أيضاً جزء من مأساة إنسانية لها عواقب نفسية وما زالت حية جداً في الذاكرة.