بعد نضال استمر عدّة سنوات، أقرّت الحكومة البريطانية قرار تصنيف الأطفال مولودي الاغتصاب كضحايا جرائم، ليؤمّن هذا القرار دعماً إضافياً يتمثّل بالعلاج والاستشارة النفسيّة، فضلاً عن خدمات متعلّقة بالتعليم والإسكان. وفي بعض الحالات ستقدّم الحكومة مساعدات لمعالجة الإدمان على الكحول أو المخدرات.
ومن غير الممكن تحديد عدد الأشخاص الذين ولدوا نتيجة الاغتصاب أو العنف الجنسي في المملكة المتحدة، لكن تقديرات جامعة "دورهام" ومركز "عدالة المرأة" تشير إلى أن الرقم قد يصل إلى 3300 امرأة خلال عام 2021 فقط. ومع غياب جمعيات خيرية أو خدمات تدعم هذه الحالات في المملكة المتحدة، يُترك هؤلاء الضحايا - في أغلب الأحيان - أمام صدمة من الصعب تخطّيها.
روايات موجعة تُروى عبر "بي بي سي" للمرّة الأولى، نتعرّف فيها على أفراد شوّهتها شهوات جنسيّة، وقلبت حياتهم رأساً على عقب.
من بين الضحايا تسنيم، التي اكتشفت حقيقة عائلتها، بعد أن قرأت مذكّرات والدتها لوسي، التي بقيت مخفيّة لمدة 18 عاماً لدى الشرطة. حينها، علمت بأنها وُلدت نتيجة اعتداء جنسي واغتصاب نفّذه سائق التاكسي أزهر علي محمود على لوسي البالغة من العمر 15 عاماً.
(لوسي)
قُتلت لوسي بعد حريق شبّ في منزل والدتها أودى بحياة عائلتها، وتمكّن حينها علي محمود من إنقاذ حياة تسنيم، في الوقت الذي كان هو من سكب البنزين وأشعل النيران.
"لا أريد أن أشبه هذا المجرم"
(نايل)
أثناء نشأته في ويست يوركشاير، عاش نايل حياة طبيعية مع عائلة تبنّته وحضنته وأمّنت له طفولة سعيدة، لكنّه لطالما شعر بالحاجة إلى التعرّف على والدته البيولوجيّة. وبمساعدة عائلته بالتبنّي، عيّن محققاً خاصّاً لاكتشافها.
حين فتح الرسالة التي أكّدت أنّ والدته الحقيقيّة اغتُصبت من قِبل رجل غريب في حديقة عامة، لم يتمكن من تقبّل الأمر. وقال: "شعرت بمشاعر الخجل، الحزن، والارتباك، في آن واحد. كل ما كان في مخيّلتي أضحى كذبة"، مضيفاً:" لم أتمكّن من رؤية نفسي في المرآة، خوفاً من أن أشبه هذا المجرم".
وأثناء انتظاره للقاء والدته للمرة الأولى، تعرّف نايل عليها على الفور، وسألها: "إذا كنت أشبه هذا الرجل فسوف أذهب بعيدا، ولن ترَي وجهي مرة أخرى؟".
لكنّه بمجرد أن نفت الأمر شعر نايل بارتياح كبير، وغضّ النظر عن طرح أيّ سؤال عن تلك الليلة المشؤومة، فهم لا يحتاجون إلى معرفة التفاصيل، وليس لدى نايل أب بيولوجي، بل لديه أم، وهذا يكفي.
قصّة سام وماندي
(سامي)
كان عام 2013، عندما اضطرت سام إلى أن تشرح لابنها البالغ 12 عاماً حقيقة ما جرى، فروت له كيف قام رجل يُدعى أرشيد حسين باغتصابها حين كانت في الـ14 من عمرها، بعد أن أوهمها بأنّهما على علاقة. لكنّها تحرّرت من قبضة سيطرته، وبدأت تتحدّث علنا عن فشل الخدمات في حمايتها بعد هذا الحادث الذي غيّر مجرى حياتها. وبعد التحقيق معه، حُكم على أرشيد حسين بالسجن لمدّة 35 عاماً.
بعد انتشار قصّة سام، تعرّفت هذه الأخيرة على ماندي، امرأة لديها قصّة مختلفة ناتجة عن طفولة مضطربة.
كان أول تحرش تعرضت له ماندي على يدي والدها، حين كانت في الـ11 من عمرها، بعد أن خلع ملابسه ودخل الحمام معها.
منذ ذلك الحين، كان يدخل كل ليلة إلى غرفة نومها، ولم تتجرأ ماندي على إخبار أحد إذ إنّ والدها رجل شرطة، يتمتّع بمكانة مرموقة في المجتمع. وعلمت بعدها أنها حامل.
(ماندي)
وقالت لـ"بي بي سي: "تمّ حقني بسمّ في جسدي، هذا ما فعله والدي بي"، مضيفةً: "كان متواجداً في غرفة الولادة حين ولُد طفلي، وذلك دمّرني. هو من حمل طفلي أولاً. لكن بالرغم من كلّ المآسي كنت سأحتفظ بابني إلى الأبد، فهو أثمن ما لدي، وأعتبر أنني الناجية، وابني هو الضحية، لكنه تحمّل جريمة نُفّذت بحقي".
هربت ماندي مع ابنها، الذي ولد مع إعاقة وراثية، ولا تزال بعد ثلاثين عاماً تعتني به إلى جانب زوجها بيتر وأولادها، لكنّها ممتنة حيث لن تضطر يوماً إلى إخباره الحقيقة.