النهار

جزيرة جبيل في أبو ظبي تحتضن معرضاً ضخماً للتصميم والفنّ الحديث لأهمّ مبدعي المنطقة
فرح نصور
المصدر: "النهار"
جزيرة جبيل في أبو ظبي تحتضن معرضاً ضخماً للتصميم والفنّ الحديث لأهمّ مبدعي المنطقة
"جزيرة جبيل".
A+   A-

جمعت مجلة "Architectural Digest Middle East" العالمية، في أبو ظبي، 35 من أبرز المواهب الإبداعية الراسخة والناشئة في المنطقة، في مجالات الفن والديكورات الداخلية وتصميم المنتجات، وسلّطت الضوء على 22 تجربة إبداعية مثيرة لفنانين ومصمّمين في المنطقة، في معرض مجّاني أُقيم في فلل العرض في جزيرة "جبيل" الرائعة.

وشكّل معرض Art of Living 2022 الممتدّ من 15 إلى 23 الجاري، المعرض الأوّل من نوعه في أبو ظبي للتصميم، ومثّل احتفالاً حيوياً بالموهبة الديناميكية في المنطقة، وتكريماً لفعل "الإبداع" الذي يوحّد جميع الناس والثقافات والحضارات. ويسلّط الضوء على المجتمعات الحرفية من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، بحيث قدّم المشاركون مجموعات ومساحات حصرية لهذا المعرض تتعلّق باستكشاف التقاليد الجديدة والاتصال بالطبيعة، كعلامة على مشهد التصميم المزدهر في المنطقة، والإبداعات الاستثنائية.

وضمّ المعرض جنسيات مختلفة من الإمارات ولبنان ومصر وقطر وغيرها من دول عربية وغربية.

 

وعرض المصمِّم اللبناني جورج جعارة، المشارِك في المعرض، مجموعته الخاصة المؤلَّفة من كراسيّ وطاولة بعنوان "سهرة" ونموذج للسهرة اللبنانية، والتي بثّت روحاً معاصرة مع التقنيات الحرفية اليدوية. وأصرّ على مزج الحِرف القديمة للكراسي مع التقنيات الجديدة بالتقطيع عبر الليزر، ولذلك، سمّى مجموعته "Amalgam" ليثبت أنّه لا غنى عن الطريقتين في العمل للإبداع.

 

 وفي حديثه لـ"النهار العربي"، يورد جعارة أنّ "الشعب الإماراتي يقدّر كثيراً فن التصميم، فهو مطّلع ومنفتِح على جميع الثقافات والفنون ويغذّي بذلك موهبته الجينية وإبداعه. وأصبح الذوق اللبناني يعرّف عن نفسه في معارض التصميم العالمية".

 

أمّا الفنّانان والمصمّمان الداخليّان المصريّان نهال لهيطة وكريم الحيوان، فقدّما قطعة فنية مشتركة باسم "Narratives of Origin"، دخلت في صلب روحية المعرض وموضوعه، عبر إعادة إحياء حرفة "الخيامية" التقليدية وتحديثها. فالخيامية فن حرفي مصري قديم لصناعة الخيم والأقمشة الملوَّنة، تدخل في عمق الإنتاج المصري القديم وهو النسيج، على امتداد العصور. وهي حرفة في طريقها إلى الانقراض فهي من أقدم الحرف المصرية، وهي بحاجة إلى عصرنتها لتستمرّ. لذلك، تعاون الثنائي مع "الخياميّين" لإعادة إحيائها.

 

كذلك، كان للقمح الذي أُضيف إلى العمل الفنّي، دور أساسي مع هذه الحرفة، فهو عودة إلى الجذور وهو من أقدم الزراعات في مصر. 

 

وشكّلت "الخيامية" المعلّقة في السقف، القطعة الفنية الأساسية للعمل، لكنّها عُرضت مع عناصر عديدة كالموسيقى، عبر أغنية "القمح الليلة" الشهيرة المحدَّثة وموسيقى أخرى تتناغم مع روح الفكرة إضافة إلى الإضاءة والألوان والرسوم، لتأخذك في حلم بعيد وتجربة فريدة متكاملة.

ويؤكد الثنائي في حديثهما لـ"النهار العربي"، أنّ "أكبر مكسب من هذا المعرض كان التعرّف إلى المصممين الآخرين في المنطقة، ما شكّل مصدر إلهام لنا، كذلك كون أبوظبي أرضاً مريحة وتنعم بالاستقرار، وفّرت مساحة مناسبة جداً لجمعنا". 

 

تصوير أحمد الكويتي

 

كذلك شاركت مؤسّسة "إيوان مكتبي" اللبنانية للسجّاد في المعرض بمجموعة خاصة لهذا الحدث، تحت عنوان "A Weaver's Dream"، للدلالة على التقاطع بين ناسج السجاد وناسج السلل والحلم الموحَّد بينهما. وتتحدّث الشريكة المؤسِّسة في "إيوان مكتبي"، منى مكتبي، لـ"النهار العربي"، عن شراكة بينهم وبين المصممة والمهندسة المعمارية الأردنية عنود الزبن، إيماناً منهم بدعم المواهب الصاعدة، لإنتاج هذه المجموعة.

وكانت هذه المجموعة مستوحاة من الترابط والقصص التي تُسرد في نسج واحد، إذ احتفل "إيوان مكتبي" بتراث أبو ظبي الغنيّ، من خلال تفسير حرفة نسج السجاد المزخرفة وبتركيب فريد من نوعه صمّمته الزبن ويربط بين شباك الصيد البراقة مع النباتات البرية الفريدة من نوعها على الساحل وأشجار المانغروف والصحاري في الإمارات.  ومُزجت حرفة الزبن التي صنعت من الشباك النحاسية سللاً، بسجادة من مجموعة Erased Heritage، مستوحاة من السجاد المملوكي النادر المنسوج حوالي عام 1550.

وترى مكتبي أنّ معرضاً كهذا المعرض، يفتح أبواباً عديدة لمصمّمين ربما لم يلمع اسمهم بعد في عالم التصميم، خصوصاً أنّ رواد هذا المعرض هم من جميع أنحاء العالم. و"تكمن أهمّية هذا المعرض في الدخول إلى عمق المجتمع الإماراتي عبر إقامة هذا المعرض في العاصمة أبو ظبي، وخصوصاً في جزيرة جبيل الطبيعية".

 

إلى ذلك، وفيما فتح المعرض المجال واسعاً أمام الفنانين لاختيار ما يريدون من مواضيع لأعمال فنية، قدّم الفنان الإماراتي جمعة الحج، مجموعة لوحات بعنوان "اسمع الصدى"، وهي "تجسّد أصوات أحبّائنا الذين فارقوا هذه الدنيا ونحن لا نزال نسمع أصواتهم حتى الآن من خلال الذكريات والمدوّنات والصور وغيرها"، يروي الحج لـ"النهار العربي".

 

فعندما قدّم المعرض للحج الغرفة المخصّصة له، وهي مُطلّة على البحر، عاد الحج إلى قصص أجداده، وعاد بذكرياته الخاصة على البحر في صغره، واستلهم هذه اللوحات من هذه القصص.

 

اللوحات هي ثلاث لوحات معلّقة ولوحة جدارية علّقها جمعة عن قصد على الجدار "لأنّه في يوم من الأيام، ستُزال هذه اللوحة، وسيعاد صبغ هذا المكان بشكله الأساسي". ورغب الحج في تجسيد فكرة الصدى، لكونه فعلاً مؤقّتاً.

وعن أهمية مشاركته في هذا المعرض، يقول الحج: "صحيح أنّنا نشارك في معارض على مستوى الإمارات، لكن في أبو ظبي كان هذا المعرض هو الأول من نوعه للفنون والتصميم الحديث، حيث عرضنا أعمالنا في مكان واحد أمام روّاد وزوّار جدد. وكانت فرصة لنا كمصمّمين وفنّانين لأن نتعاون معاً ونمهّد لتعاونات مستقبلية، بالتالي هي فرصة ممتازة لا تتكرّر دائماً في الإمارات". 

 

اقرأ في النهار Premium