عادت مواكب كرنفال ريو دي جانيرو الشهيرة الأحد الماضي إلى شوارع المدينة البرازيلية مع عروض السامبا البرّاقة، في نسخة أولى تُقام بعد جائحة كوفيد-19 وانتخابات رئاسية أثارت الانقسامات داخل البلاد.
وأُقيمت أبرز نشاطات الكرنفال الأكبر في العالم مع افتتاح المواكب الاستعراضية لمدارس السامبا في جادة سامبادروم الشهيرة.
وتقول ديبورا سواريز (25 عاماً) التي تقف مرتدية زياً مرصعاً بالحبوب البراقة فوق مركبة عملاقة باللونين الأخضر والذهبي، استعداداً للرقص في موكب مدرسة "إمبيريو سيرانو"، إن "الاحتفال بالكرنفال بعد الجائحة هو بمثابة شعور بالحرية والسعادة يصعب وصفه".
وتضيف منظمة الحفلات وعارضة الأزياء المتحدرة من حي سيداديه دي ديوس الفقير في ريو دي جانيرو أنّ الكرنفال ينعقد "بعد انتخابات تاريخية فاصلة عقب كل الاسوداد الذي اختبره البرازيليون".
وباتت ريو دي جانيرو مستعدة للاحتفالات بعد كرنفالين لم يُقاما بالنسخة التقليدية بسبب الجائحة، وانتخابات رئاسية في تشرين الأول الماضي استقطبت عدداً كبيراً من البرازيليين وأسفرت نتائجها عن فوز اليساري لويز إيناسيو لولا دا سيلفا على حساب المحافظ المتشدد جايير بولسونارو، الذي يوجه باستمرار انتقادات للكرنفال ويُتهم بنزعة استبدادية.
وبينما ألغت المدينة الساحلية الكرنفال عام 2021 بسبب الجائحة، أُقيم العام الفائت بنسخة محدودة مع حظر الحفلات المُقامة في الشوارع والمعروفة بالـ"بلوكوز"، فيما جرى تأجيل المهرجان شهرين بسبب الجائحة التي أودت بحياة نحو 700 ألف شخص في البرازيل.
وعاد الكرنفال هذه السنة بنسخته الكاملة.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول أماندا أوليفيا (34 عاماً) وهي تستعد للمشاركة في عرض لمدرسة "مانغيرا" "إنّ سعادتنا تعود لسببين، إذ نحتفل بنهاية ولاية بولسونارو من جهة وبانتهاء الجائحة التي تسببت بمآس كثيرة من ناحية ثانية".
وتمضي مدارس السامبا التي تُعتبر فخراً لأحياء ريو دي جانيرو الفقيرة، شهوراً في تصنيع أزياء برّاقة ومركبات مذهلة تتميز بها العروض.
وتتنافس في المسابقة 12 مدرسة للسامبا في المدينة على لقب أفضل استعراض ضمن مواكب لعربات ملوّنة على وقع موسيقى صاخبة ومشاركة آلاف من المغنيين وعازفي الطبول والراقصين الذين يرتدون أزياء مرصعة بالأحجاء وعليها ريش.
وخلال عهد بولسونارو، غالباً ما كانت العروض توجّه انتقادات مبطنة لحكومة اليمين المتطرف في شأن قضايا عدة بينها العنصرية والتعصب الديني وتدمير البيئة والإدارة الكارثية لأزمة كوفيد.
أما عروض هذه السنة، فلم تتطرق بصورة كبيرة إلى موضوعات سياسية.
وعادت مدارس كثيرة إلى أصول السامبا مع اختيارها موضوعات مرتبطة بالشخصيات التأسيسية لهذا النوع من الرقص والثقافة الأفرو- برازيلية التي انبثقت السامبا منها.
ويؤكد سيته سوليداده، وهو فنان يبلغ 39 عاماً، أنه يشعر "بإرهاق لكنّه سعيد"، عقب نزوله من مركبة يشارك في عرض لها يعج بالألوان ويكرّم المغني والمؤلف زيكا باغودينو.
ويقول مرتدياً زياً بالأخضر والأحمر والذهبي، "لقد مررنا بمرحلة صعبة جداً لناحية كوفيد-19 والأوضاع السياسية، ونحمل حالياً آمالاً كبيرة في ما يتعلق بالمرحلة الجديدة للبرازيل".
ويتابع، "عانينا كثيراً خلال فترة الجائحة بسبب حكومتنا التي أنكرت أزمة أودت بحياة كثيرين"، مضيفاً أن "وجودنا في الكرنفال هو احتفاء كبير بالحياة".
لا يحب سكان ريو دي جانيرو جميعهم الكرنفال، إذ يسعى بعضهم لمغادرة المدينة خلال فترة إقامة الكرنفال الذي يشارك فيها الملايين.
إلا أنّ نسبة أخرى من السكان تعتبر الكرنفال بمنزلة الحياة.
ويقول الموظف لوكاس بينيرو (27 عاماً) وهو يجلس خارج منزله الواقع على بعد مبنيين من جادة سامبادروم وينكب على مشاهدة المواكب عبر جهاز تلفزيون على طرف الرصيف إنّ "الكرنفال جزء من ثقافتنا ومن حمضنا النووي"، لافتاً إلى "الروحية التي تنطوي عليها رقصات السامبا وما تحمله من استمتاع بالحياة".
وتشارك إياراسي سانتوس، وهي ممرضة تبلغ 64 عاماً، في المواكب منذ أن كانت في السابعة.
وتقول "في كل مرة أدخل فيها الجادة حيث تُقام العروض الصاخبة ينتابني شعور بأنني أختبر ذلك للمرة الأولى. وأشعر بتأثر كبير".