النهار

نساء ألبير كامو... عاشق ولهان قلبه يحضن حبّ امرأتين معاً
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
نساء ألبير كامو... عاشق ولهان قلبه يحضن حبّ امرأتين معاً
ألبير كامو وسيمون هييه
A+   A-
ليس بجديد أن ينجرف ألبير كامو الفيلسوف الكبير وراء حبّ النساء لسببين: لأنّ التوق الى المرأة متساوٍ عند الرجال مهما علا شأن أفكارهم وتطلعاتهم الفلسفية، إضافة الى أنّ النساء ينجذبن الى المشاهير في الحياة أو أصحاب الفكر والنفوذ، رغم أنّ متابعة سيرة حياة هذه الفئة لا تخلو من المتاعب للطرفين، أي للشخصية الشهيرة من جهة ولامرأته من جهة أخرى.

ألبير كامو رجل وسيم وجذاب أتقن في حياته جذب النساء. إذاً هو عاشق ولهان جداً طبعت حياته نساء عديدات لعبن دوراً في حياته. نبدأ بالأولى وهي والدته كاثرين نيي سينتيس ، التي خصّها في بعض كتاباته بخطّ يده، والتي عُثر عليها بعد وفاته. يتقمّص في هذه الكتابات بعنوان "الرجل الأوّل" شخصية جاك كورميري، الذي يجول بحثاً عن والده الذي توفي في العام 1914 ويصادف في خلال هذه المهمة بعض النساء.
 
 
لنعد الى الوالدة. من الصفحات الأولى، يروي ولادته بلهجة فيها الكثير من السخرية مشيراً في المقلب الآخر إلى أنّه أحبّ والدته بجنون مع تشديده على أنّ الأفق الضيق، الذي حكم مسار عيشه في شقاء مميت، بقي يلازمه حتى تحرّر منه بفضل الثقافة.

في التفاصيل، أنّ الطالب الطموح سينفتح على العالم ما ساهم باكتشافه المرأة وروعة وجودها بأنماط متقطعة ومن خلال قصص متعدّدة. سيمون هييه Hié اسم جزائري معروف من محيط عائلي جيّد، التقاها عندما كانت خطيبة الشاعر ماكس بول فوشيه. انجرفت سيمون في الإدمان، الذي وصفه كامو بالجنة الاصطناعيّة، أي الى المورفين والهيرون، ما انعكس سلباً على ذاتها.

رغم ذلك، اقترن بها كامو في العام 1934، وهو زواج لم يدم كثيراً بعد اكتشافه خيانتها له مع رجل آخر... امرأة أخرى في وقت قصير دخلت حياة كامو وهي كريستيان جاليندو. يصفها في كتاباته بدقة أنّها جميلة جدّاً ، سمراء البشرة وابنة المدرس، التي نجحت في الحصول على كتابات عشيقها أي كامو من خلال ملازمتها حياته بالكامل.

ماذا بعد!
 
 
 
سعى كامو لبناء صداقات مع نساء عديدات ولاسيّما رفيقاته في الحزب الشيوعي الفرنسي. أشارت معلومات إلى أنّه لم يقوَ على إهمال صداقة جمعته مع كلّ من جاين سيكار ومارغريت دوبرين وسواهما في الحزب.

هذا كلّه، لم يمنعه من العيش في حياة مزدوجة بين امرأتين أو حتى بين علاقات عاطفية متقطعة ومعقّدة لم يحسمها إلّا الانفصال عن الآخر.

يصف المحامي جان بابتيست كلامانس هذا الواقع بأنّ كامو لم يكن بإمكانه العيش إلّا من خلال اعترافه الشخصي أنّ كلّ من كان من حوله تحوّل الى شخصيات محرومة من الحياة المستقلة، أو من نمط عاطفيّ  يشبه ما كان عليه الكاتب الى حدّ ما."

ماذا يعني ذلك؟ ببساطة، كامو لم يكن يضبط أيّ إيقاع لشغفه الكبير بالنساء. سرعان ما يلتقي المرأة التي ستصبح زوجته وأماً لتوأم رُزق به يتألّف من كاثرين وجان.

هذه الزوجة هي فرانسين فور، عازفة البيانو الماهرة، التي لا تضاهى بأخ طبعاً. لكنّها متمرسة بعلم الرياضيات بمهارة توازي إحترافها الموسيقي.
تتمايز صاحبة الوجه الجميل بقدرتها على ضبط نفسها، مع تملكها الجرأة على مطالبة كامو برغباتها أي بأنّها تعترف له كيف تهوى أن يعشقها.

شخصية فور الجريئة مع بعض الحياء عند الحاجة طبعاً جذبت قلب كامو الشاب ولو لفترة محدودة.
تزوّج كامو بها في العام 1940 مدنياً في مدينة ليون، لكنّه ما لبث أن خسر عمله الصحافيّ في جريدة " باري سوار"، ما دفع فرانسين فور للعودة إلى الجزائر.

جنون الخيانة
 
 
 
حبّ جديد طرق باب كامو في زمن إحتلال النازيّين باريس. التقى كامو الممثلة ماريا كاساريس لتشكل فرصة جديدة لتجديد حياته.
لكنه تفاجأ بعودة زوجته فرانسين فور إلى باريس بعد انقطاع عنها فرضه البعد الجغرافي. لا نحتاج للقول أن الزوجة غرقت في حزن عميق بعد اكتشافها حبّاً جديداً في حياة زوجها ألبير كامو، الذي شعر بلوم كبير بعد أن أيقن أنه نتج عن خيانته لها إصابة زوجته بانهيار نفسي حاد أدى الى خضوعها لـعلاج بصدمات كهربائية.

كتب كامو ، بعد استشارة أحد المتخصصين عن حال زوجته، "أن الحاجة إلى المحافظة على صحة فرانسين تجعلني أعيش أسيراً في عنق الزجاجة..."

الحبّ الجديد في الولايات المتحدة. ففي العام 1946 ، توجه كامو الى الولايات المتحدة حيث التقى بعض الطلاب المبتهجين للقائه مع دليل خاصّ رافقه هو المرأة الجديدة في حياة كامو باتريسيا بليك، التي نجحت في جعله ينسى اقترابه من عمر الشيخوخة.

حب جديد يدقّ الأبواب في العام 1958. التقى بـMi ، عارضة الأزياء في جاك فايث، التي سهر على توفير منزل لإقامتها على مقربة من بيته في لورمران مع أفراد عائلته، الذين كانوا يعرفون عند تذرعه برغبته في التنزّه سيراً على الأقدام، انّه يرغب في الحقيقة في رؤية عشيقته.

كنية كامو
 
 
ختاماً، لا يمكن أن ننسى دور ابنته كاثرين كامو، المرأة الأخرى في حياته. ولدت عام 1945، كرست نفسها بشجاعة كبيرة متخلية عن وظيفتها كمحامية لإدارة أعمال والدها.
 
"عندما تحمل كنية كامو ، كما تقول ، يجب ألّا تثير معضلة المطالبة بالحقوق، بل من الأفضل التركيز على الواجبات". في الحقيقة، هذه المرأة، التي ورثت العبثية عن والدها، قامت بأمرين: الأوّل أنّّها أصرت على أداء قسم المحاماة في المستشفى العقلية، التي كانت تتعالج فيها والدتها، التي توفيت بعد هذه الفترة، فيما عمدت ثانياً في العام 1994 الى نشر بعض الكتابات لوالدها دون أيّ تنقيح.
 
هذه النساء جميعهنّ لازمن رجلاً بقي حرّاً كلّ حياته فهل شعرن بالتعاسة او الفرح المحدود الى جانبه؟
[email protected]
Twitter:@rosettefadel

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium