لا يزال رجل الأعمال و. وونغ الذي يعيش في هونغ كونغ يتذكر الجلبة التي سمعها في حيّه ذات يوم من عام 1972، عندما تحمّس الأطفال لشخصية ما لبثت أن أصبحت بطلاً لهم وأسطورة حقيقية، هي بروس لي.
كان سيد الفنون القتالية الذي ساهمت أفلامه في رواج الكونغ فو عالمياً من أوائل الآسيويين الذين عرفوا الشهرة في هوليوود، لكنّ مسيرته توقفت فجأة بفعل وفاته المبكرة قبل 50 عاماً.
لا تزال شعلة بروس لي متقدةً إلى اليوم في هونغ كونغ، حيث أمضى طفولته والسنوات الأخيرة من حياته، إذ لا يزال كثر من المعجبين به ينظمون سنوياً طوال أسبوع أنشطة تشكّل تحية للراحل، من بينها معارض وورش عمل مخصصة للألعاب القتالية.
وقال وونغ (54 عاما) الذي يدير أكبر ناد للمعجبين بالنجم في المدينة لوكالة فرانس برس، "كل طفل يحتاج إلى قدوة، وقد اخترتُ بروس لي".
وأضاف "كنتُ آمل في أن تكون حياتي كحياة بروس لي الذي أراه وسيماً وقوياً وصاحب مهارات كبيرة في الفنون القتالية وصورة بطولية".
ويحظى البطل الشهير بقدر كبير من التبجيل في إحدى قاعات التدريب على فن وينغ تشون القتالي المشتق من الكونغ فو والذي مارسه بروس لي قبل أن يخترع أسلوبه القتالي الخاص المسمى جيت كون دو.
وقال المسؤول عن هذه القاعة تشينغ تشي-بينغ (69 عاما) لوكالة فرانس برس إنه والأعضاء الآخرين بدأوا يتدربون متأثرين ببروس لي. وقال، "لم نتمكن قط من مضاهاة سرعته أو قوته أو لياقته البدنية".
وبقيت للبطل هالته المتألقة في الجيل التالي، على ما أفاد ميك لونغ (45 عاماً) الذي تلقى التدريب في هذه القاعة وجمع عندما كان مراهقاً أشرطة فيديو لبروس لي.
وقال لونغ، "عند التحدث عن "ملك فنون القتال"، يكون المقصود بروس لي وحده. لا يمكن أن يكون أي شخص آخر".
في هونغ كونغ، نشأ بروس لي المولود في سان فرنسيسكو عام 1940، واكتسب شهرة في سن مبكرة جداً كممثل طفل بفضل والده مغني الأوبرا الكانتونية الشهير.
وعندما بلغ الثامنة عشرة، تابع تحصيله العلمي في الولايات المتحدة، ثم تولى تدريس الفنون القتالية خلال العقد التالي، قبل أن يحصل على أدواره الأولى في هوليوود، وأبرزها دور كاتو في المسلسل التلفزيوني "ذي غرين هورنِت".
إلا أنه لم يحصل على أول دور رئيسي له إلا بعد عودته إلى هونغ كونغ، إذ تولى عام 1971 بطولة فيلم الفنون القتالية "ذي بيغ بوس" (1971)، ما أكسبه شهرة على مستوى آسيا.
وفي العام التالي، رسخ فيلما "فيست أوف فيوري" (قبضة الغضب) و"ذي واي أوف ذي دراغون" (طريق التنين) سمعته كمقاتل لا يُقهَر.
وفي 20 تموز 1973 ، أصيب الممثل الذي كان قد انتهى لتوه من تصوير فيلمه الرابع "إنتر ذي دراغون" (دخول التنين) وفي صدد إنجاز الخامس، بانتفاخ دماغي نشأ كرد فعل على المسكنات.
ورأى المخرج السينمائي آرون هان جون مانيان بارك الذي أعطى دروساً عن أفلام بروس لي في جامعة هونغ كونغ أن بروس لي كان يعبّر عن هوية صينية تتجاوز الحدود.
واعتبر في تصريح لوكالة فرانس برس أن بروس لي كان "نموذجاً للنجاح الناطق بالصينية في ما يتعلق بالقوة الناعمة، بخصائص هونغ كونغ".
وفي هوليوود، كانت صورته تتعارض مع الصور النمطية العنصرية التي جعلت الرجال الآسيويين إما خدماً أو أشراراً.
ووصف مانيان بارك المَشاهد التي كان بروس لي يظهر فيها عاري الصدر ومفتول العضلات بأنها "تعري الكونغ فو".
ولاحظ أنه "جعلَ الرجال الآسيويين مثيرين ، وهذا أمر لا يُحكى عنه بما فيه الكفاية".
وليس من السهل الحفاظ على إرث النجم في هونغ كونغ، وفق وونغ الذي شدد على أن الدعم الحكومي ظرفي.
في عام 2004، تمكن معجبوه من نصب تمثال برونزي له على الواجهة البحرية لهونغ كونغ، لكن حملة لإعادة تأهيل منزله السابق فشلت في إنقاذه من الهدم عام 2019.
وقالت ييب لوكالة فرانس برس إنها، من خلال زيارة معرض مخصص لبروس لي في متحف عام برفقة طفليها، شاءت أن تنقل إليهما "رمز هونغ كونغ القديمة".
ورأى ونغ الذي نظم معرضاً أصغر في منطقة شام شوي بو، أن الاهتمام ببروس لي يميل إلى التلاشي بين الشباب، لكنه اعتبر أن فلسفته قد تصبح مجدداً شائعة.