يحتفظ علماء في قلب منطقة جبلية من كوستاريكا بكنز من البذور جُمع على مرّ العقود، ليكون ضمانة بوجه تهديدات انعدام الأمن الغذائي والتغير المناخي.
تُحفظ نحو 6 آلاف و200 عيّنة، تُمثّل أكثر من 125 نوعاً مختلفاً من النباتات ذات الاستخدام الغذائي، في مركز البحث والتعليم في مجال علم الزراعة الاستوائية. ويحتوي المركز القريب من مدينة توريالبا على مسافة حوالي ستّين كلم من العاصمة سان خوسيه، على ثاني أكبر مجموعة في العالم من بذور اليقطين، فضلاً عن مزروعات أخرى كالبنّ والكاكاو والفلفل الحريف.
(أ ف ب)
تُخزّن بعض البذور في حرارة متدنّية تصل إلى 18 درجة مئوية تحت الصفر، ويمكن في هذه الظروف الاحتفاظ بها من دون أن يطالها أيّ تلف لمدّة تصل إلى أربعين عاماً لدواعي البحث والهندسة الجينية لإنتاج عيّنات أكثر مقاومة للطفيليات والأمراض أو حتى التغير المناخي، أو لتبديل أجناس في طور الانقراض. أما البذور الأكثر دقّة مثل بذور أشجار الفاكهة فتُزرع.
على رفوف قاعة مبرّدة في المركز، تتكدّس مئات الظروف الفضيّة التي تحتوي على بذور أنواع مختلفة من الذرة والفاصوليا والفلفل والطماطم من نحو ستّين بلداً، معظمها من دول المنطقة.
في الإطار، أوضح الباحث في الموارد الوراثية النباتية في المركز وليام سولانو لوكالة "فرانس برس" أنّ البذور التي جُمعت منذ العام 1976 محفوظة "لاستخدام حاليّ أو مستقبليّ".
الأمن الغذائي
"ردّاً على التغير المناخي، لدينا هنا موارد مهمّة للأمن الغذائي مكيّفة" لظروف مناخية متنوعة ما بين الرطوبة والجفاف الشديد، يقول سولانو.
بدورها، أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) بأنّ 735 مليون شخص يمثلون 9,2 في المئة من سكّان العالم عانوا الجوع عام 2022، في وقت ينعكس التغير المناخي على عدد متزايد من المزروعات.
إلى إمكانية توفير بذور قد تكون انقرضت، أوضح دانيال فرنانديز عالم الزراعة في المركز أنّ هذه المجموعة تُعتبر أيضاً بمثابة محفوظات وراثية في وقت تخضع البذور لتعديلات متزايدة بهدف زيادة إنتاجيّة المحاصيل، ولا سيما في ظلّ تخلّي المزارعين عن الأصناف التقليدية من المزروعات مع وصول بذور هجينة وأنواع معدلّة ذات مواصفات معززة.
بحسب الفاو، فإنّ بنوك البذور تُساعد في الحفاظ على "الأنواع الأكثر تكيّفاً" مع منطقة معيّنة. وجاء في وثيقة منشورة على موقع المنظمة الإلكتروني أنّه "مع الوطأة الشديدة للتغيّر المناخي على الإنتاج الزراعي، من المهم زراعة الأنواع المحلية التي تتمتّع بدرجة عالية من التنوّع الجينيّ، لأنّ هذه الأصناف لها قدرة أكبر على المقاومة والتكيّف مع الضغط والتغييرات البيئية".