النهار

بعد انسحاب العلامات التجارية الغربية... قطاع الموضة الروسي يسعى لإثبات نفسه رغم التحديات
المصدر: "النهار"
بعد انسحاب العلامات التجارية الغربية... قطاع الموضة الروسي يسعى لإثبات نفسه رغم التحديات
متاجر ملابس روسية. (أ ف ب)
A+   A-
على الرّغم من النقص في المعدّات والبضائع والأقمشة، تكافح ‏صناعة الموضة في روسيا لسدّ الفجوة التي خلّفها انسحاب ‏العلامات التجارية الغربية الكبيرة منذ بدء الغزو الروسي ‏لأوكرانيا‎.‎

بعدما كانت تاسع أكبر مستورد للملابس الأوروبية قبل العام ‏‏2022، شهدت روسيا تراجعاً في وارداتها الأوروبية السنوية ‏بنسبة 37,2% العام الماضي، وفق موقع أخبار عالم ‏الموضة والعاملين فيه "فاشن نتوورك"‏‎.‎

في الفترة نفسها، تقلّصت الحصة السوقية للعلامات التجارية ‏الغربية بنسبة 46%، وفق شركة "أنترو" المتخصصة‎.‎

تقول السلطات الروسية إن "العقوبات تمثّل فرصة لبناء ‏صناعات خفيفة لم تمتلكها روسيا من ذي قبل إذ كانت تركّز ‏في شكل خاص على المواد الخام والصناعات الثقيلة"‏‎.‎

بُذلت جهود في هذا الصدد للمرة الأولى بعد فرض عقوبات ‏على موسكو عقب ضمّ شبه جزيرة القرم في العام 2014، ‏لكن الجهود أصبحت ثابتة أكثر منذ بدء الغزو الروسي ‏لأوكرانيا في 24 شباط 2022 الذي ساهم في ‏عزلة موسكو على الساحة الدولية‎.‎

في قطاع الملابس، تقدّم الحكومة الروسية دعماً ماليا بهدف ‏تطوير الصناعة المحلية وشعار "صُنع في روسيا"‏‎.‎

وتقول نائبة رئيسة اتحاد رواد الأعمال في الصناعات الخفيفة ‏في روسيا ناديغدا سامويلينكو لوكالة "فرانس برس": "تنتعش ‏الصناعة الخفيفة بعد 30 عاماً من الركود في المرحلة اللاحقة ‏لانهيار الاتحاد السوفياتي‎.‎

لكن هذه الثورة الصناعية الصغيرة لا تزال في مراحلها ‏الأولى، لا سيّما في ظلّ النقص في الكوادر والعمّال ‏المتخصصين والأقمشة‎.‎

وتذكّر سامويلينكو، التي تعمل في القطاع منذ العام 1978، ‏أن الصناعة الخفيفة تراجعت مع انهيار الاتحاد السوفياتي، إذ ‏توقفت روسيا عن إنتاج الأقمشة وفقدت نظام تدريب العمّال‎.‎ ونتج عن ذلك نقص لدى المصانع بالمتخصصين "يتراوح بين ‏‏25 و50‏‎%‎‏". ‏لذلك لا تزال صناعة الملابس في روسيا قطاعا ضيّقا جدا‎.‎

وتقول رئيسة الجمعية الروسية لصناعة الموضة تاتيانا ‏بيلكيفيتش لوكالة "فرانس برس" إن العلامات التجارية مثل ‏‏"لايم"‎ Lime ‎أو "ليديز إند جنتلمن"‎ Ladies and ‎Gentlemen ‎‏ التي تحلّ محلّ علامتَي "إتش أند إم" H&M ‎ و"يونيكلو" ‎ Uniqlo‎، ‏‎"‎تصنّع بضاعتها في آسيا في المصانع ‏نفسها التي تستعملها الشركات الغربية التي غادرت روسيا". ‏

تطرح شركة "يو"‎ YOU ‎نفسها، والتي يقع مقرّها في مدينة ‏سان بطرسبورغ، كبديل لعلامة "ماسيمو دوتي" التجارية ‏الإسبانية المنتمية لمجموعة "إنديتيكس" التي أغلقت أكثر من ‏‏500 من متاجرها بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا‎.‎

تصنّع الشركة بضاعتها في روسيا لكن الكميات لا تزال قليلة. ‏تقول "يو" إنها ضاعفت إنتاجها العام الماضي إلى أربعة آلاف ‏قطعة‎.‎

وتسعى الشركة إلى مضاعفة إنتاجها أيضاً بحلول السنة ‏‏2024 "حتى لو تضاعفت أيضاً مواعيد تسليم المواد الخام ‏والإمدادات من آسيا"، حسبما قالت رئيسة الشركة يفغينيا ‏موسيتشوك لوكالة "فرانس برس"‏‎.‎

وزادت الشركة عدد موظفيها ثلاثة أضعاف خلال 18 شهراً ‏وفتحت ستة متاجر، لكنها لا تزال بعيدة عن الإنتاج الضخم. ‏وينقصها 25% من الخياطات والخياطين اللازمين لإنتاجها‎.‎
ويزداد عدد شركات الملابس بوتيرة عالية في روسيا‎.‎ ففي موسكو وحدها، يتحدّث رئيس البلدية سيرغي سوبيانين ‏عن زيادة بـ6,6 أضعاف بإنتاج الملابس‎.‎

وارتفع عدد الشركات في هذا القطاع بنسبة 20% بين 2021 ‏و2021، وفق وكالة روساكريديتاتسيا الرسمية‎.‎

غير أن الأسماء الروسية ليست ناجحة من ناحية التسويق، ‏لذلك تختار الغالبية العظمى من العلامات التجارية أسماء ‏انكليزية‎.‎

وتقول بيلكيفيتش، "في قلبه، لا يزال المستهلك الروسي تحت ‏تأثير القوة الناعمة للغرب"، مضيفة أن العلامات التجارية ‏‏"المحلية تريد، في نهاية المطاف، الوصول إلى (الأسواق) ‏الأجنبية".

وتقول المستشارة في تنمية قطاع الملابس ستانيسلافا ‏ناجميتدينوفا إن عامل التكلفة يلقي بثقله على تطوّر الصناعة ‏المحلية، مشيرة إلى أن المستهلك يفضّل الشراء بأسعار ‏رخيصة على الشراء من مصادر محلية‎.‎

ووفق شركة "فاشن كونسالتينغ غروب" ‎ Fashion ‎Consulting Group، ارتفعت أسعار الملابس بنسبة ‏‏30% مع زيادة تعقيد سلاسل الخدمات اللوجستية بسبب ‏العقوبات ووصول الروبل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق ‏مقابل الدولار‎.‎

وتضيف ناجميتدينوفا، "يقول الروس اليوم إنهم منفتحون أكثر ‏على العلامات التجارية المحلية، لكن هل لديهم خيار آخر حقًا ‏في الواقع؟"‏‎.‎

ولا يزال نحو 45% من الروس يشترون بضائع من علامات ‏تجارية غربية يطلبونها عبر قنوات استيراد موازية، وفق ‏شركة التدقيق والاستشارات‎ B1 ‎التي كانت الفرع الروسي ‏السابق لشركة‎ EY ‎العملاقة‎.‎



اقرأ في النهار Premium