تحاول العديد من الشركات العالمية الحفاظ على وتيرة نشاط موظفيها من دون استنفاد طاقتهم.
وفي السياق، قرّرت الشركة البيئة "تايلر غرانغ" Tyler Grange في بريطانيا عام 2011، إعطاء موظفيها يوم إجازة شهرياً، لدراسة احتياجاتهم خارج العمل، اذ تبيّن أن عدداً من الموظفين أمضوا وقت فراغهم في الحياة البرية. ومن هنا، اتخذت الشركة ما قد يعتبره البعض خطوة مهمّة تجاه رفاهية العمال من خلال تشغيل جميع الموظفين أربعة أيام عمل في الأسبوع، بحسب ما نقلت الـ"بي بي سي".
وانضمت الشركة إلى أكبر تجربة أجريت في المملكة المتحدة السنة الفائتة وتركّزت على تقليص أيام العمل الى أربعة أيام في الأسبوع، إذ كان هدف التجربة تقييم ما إذا كان في إمكان الشركات الحفاظ على الإنتاجية مع تقليص وقت العمل، ومن دون تكبّد بخسائر مادية.
وتفاجأت شركة "تايلر غرانغ" بالنتائج واعتبرتها إنجازاً، حيث أظهرت ارتفاع الإنتاجية اليومية بنسبة 22 في المئة. وكان أورسيل حريصًا أيضًا على قياس نتيجة أخرى: تأثير أسبوع العمل الأقصر في إطار الصرف الكربوني، وقد تبيّن أن أسبوع العمل لمدة أربعة أيام كان مفيدًا بشكل مدهش.
وقال مدير الشركة: " شهدنا انخفاضًا بما يقارب نسبة 21 في المئة في عدد المسافة المقطوعة بالسيارة (ميل)"، ولفت إلى أنهم ألغوا الاجتماعات والسفر التي لم تكن ضرورية. استغل العديد من الموظفين أيام إجازتهم الإضافية للمشاركة بشكل أكبر في العمل التطوعي المناخي.
من جهة أخرى، اكتسبت هذه التجربة إقبالاً واسعاً في العديد من البلدان، منها الولايات المتحدة وإيرلندا، بينما اختبر القطاع العام في أيسلندا والشركات في إسبانيا والسويد وبلجيكا واليابان ونيوزيلندا تأثير أسبوع عمل أقصر.
وكانت تجربة المملكة المتحدة الأكبر حتى الآن، إذ شاركت فيها أكثر من 60 شركة ومؤسسة. ونشرت النتائج النهائية هذا الشهر، ووافقت العديد من الشركات على الدراسات السابقة: أسبوع عمل أقصر يمكن أن يساعد الكوكب.
من جهتها، اعتبرت جولييت شور الخبيرة الاقتصادية وعالمة الاجتماع في كلية بوسطن والباحثة الرئيسية في مشروع "4 أيام أسبوع عالمي" أنّ أسبوع العمل الأقصر هو المفتاح لتحقيق خفض انبعاثات الكربون التي يحتاجها العالم.
وأضافت: "على الرغم من صعوبة قياس الفوائد المناخية، إلا أن لدينا الكثير من الأبحاث تظهر العلاقة التي تربط تقليل الدول ساعات العمل مع الوقت، بانخفاض انبعاثات الكربون، وارتبط انخفاض ساعات العمل بنسبة 10 في المئة بانخفاض 8.6 في المئة من صرف الكربون"، وفقًا لدراسة شاركت فيها شور عام 2012.
ومن أهم الفوائد المناخية التي يوفرها العمل لأربعة أيام في الأسبوع هو انخفاض التنقل. وتُظهر البيانات من تجربة المملكة المتحدة التي شاركت فيها Future Planet انخفاضًا بنسبة 10 في المئة خلال الفترة التجريبية، ما يمثّل انخفاضًا كبيرًا، كما أنّ تجربة الولايات المتحدة لعام 2022 أنتجت انخفاضاً أكبر بنسبة 27 في المئة.
وتلفت شور إلى أنّه "حين يعمل الناس أقل يكون لديهم وقت للأنشطة المستدامة التي غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلاً".
وانخفضت انبعاثات الكربون المتعلقة بإرسال البيانات وتخزينها بشكل كبير، إذ "يمكن لمراكز تخزين البيانات الضخمة أن تستهلك نفس كمية الكهرباء التي يستهلكها ما يقارب 50000 منزل. يقول أورسيل في هذا الإطار إنّ لدى تقليص حركة الأعمال عبر الإنترنت تأثيراً كبيراً على الانبعاثات".
وهدف مشروع "العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع" هو تحسين الإنتاجية من خلال تجنب العمل الزائد، والشحن بالطاقة.
لكن بالرغم من العدد المتزايد من التجارب، لا تزال البيانات قليلة لفهم تأثير الانتقال إلى أربعة أيام عمل في الأسبوع بشكل كامل على المناخ.