النهار

الصحّة محور الخطط الوطنيّة لمكافحة تغيّر المناخ
المصدر: "النهار"
الصحّة محور الخطط الوطنيّة لمكافحة تغيّر المناخ
تعبيرية.
A+   A-

قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بتغيّر المناخ (COP-28)، نشرت منظمة الصحة العالمية "مراجعتها للصحة لعام 2023 في المساهمات المحدَّدة وطنياً والاستراتيجيات الطويلة الأجل" التي تسلّط الضوء على الإجراءات اللازمة لضمان إعطاء الأولوية الكاملة لصحة الناس وإدماجها في الخطط الوطنية لمحاربة تغيّر المناخ.

 

تغيّر المناخ يضرّ بالفعل بصحة الإنسان ورفاهيته، ويسبّب أمراضاً تنجم عن الظواهر المناخية المتطرفة، مثل ارتفاع أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي الناجمة عن الحرارة الشديدة وتلوّث الهواء على التوالي، إذ لا مفرّ من تأثيرات المناخ على صحة الإنسان.

 

في الإطار، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، "إنّ صحة البشر وكوكبنا مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً. وبعد سنوات من الوعود، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لحماية كلتيهما. إنّ السياسات المناخية المرتبطة بالنتائج الصحية هي وحدها التي ستؤدي إلى الإجراءات اللازمة لإنقاذ الأرواح والوقاية من الأمراض وبناء مجتمعات أكثر صحة وعدالة".

 

تعميم الصحة في الاستراتيجيات الوطنية للمناخ

لقد تمّ إحراز تقدّم كبير بدمج الصحة في المساهمات المحدّدة وطنياً (NDCs) والانبعاثات المنخفضة الطويلة الأجل واستراتيجيات التنمية (LT-LEDS)، وهي أدوات السياسة الرئيسية للحدّ من الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيّف مع المناخ على النحو المنصوص عليه في اتفاقية باريس.

 

وقد أحرزت البلدان تقدماً كبيراً في الاعتراف بتهديد التغيّر المناخي لصحة الإنسان والكوكب في خططها الوطنية للتصدّي لتغيّر المناخ. ولكنّنا بحاجة إلى رؤية هذه الالتزامات تتزايد وتتسارع، وإلى تمويلها بما يكفي لضمان استجابة عادلة تحمي الصحة والكوكب.

وقالت الدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة البيئة وتغيّر المناخ والصحة في منظمة الصحة العالمية، إنّ هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع الوفيات الناجمة عن تلوّث الهواء. وعلى الرغم من هذا التقدّم، لا تزال هناك فجوات كبيرة في الإجراءات المتخذة. ومن شأن الإجراءات بشأن تلوّث الهواء أن تنقذ الأرواح، إلّا أنّ 16 في المئة فقط من المساهمات المحددة وطنياً تتضمّن أهدافاً أو تدابير أو سياسات مستقلّة للحدّ من تلوّث الهواء.

 

ويُعدّ تلوّث الهواء أحد أكبر المخاطر البيئيّة على الصحة. ويتسبّب تلوّث الهواء المحيط (الهواء الطلق)، وتلوّث الهواء المنزليّ معاً، بوفاة نحو سبعة ملايين شخص مبكراً، كلّ عام، بسبب أمراض القلب، والسكتة الدماغيّة، وسرطان الرئة، وأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والالتهاب الرئوي، والتي تؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

 

ومن خلال تكثيف العمل لخفض انبعاثات الكربون، ستشهد البلدان أيضاً فوائد صحيّة أوسع نطاقاً. على سبيل المثال، يؤدّي تشجيع المشي وركوب الدراجات ودعم التحوّل إلى أنظمة غذائيّة مستدامة وصحيّة إلى تحسين الصحة مع تقليل التأثيرات على المناخ.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقَّع أن تجني البلدان فوائد صحيّة تفوق الاستثمارات المالية اللازمة للتخفيف من آثار تغيّر المناخ. على سبيل المثال، تشير تقديرات LT-LEDS في الولايات المتحدة الأميركية إلى أنّ التحسينات في نوعية الهواء، التي ستأتي من تنفيذ تدابير التخفيف من تغيّر المناخ، يمكن أن تمنع ما يصل إلى 300000 حالة وفاة، وأن تجنّب حدوث أضرار صحيّة ومناخيّة بقيمة 150-250 مليار دولار أميركيّ بحلول عام 2030. وعلى نحو مماثل، تقرّ LT-LEDS في بلدان أخرى، بما في ذلك فيجي والمغرب وإسبانيا، بأنّ الوصول إلى أهداف التخفيف من تغيّر المناخ سيؤدي إلى تحقيق وفورات اقتصادية بفضل الحدّ من تلوّث الهواء.

 

تعاني الإجراءات المناخية الخاصّة بالصحّة من نقص التمويل

 

التمويل المستدام للمناخ أمر ضروريّ للتكيّف في مجال الصحة، وللتخفيف من آثاره. لكن الصحّة لا تزال تعاني من نقص مزمن في التمويل في الخطط الوطنية لمعالجة تغيّر المناخ.

وتعتمد قدرة البلدان على المشاركة في إجراءات التكيّف مع تغيّر المناخ والتخفيف من آثاره بنسبة كبيرة على قدرتها المالية. وفي كثير من الأحيان، تكون البلدان الأكثر عرضةً لتأثيرات أزمة المناخ هي تلك التي لا تملك الموارد اللازمة لتمويل العمل المناخي.
 

وتعتمد معظم البلدان على الدعم المالي الدولي للعمل المناخي. وتتضمّن واحدة فقط من كلّ عشر مساهمات محدّدة وطنياً تمويلاً محليّاً لبعض أو كلّ إجراءاتها الصحيّة. وتتضمّن واحدة فقط من كلّ خمس استراتيجيات طويلة المدى أحكاماً محددة للتمويل الصحي مثل الضرائب والرسوم وآليات تسعير الكربون.

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium