النهار

الألعاب الناريّة في رأس السنة القمريّة تقليد صيني تهدّده القيود
المصدر: أ ف ب
الألعاب الناريّة في رأس السنة القمريّة تقليد صيني تهدّده القيود
عمال في مصنع للألعاب النارية في ليويانغ بمقاطعة هونان بوسط الصين (31 ك2 2024، أ ف ب).
A+   A-
تجهّز متاجر الألعاب النارية في هانغجو الصينية أنفسها بكل أنواع المفرقعات، من صواريخ ونوافير وسواها، استعداداً لتلبية الطلب الكثيف في مناسبة السنة القمرية الجديدة، إذ أنها واحدة  من المدن القليلة في الصين التي يُسمح للسكان فيها بتفجير رغبتهم في ممارسة هذا التقليد.

ويبدأ عام التنين السبت في الصين، لكنّ المشهد اليوم مختلف عمّا كان عليه في الماضي، إذ كانت المدن الصينية تبدو أشبه بساحات حرب خلال الاحتفالات بالعيد، نظراً إلى أن إشعال المفرقعات كان إحدى العادات الراسخة لدى الصينيين إيماناً منهم بأن هذا التقليد يساهم في درء الأرواح الشريرة.

لكنّ الألعاب النارية باتت في الوقت الراهن محظورة في الكثير من المدن الكبرى، حرصاً من سلطاتها على تجنب الحرائق التي قد تسببها، أو الحؤول دون تلوث الهواء بانبعاثاتها، مما يثير جدلاً حاداً في شأن هذا التراث غير المادي.

ولاحظ صاحب متجر في هانغجو (شرق الصين) يُدعى يي في تصريح لوكالة فرانس برس أن "الألعاب النارية تقليد ينتقل من جيل إلى جيل. ومن دونها، يسود انطباع بأن أجواء العيد والفرح بالعام الجديد غائبة".

لكنّ السلطات المركزية الصينية دعت هذه السنة إلى تخفيف حدّة القيود المفروضة.

وفي كانون الأول، اعتبر البرلمان بعد إعلان عدد من المدن الصغيرة عن قيود مشددة أن "من غير القانوني" إصدار السلطات المحلية حظرا شاملا.

ورأى تلفزيون "سي سي تي في" الحكومي في افتتاحيته أن "الصينيين عملوا بجد طوال العام" وبالتالي يجب أن "يكون لهم الحق في الاستمتاع بالألعاب النارية الرائعة" خلال الأعياد.

فهذه الألعاب لا تزال تحظى بشعبية كبيرة في المجتمع الصيني رغم الخطورة التي تنطوي عليها.

- "تقليد صيني" -
في مطلع عام 2023، بعد وقت قصير من وقف العمل بالإجراءات الصحية الصارمة لاحتواء جائحة كوفيد-19، أصبح حظر الألعاب النارية بمثابة الفتيل الذي فجّر السخط الشعبي المتراكم خلال الجائحة.

وتعمّد السكان في مدن عدة إشعال الألعاب النارية في تحدّ للقيود المفروضة.

وفي إحدى مدن مقاطعة خنان في وسط الصين، تواجهت مجموعة من السكان في مطلع كانون الثاني 2023 مع رجال أمن كانوا يحاولون تطبيق القواعد، وقلبوا سيارة للشرطة.

وكانت هانغجو التي تقع على بعد ساعة بالقطار من شنغهاي واحدة من المدن التي وسعت المنطقة التي يُسمح فيها للسكان بإشعال الألعاب النارية.

ونتيجة لذلك، يتدفق عدد كبير من الزبائن إلى متجر عائلة جيانغ في المدينة.

وأعرب جاو لي، وهو زبون أربعيني، عن ارتياحه، إذ "لم تُرفع القيود بالكامل في العام الفائت، لكنها رُفعَت هذه السنة". وأضاف "هذا ما كان الناس ينتظرونه، لأنه تقليد صيني".

في الخارج، رمى طفل مفرقعات صغيرة على الأرض مما أخاف المارة.

ولكن حتى هذه الألعاب النارية الصغيرة محظورة في المناطق الحضرية في بيجينغ وشنغهاي. ووضعت مدن أخرى قواعد دائمة التغيّر وتتسم في كثير من الأحيان بالغموض، تطبقها بشكل غير متساو.

- تراجع المبيعات -
وتفاخرت امرأة من مقاطعة غوانغدونغ (جنوب الصين) على موقع التواصل الاجتماعي ويبو في شباط الفائت بأنها استيقظت مع عائلتها "في منتصف الليل لإشعال الألعاب النارية سرا". وأضافت "شعرنا وكأننا لصوص".

وتؤثر المصالح الاقتصادية أيضاً على قرارات السلطات.

فمقاطعة هونان الوسطى، وهي المقاطعة الصينية الأكثر إنتاجاً للألعاب النارية، صدّرت مفرقعات بقيمة 4,4 مليارات يوان (نحو 612 مليون دولار) إلى دول أخرى عام 2023.

وقال أستاذ القانون شي جيونغ في مقابلة حديثة مع "سي سي تي في" إن الحظر يسيء إلى سلاسل التوريد.

ومع ذلك، فإن التباطؤ الاقتصادي يؤثر على استهلاك الأسر، وينفق الزبائن أقل هذه السنة في متجر جيانغ في مدينة هانغجو.

وإذ أقرّت بائعة من الأسرة تبلغ 34 عاما بأن "الألعاب النارية ليست من الضروريات"، لاحظت أن "الوضع الاقتصادي ليس جيداً هذا العام، لذا تراجعت المبيعات".

وأفادت متاجر أخرى وكالة فرانس برس بأن الوضع مماثل لديها، إذ أن "الناس لا يريدون أن يروا أموالهم تختفي في ثوان"، على ما قال أحد مسؤوليها.

وغير إن الألعاب النارية تبقى بالنسبة إلى الكثيرين عنصراً أساسياً لا غنىً عنه في الاحتفالات.

وفي متجر جيانغ، جاء رجل يدعى نيو (35 عاماً)، لشراء المفرقعات رغبة منه في تعريف أبنائه بتقليد السنة الجديدة.

وقال "إنها طريقة للتعبير عن التمنيات بالسلام (...). إنها نوع من البركة".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium