ذرفت سودات شيرماتوفا "دموع الفرح" بعد أن رفعت أوزبكستان الجمهورية السوفياتية السابقة ذات الأغلبية المسلمة، الحظر الشهر الماضي على عمل النساء سائقات للحافلات... وهو حدث انتظرته طويلاً لتحقق حلمها القديم بامتهان هذا المجال.
وقالت المرأة البالغة 49 عاماً، والتي كانت تعمل في صيانة وسائل النقل العام في العاصمة الأوزبكية طشقند "أنتظر ذلك طويلاً".
وتقود شيرماتوفا حالياً حافلات كهربائية على الخط رقم 51 الذي يجوب شوارع طشقند - أكبر مدينة في آسيا الوسطى ويبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.
ولفتت شيرماتوفا إلى أن زوجها، وهو سائق حافلة أيضاً، كان قلقاً في البداية لكنه قدّم لها "الدعم الكامل" رغم أنه "يطلب مني كل يوم أن أكون حذرة".
وتشكل رؤية امرأة تقود حافلة مشهداً غير عادي في أوزبكستان التي يبلغ عدد سكانها حوالي 35 مليون نسمة ولا تزال قيمها الاجتماعية ذكورية إلى حد كبير.
وقالت شيرماتوفا "في البداية، نظر إلي الكثير من الناس في حالة صدمة. وسألني بعض الرجال إذا لم يكن الأمر صعبا للغاية بالنسبة لي. وظل آخرون صامتين ولكن بدا عليهم الرفض"، "لكنني لست قلقة، وأتلقى الكثير من التشجيع والتهاني".
أ ف ب
- مجتمع ذكوري -
قبل أن تبدأ قيادة الحافلة على الخط 51، تدربت شيرماتوفا لأيام مع زميلها محمود مسلموف البالغ 69 عاما.
وقال مسلموف "إنه لأمر جيد للغاية أن يُسمح للنساء بقيادة الحافلات، خصوصاً أن المركبات باتت عملية أكثر وقيادتها أصبحت أسهل مما كانت عليه في العهد السوفياتي".
ولفت إلى أن النساء كنّ يقدن الحافلات في الحقبة السوفياتية ضمن شروط معينة.
وفي جميع أنحاء آسيا الوسطى، أدى الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي في عام 1991 إلى انتشار مفاهيم أكثر تحفظاً تجاه دور المرأة في المجتمع، بعدما كانت هناك مساواة أكبر بين الجنسين في ظل الشيوعية.
ولا تزال النساء في وسط آسيا ممنوعات من مزاولة مهن كثيرة، بما يشمل قطاع المواد الأولية.
وقال الناطق باسم وزارة النقل نودير خودوبيردييف "في أوزبكستان، كان يُمنع على النساء قيادة الشاحنات التي تزيد حمولتها عن 2,5 طنين والمركبات التي تقلّ أكثر من 14 شخصاً"، لكنّ "الحكومة رفعت هذه القيود للسماح للنساء بالعمل".
ويتماشى الإصلاح مع التحرير التدريجي في البلاد خلال حكم الرئيس شوكت ميرضيايف، الذي يدير نظاماً يخضع لرقابة مشددة من دون معارضة سياسية حقيقية منذ عام 2016.
- "مثال للمرأة الأوزبكية" -
وفي إصلاح مهم آخر، صوت البرلمان الأوزبكي على قانون يفرض حصة قدرها 40% من المرشحات في الانتخابات البرلمانية.
وشكّل ذلك محاولة لتحقيق التوازن في المشهد السياسي الذي تغيب فيه النساء إلى حد كبير باستثناء سعيدة ميرضيايفا، ابنة الرئيس.
وأشارت الأمم المتحدة في تقرير لها عام 2020 إلى أنه بينما كانت الحكومة الأوزبكية تتخذ خطوات نحو معالجة عدم المساواة بين الجنسين، لم يكن هناك تغيير يذكر في الحياة اليومية لمعظم النساء.
لكن هذا الوضع قد يتغير.
وأوضحت نرجسة غادويفا، سائقة الحافلة الوحيدة الأخرى في أوزبكستان حتى الآن، أنها اغتنمت فرصة الحصول على دور جديد في المجتمع.
وقالت هذه السيدة المحجبة البالغة 57 عاماً، وهي مدربة قيادة سابقة "في البداية كنت قلقة. كان أطفالي يعارضون قيادتي للحافلة. لكنني ثابرت على موقفي".
ولفتت إلى أن التهاني الكثيرة التي تلقتها طغت على القلق الذي عاشته في البداية.
وقالت غادويفا "أعتقد أن حالتي ستحفز نساء أخريات على قيادة (الحافلات). أريد أن أكون مثالاً للمرأة الأوزبكية، لإظهار أننا قادرات على القيام بأشياء كثيرة".
وأضافت "عليكِ أن تؤمني بنفسِك وبقوتِك. الأهم هو التحلي بالصبر والثقة. وبعد ذلك يأتي كل شيء آخر".