تمتلئ المخيمات التي تنتشر في الطريق إلى قمة جبل إيفرست بالنفايات بفعل الإقبال الكثيف والمتزايد عليها، مما دفع فريقاً من الطلاب الفرنسيين لاحظ أن حملات التنظيف غير كافية، إلى إنشاء مركز لإعادة التدوير عند سفح ما يُعرف بـ"سطح العالم".
وأُطلق مشروع "الفرز العالي من أجل إيفرست" عام 2020، ويتولى متابعته كل سنة جيل جديد من الطلاب المتحمسين جداً، ويؤمل في أن يدخل مرحلته التشغيلية هذا الصيف على الرغم من العقبات الفنية والبيروقراطية.
ويترك متسلقو الجبل وراءهم كل سنة أكثر من عشرة أطنان من النفايات على سفح "العملاق الأبيض"، بحسب بعض التقديرات، وأقصى ما كانت تفعله بعثات التنظيف حتى الآن كان "نقل جزء من النفايات إلى نقاط أدنى علّواً بقليل"، على ما أوضح المؤسسون على مدوّنتهم.
ويطمح فريق الطلاب الذي يتألف هذه السنة من خمسة طلاب هندسة من INP-Ense وهندسة معمارية من ENSAG في مدينة غرونوبل الفرنسية إلى أن يحقق أكثر من ذلك، إذ يسعى إلى تحقيق حل "مستدام" للنفايات البلاستيكية.
ويتمثّل المشروع الذي تأجل وعُدّل أكثر من مرّة، في بناء مركز لإدارة النفايات مجهّز بآلات الفرز وإعادة التدوير في بانغبوتشي، على ارتفاع أربعة آلاف متر فوق مستوى سطح البحر، وهي أعلى قرية مأهولة على مدار السنة وتشكّل "موقعاً استراتيجياً" في منتصف الطريق بين منطقة النزل الفندقية والمخيّمات الواقعة عند سفح الجبل.
ويهدف المشروع الذي يُنّفذ بالتشاور مع المنظمات المحلية، ولا سيما لجنة مكافحة التلوث في ساغارماثا إلى تحويل جزء من المواد البلاستيكية في الموقع أشياء صغيرة أو تماثيل لحيوانات القطاس (ياك)، على أن تنقَل النفايات المتبقية إلى كاتماندو لإعادة تقييمها.
- "أشبه بالطريق السريع" -
لكنّ العوائق التي لا تزال تؤخر المشروع كثيرة، ومنها الاختيار النهائي للموقع، وتأمين الطاقة للآلات في منطقة لا تحصل إلا على القليل من التيار الكهربائي ولا طريق للوصول إليها، فضلاً عن البيروقراطية النيبالية، على ما افاد الفريق الذي وصل إلى نيبال في كانون الثاني وأُبلغ أخيراً بتأجيل جديد.
وفي انتظار الحصول على ترخيص يتناسب مع تصنيف المنطقة كمتنزه وطني، لا يمكن البدء ببناء مركز الفرز قبل تموز المقبل، عندما يكون الطلاب عادوا إلى فرنسا، وفق ما أوضحت كليمانس سانغوار التي اتصلت بها وكالة فرانس برس عبر الهاتف من بانغبوتشي. وقالت طالبة الهندسة: "نشعر بخيبة أمل بعض الشيء لأننا لن نستطيع المشاركة في البناء".
وأضافت "لم نكن نتوقع هذا القدر من المعاملات الإدارية، إذ اكتشفنا الخطوات المطلوبة مع تقدمنا في العمل، ولكننا وضعنا أسساً متينة إلى حد ما، مما يعني أن المشروع لا يمكن إلا أن يكون مستداماً". واضافت "لا يزال الهدف وضع المركز في الخدمة في صيف 2025."
وتتزايد أعداد الراغبين في تسلّق جبل إيفرست الذي يوصف أحياناً بأنه "أعلى مكب نفايات في العالم"، وتوقعت رابطة منظمي الرحلات الاستكشافية في نيبال الشهر الفائت أن يحاول 400 متسلق على الأقل الوصول إلى القمة في فصل الربيع وحده. وقد بدأ الموسم بالفعل، وبلغت كثافة المتسلقين حداً جعل كليمانس سانغوار تشبّه الطريق المؤدي إلى مخيمات السفح بـ"الطريق السريع".
وتحسباً لهذه المشكلة، أعلنت السلطات النيبالية أخيراً إلزام المتسلقين التزوّد بأكياس قابلة للتحلل لإعادة نفاياتهم التي كانت حتى الآن تُترَك في مكانها.
- حلقة مفقودة -
وبادر الطلاب حرصاً منهم على تعزيز مشروعهم إلى طلب مساعدة المهندس الفرنسي الايرلندي بريفني بولزي الذي دأب طوال الأعوام العشرين الأحيرة على تنفيذ حملات تنظيف على ارتفاعات عالية، كما في أكونكاغوا وإلبروز وموستاغ آتا، وسواها.
ويُتوقع أن يصل بولزي إلى نيبال في غضون أيام مع فريق صغير من "المنظفين" من بينهم المرشدة ماريون شاينيو دوبوي المعروفة بتوليها جمع القمامة على الجانب التيبتي.
وسيعمل هؤلاء طوال شهر على "جمع أولي" للنفايات في المخيم الواقع عند سفح الجبل الأعلى في العالم، وعلى جبل آخر مجاور هو أما دابلام (6800 متر فوق مستوى سطح البحر)، على أن ينفذوا بعد ذلك عملية فرز أولية.
واعتبر بولزي أن "مركز الفرز هو حلقة كانت مفقودة، وستعود بالفائدة على السياح والسكان المحليين". ورأى أن لدى الطلاب "رؤية بعيدة المدى، وهذا هو الإيجابي في هذا المشروع".
ويُتوقع كذلك أن تكون للنجم الفرنسي الشاب على منصة "يوتيوب" إينوكستاغ، الذي أعلن أخيراً رغبته في تسلق جبل إيفرست، "زيارة" لموقع مركز بانغبوتشي المستقبلي، بحسب الفريق.