على طرق رملية في منغوليا الداخلية في الريف الصيني، يجتاز راكبو دراجات معوّقون قطعاناً من الخراف مسترعين اهتمام السكان، إذ هم يختبرون نموذجاً جديداً من الدراجات الهوائية معدّلة بحسب حاجاتهم وسعرها مقبول.
وراكبو الدرجات الذين يستلقون في دراجاتهم المسماة "هاند بايك" (أي دراجة يدوية)، هم جزء من مجموعة "كرانكين ثرو تشاينا" التي توفر منذ 10 سنوات مساعدة للصينيين على الكراسي المتحركة لممارسة الرياضة في الهواء الطلق.
وتظهر مجموعات من السكان تشجيعاً لهؤلاء خلال مرورهم في الشوارع وهم يحاولون الابتعاد عن الشاحنات والحفر على الطرق للوصول إلى العاصمة هوهوت في شمال البلاد.
وأقرّت الصين في العام الفائت قانوناً يتيح للمعوّقين خدمات كثيرة، لكنّ هؤلاء لا يزالون يواجهون عقبات كثيرة في حياتهم اليومية.
ويقول وانغ فنغ (41 عاماً) الذي اكتشف الدراجات المعدّلة بحسب الحاجة بعد سنوات من عجزه عن استخدام ساقيه نتيجة إصابته بأحد الأمراض "كنّا منذ البداية نرغب في استخدام دراجات يدوية، لتشجيع أصدقائنا المعوّقين على الخروج".
ولتروّج فكرتها، نظّمت "كرانكين ثرو تشاينا" رحلات عدة إلى مناطق نائية في الصين تحديداً سنة 2017 عندما أمضت المجموعة ثلاثة أشهر للتنقّل من مقاطعة يونان الجبلية (جنوب غرب) إلى بيجينغ.
وتتعاون المجموعة راهناً مع إحدى الجامعات في شنغهاي لإنتاج نموذج أولي لدراجة يدوية سهلة التصليح وسعرها أقل، هو النموذج الذي اختُبر في الرحلة الحديثة عبر منغوليا الداخلية.
أ ف ب
- "مُدهش"
وانطلقت الرحلة التي بدأت في مطلع أيار، من منطقة شاهار التي لا تضم عدداً كبيراً من السكان وتشتهر بمناجمها وبركانها.
وينتهز وانغ فنغ الذي يرافقه راكبا دراجات آخران هما بان ييفي والأميركي جوشوا دومينيك، الفرصة لتثقيف الأشخاص الذين يلتقي بهم على طول الطريق.
ويقول "عندما أخبرهم بأنّها دراجة مخصصة للأشخاص المعوّقين يتفاجأون كثيراً (...) ويعتبرون أنّها مدهشة".
وفي هوهوت، قامت المجموعة باختبار الدراجات على حلبة من خلال جمعية للأشخاص المعوّقين، في حضور أطفال ومتقاعدين جاءوا لتشجيعهم.
ويقول دي وينكي (36 عاماً) الذي يمارس الرقص على الكرسي المتحرك "كنت قد رأيت دراجات كهذه في مقاطع فيديو، لكنني لم أجرّبها بنفسي مطلقاً".
ويتابع "شعرت خلال ركوبها كأنني سريع مثل آلة (...) وأن مَن يشاهدني يحسدني".
ويرى أنّ الرياضات مثل الرقص على الكراسي المتحركة أو ركوب الدراجات اليدوية تساعد في التصدّي للوصمات المرتبطة بالإعاقة.
بالإضافة إلى الرحلات عبر الدراجات، تقدّم مجموعة "كرانكين ثرو تشاينا" جلسات مخصصة للسباحة أو ركوب الخيل.
ويقول وانغ فنغ إنّ "الأصدقاء المعوقين الذين أعرفهم قد بدّلوا نظرتهم" للإعاقة. وقد سأله الكثير منهم عن كيفية المشاركة بشكل أكبر في المجموعة.
- "الاستمتاع بالحياة" -
لكن لا يزال يتعيّن القيام بعمل كثير، وهو ما لاحظه راكبو الدراجات عندما اقتربوا من هوهوت، إذ ليس من السهل العثور على فندق يمكن الوصول إليه بالكراسي المتحركة.
وفيما حققت المدن الصينية الكبرى تقدماً كبيراً في السنوات الأخيرة مع تكييفها بنيتها التحتية ومبانيها لتصبح مناسبة للمعوّقين، لا تزال أغلب المناطق الصغيرة أو الريفية تعاني في هذا الخصوص.
ولا تزال أسعار الدراجات اليدوية مرتفعة جداً ويصعب جداً العثور على قطع غيار لها.
ويقول وانغ فنغ "سبق أن واجهنا مشكلة مماثلة عندما كنّا على إحدى طرق يونّان (...) وحصل عطل في الدراجة"، مضيفاً ان أي حادثة كهذه "تحمل خطراً كبيراً من حيث السلامة".
ويقول زميله بان ييفي أن "معظم المعدات التكيفية ينبغي أن تكون مصنوعة خصيصاً وفق مواصفات معيّنة، وهو ما يجعلها غالية الثمن ويحدّ بشكل كبير من الخيارات المتاحة" للأشخاص، مضيفاً "ثمة عدد قليل جدا من الأشخاص الذين يمكنهم ممارسة هذه الرياضات".
ويهدف النموذج الأولي الذي تم اختباره في منغوليا الداخلية إلى تغيير هذا الواقع، فقد صممه باحثون في جامعة نيويورك وجمّعته المجموعة بمساعدة البروفيسور نويل جويس وطلابه في جامعة "نيويورك يونيفرسيتي شنغهاي".
وكاتالوغ الدراجة مُتاح مجاناً فيما تُعدّ قطعه عادية ومتوافرة تالياً في معظم المتاجر المتخصصة.
ويقول نويل جويس إنّ "كل شخص معوّق ينبغي أن يكون قادراً على تصليح دراجته في المدة الزمنية نفسها التي يستغرقها شخص سليم".
ويتمثل الهدف النهائي في جعل المعوّقين يخرجون بصورة متزايدة من بيوتهم والاستمتاع بالحياة، بحسب جويس.