الرحّالة وصانع المحتوى الإماراتيّ عدنان النخلاني صاحب منصّة "just_trvl" الخاصة بصناعة المحتوى حول السفر وآفاقه، كان في واحدٍ من أسفارهِ على موعد استثنائيّ نحو إثيوبيا المترامية الأطراف التي كانت تُسمّى قديماً "بلاد الحبشة"، موعد رافقته أحداث استثنائية داخل أدغالها وعادات قبائلها.
رحلة مفعمة بالدهشة والسحر رصد النخلاني خلالها عجائب درّة القرن الأفريقي إثيوبيا، الدولة الإمبراطورية غير الساحلية، وعاين غرائب العادات خصوصاً في أعماقها، حيث ما تزال قبائل الحبش تقيم وتواصل تمسّكها بطقوسها ونوعيات طعامها وطرائق تعبيرها عن ترحيبها وفخرها وقوّتها ومختلف متلوّنات حياتها.
يقول عدنان النخلاني: "فور وصولي إلى مطار أديس أبابا الدولي، كان وجهاء من قبائل الحبش في انتظاري، حيث استقبلوني بحفاوة أبهجت قلبي، وجعلتني أحدس بأنني على موعد مع رحلة استثنائية. مسافات طويلة قطعتها المركبات التي اقتادتني، وأنا أتأمّل جانبَي الطريق. وتدريجاً كانت ملامح المدن تختفي لتحلّ محلّها ملامح الأدغال، وتتصاعد نسبة الأدرينالين في الدم توقعاً لِما سوف يأتي من أسرارٍ ومفاجآت وحكايات".
النخلاني يتحدث عن رحلة لا تشبه غيرها، عن نساء يشققن شفاههنّ السفلية ويصنعن شكلاً غريباً دائرياً كتعبيرٍ عن الجمال والقوّة في آنٍ واحد، متناولاً سير حسن ضيافة عزّ نظيرها؛ وأناسٍ يأكلون اللحم نيئاً وقبائل في أعماق الحبشة يشربون حليب البقر مع دم البقر، ولكن بشرط أن يتمّ ذلك من دون قتل الأبقار، فقط يأخذون حاجتهم من الدم من البقرة وهي على قيد الحياة.
النخلاني، في إطار وصفه مدى حفاوتهم بالغرباء المقبولين لديهم، يقول إنهم إذا نال ضيفهم التقبّل والرضى، يبادرون من فورهم لوضع أصباغ صفراء على وجهه ليصبح مميزاً ويعرف أبناء القبائل الحبشية جميعها أنّ لدينا هنا ضيفاً مرحّباً به وعليكم جميعاً أن ترحّبوا به: "قوم متسامحون مع ثقافات غيرهم"، كما وصف طقوس عباداتهم ومرجعياتهم الدينية بأنهم يرون في العبادة علاقة خاصة بين المرء ومعتقداته.
يذهب النخلاني إلى أن عادات القبائل التي زارها داخل أدغال ما كانت تسمّى قديماً الحبشة، يمكن أن تكون مختلفة وغريبة، ولكنها تظل متوارثة، ويرفض المجتمع القبليّ هناك، تبديلها أو التخلي عنها، حتى السيئ منها في نظر الآخرين هي عادات يتم التمسك بها داخل هذا المجتمع "ببساطة لأن هذه هي حياتهم".
أما القفز من فوق ظهور البقر والثيران، فهو من العادات التي يوضح النخلاني تعلّقها بإظهار الشاب لقوّته نشداناً لقبول صبية يود الارتباط بها، وهكذا يتنافس الشباب، خصوصاً في قبائل جنوب إثيوبيا، للظفر بقلوب الصبايا، والانخراط في معارك دامية وسيلة عند بعض هذه القبائل للحصول على زوجة المستقبل.
النخلاني اختتم حديثه بأن السفر هو من أكثر طرق التعرف إلى عادات الشعوب تفاعلاً، وأمتعها خوضاً في التجربة، لأنه يسعى من خلال مشروعه الخاص بصناعة المحتوى، إلى توثيق تجربة الاكتشاف الذي يتحقق عبر السفر بالصوت والصورة، ما يجعل صفحات التواصل الخاصة به فيضَ معارف ومعلوماتٍ وفرص تفاعل حقيقيّ بينه وبين متابعيه، إذ يؤكد أن أشكال تحصيل المعرفة تغيّرت عمّا كانت عليه في الماضي، عندما كان الناس يتعرفون إلى طبائع الشعوب الأخرى وعاداتها وأسرارها وتفاصيل أمكنتها وعمارتها من خلال كتب الرحّالة مثل ابن بطوطة وغيره، وهم يميلون هذه الأيام إلى الطرق التي من شأنها إيصال المعلومة لهم بسرعة ميسّرة وبسهولةٍ في كل زمان ومكان.