النهار

من ملجأ خلال الحقبة النازية إلى مركز ترفيهي... سانت باولي في هامبورغ الألمانيّة يفتح فصلاً جديداً في تاريخه
المصدر: أ ف ب
من ملجأ خلال الحقبة النازية إلى مركز ترفيهي... سانت باولي في هامبورغ الألمانيّة يفتح فصلاً جديداً في تاريخه
مبنى المخبأ الذي تم تحويله حديقة ومجمعا ترفيهيا في هامبورغ شمال ألمانيا (25 تموز 2024، أ ف ب).
A+   A-
حُوّل أحد أكبر الملاجئ الألمانية في هامبورغ مجمّعا يضمّ حديقة ومساحات ترفيهية، ما يفتح فصلا جديدا لهذا المبنى الذي يشكل رمزا للحقبة النازية.

يعتبر سكان حيّ سانت باولي في هامبورغ الواقعة في شمال ألمانيا، أنّ التغيير الأهم يكمن في الجانب البصري.

فالمبنى المربّع والرمادي اللون بات راهنا من خمس طبقات مشجرة. ويلتف منحدر للمشاة حوله لنقل الزوار إلى الطبقات الأعلى.

وفي تموز، افتُتح فندق يضم 134 غرفة في القسم المرتفع من المبنى، بالإضافة إلى مساحة تتسع لأكثر من ألفي شخص وصالات حديقة متاحة للجمعيات المحلية.

تقول أنيتا إنغلز، إحدى مديري جمعية حي هيلدغاردن التي دعمت المشروع "تكمن فكرة المساحات الخضراء في إضفاء طابع سلمي وإيجابي على هذا المبنى الضخم الذي يعود إلى مرحلة الحكم الديكتاتوري النازي".

بعد نحو 80 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تتخلص ألمانيا بعد من التراث المعماري للعصر النازي.

يعد ملجأ سانت باولي أحد أكبر الملاجئ، إذ يبلغ ارتفاعه في الأساس نحو 40 مترا، فيما تصل سماكة الجدران الخارجية إلى 2,5 مترين، أما السقف فمعزز بـ3,5 أمتار من الخرسانة المسلحة، في حين يصل وزنه إلى 76 ألف طن.

- دعاية -
وهذا الملجأ واحد من ثمانية مواقع تُعرف بـ"فلاكتورمه"، وهي مجمعات دفاع مضادة للطائرات أقامها هتلر على أراضي ألمانيا النازية.

ويقول المؤرخ مايكل فيدروفتز "لأنّ مدافعهم كانت بعيدة المدى، تعيّن عليهم حماية المنطقة الحكومية في برلين، ومنشآت المرافئ في هامبورغ، والمركز التاريخي العزيز على هتلر في فيينا".

ويؤكد أنّ هذه المباني الضخمة كانت تشكل مأوى للسكان و"تخدم الدعاية" المتعلقة بسلطة هتلر القوية.

وبعد الحرب، دُمّر "فلاكتورمه" واحد فقط هو الواقع في حديقة حيوانات برلين، بعدما ثبت أن كميات المتفجرات اللازمة لتدمير الملاجئ الأخرى خطرة جدا على السكان.

في هامبورغ، كانت لفلاكتورمه "آي في" استخدامات عدة. فشكل بداية مأوى لمَن لم يكن لديهم سقف فوق رؤوسهم، ثم انتقلت إليه شركات من قطاع الإعلام والإعلان في خمسينات القرن الفائت.

ولا يزال البرج يضمّ في الطبقات السفلية ناديا مشهورا وإذاعة وقاعة تسلق.

تؤكد أنيتا إنغلز أنّ "استخدام المبنى على هذا النحو لا يساهم في سرد قصته، إذ لا يوجد أي لوحة تعريفية بالمكان عند مدخله".

- "مبنى قبيح" -
وفي ظل المشروع الذي أطلقته المدينة عام 2019 بالتعاون مع شركاء من القطاع الخاص، تمكنت جمعية هيلديغاردن من جمع وثائق وشهادات ممّن "عاشوا في الملجأ خلال الحرب وبعدها" أو من مئات من عمال السخرة الذين اضطروا لبناء هذه القلعة في 300 يوم سنة 1942.

وتضم الطبقة الأولى معرضا عن تاريخ المكان، سيتم توسيعه وترجمته إلى لغات عدة.

ويقول مايكل فيدروفتز "في برلين كان هناك ما يصل إلى 60 ألف لاجئ مدني في برجين مصممين لنحو 30 ألف شخص، أي بحجم مدينة صغيرة".

استضاف مجمع سانت باولي ما يصل إلى 25 ألف مدني، خصوصا خلال عملية قصف الحلفاء لهامبورغ في تموز 1943.

وتقول بريجيت شولز، وهي متقاعدة تبلغ 72 عاما كانت تزور الملجأ "من الجيد الحفاظ على جانب من التاريخ، خصوصا أنّ الشهود يموتون. والمكان بات لطيفا مع حديقة وأشجار".

والمرأة التي تعيش قرب هامبورغ، لم تخطر في بالها قط فكرة الحضور إلى الملجأ "الذي كان مجرد مبنى قبيح". وقد استقبل آلاف الزوار في شهر واحد.

وتم تحويل ثاني "فلاكتورمه" في هامبورغ قبل بضع سنوات محطة طاقة صغيرة تنتج الكهرباء من الطاقات المتجددة.

ولتوقّع موقع الملاجئ في برلين، ينبغي النظر إلى التلال الاصطناعية لمتنزَّهَين في المدينة دُفنا في وسطها.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium