النهار

ترامواي كالكوتا الأقدم في آسيا في طريقه إلى التقاعد
المصدر: أ ف ب
تُحال عربات الترامواي على التقاعد قريبا في كالكوتا وضواحيها، بعدما بقيت طوال قرن ونصف قرن تجوب شوارع المدينة الواقعة في شمال شرق الهند وتنقل الركّاب، وباتت بذلك أقدم جمّازات لا تزال قيد الحدمة في آسيا.
ترامواي كالكوتا الأقدم في آسيا في طريقه إلى التقاعد
ركاب في الترامواي في شارع بكالكوتا (8 ايلول 2024، أ ف ب).
A+   A-
تُحال عربات الترامواي على التقاعد قريبا في كالكوتا وضواحيها، بعدما بقيت طوال قرن ونصف قرن تجوب شوارع المدينة الواقعة في شمال شرق الهند وتنقل الركّاب، وباتت بذلك أقدم جمّازات لا تزال قيد الحدمة في آسيا.

ويشعر ديب داس بالأسف الشديد لكون جرس الترامواي سيتوقف قريبا عن الرنين. ويقول "ينتابني الحزن عندما أفكر في الأمر". ولا يتردد الطالب البالغ 18 عاما في القول إنه كان دائما يفضّل عربات الترامواي المتقادمة على سيارات الأجرة أو الحافلات التي تتوافر فيها وسائل الراحة ومنها التكييف.

ويضيف "في بعض الأيام، كان يوجد عدد أكبر من الحافلات أو السيارات، لكنني كنت أنتظر الترام دائماً، وأحياناً لأكثر من ساعتين".

ويأسف لكون الترام الذي كان جالسا على أحد مقاعده الخشبية "آخر واحد ربما" يستقله، معترفا بأنه لا يعرف ما سيفعل عندما تتوقف هذه الجمّازات المخصصة لنقل الركاب عن العمل.

وسار أول ترامواي على طرق كالكوتا المتعرجة عام 1873، في بدايات حقبة إمبراطورية الهند البريطانية المعروفة بالـ"راج" (1858-1947).

وكانت مجموعات من الخيول تجرّ عرباته في المرحلة الأولى، ثم حلّ عصر العربات ذات المحرّك البخاري، قبل أن يصبح المحرّك كهربائيا بشكل نهائي عام 1900.

ولا تزال العربات الزرقاء والبيضاء ذات السقف الأصفر للترام تسير اليوم بسرعة 20 كيلومترا في الساعة وسط فوضى السيارات وسيارات الأجرة والشاحنات والحافلات والتوك توك، وأحيانا الماشية، في شوارع المدينة وعند تقاطعاتها.

ولكن إلى متى؟
ترى السلطات المحلية أن وقت توقف ترامواي كالكوتا عن العمل لم يحن بعد.

وأول حجة تُعلل بها وجهة النظر هذه شركة النقل في ولاية البنغال الغربية التي تدير الترامواي أن سعر التذكرة البالغ 7 روبيات (نحو 10 سنتات من الدولار) يجعله أرخص وسيلة نقل في السوق على الإطلاق.

وتُبرز كذلك أن عربة الترامواي تحمل ركابا أكثر بخمسة أضعاف من الباص، وأنها لا تسبب تلوثا.

- جبهة الرفض -
وتؤكد الشركة أن "عربات الترامواي في كالكوتا التي تمثّل الماضي المجيد للمدينة وحاضرها ومستقبلها، تمكنت رغم انخفاض عددها بشكل كبير من التغلّب على الصعوبات".

ومن هذه الصعوبات أنها لم تعد تسير سوى على خطين، وبصورة غير منتظمة، وأن عليها إعطاء الأولوية للمركبات الأخرى، وحتى أن البعض، خارج ساعات الذروة، لم يعودوا يترددون في تجفيف غسيلهم على خطوط الكهرباء المخصصة لهذه العربات.

اضف إلى ذلك أن التجهيزات باتت متهالكة لافتقارها إلى الصيانة الجادة. وتقبع العشرات من هذه المركبات الصدئة في أحد مستودعات المدينة.

وتراجع الإقبال على الترامواي بفعل بطئه وعدم توافر مقوّمات الراحة فيه، ولم يعد كثر يستقلّون عرباته إلاّ بدافع الفضول.

ويقول رام سينغ، وهو مدرّس يبلغ 54 عاما  "لا أزال أستقلّه (...) عندما أشهر فعلا بالرغبة في ذلك، إذ استعيد طفولتي لبعض الوقت". ويرى أن "المدن يجب أن تتطور ولكن ينبغي أيضا الحفاظ على تاريخها".

ورفضت حفنة من مستخدمي الترامواي المتمسكين به الإعلان عن إحالته على التقاعد.

ويقول ديب داس: "سأفعل كل ما بوسعي من أجل ذلك، فأنا أحب ترامي أكثر من نفسي". ومن خلال رابطة المستخدمين، يحاول تعبئة السكان من خلال تنظيم لقاءات أو نشر ملصقات.

ويعمل ديباشيش بهاتاشاريا الذي يقود جبهة الرفض هذه على شرح المزايا الاقتصادية والبيئية للترامواي.

ويوضح مثلا أن "الاستثمارات اللازمة له قليلة جدا"، مشيرا إلى أن "العمر الافتراضي لعربة الترام هو ما بين خمسين وثمانين عاماً، وتكلفة تشغيله منخفضة".

ولا يتردد عالم الكيمياء الحيوية المتقاعد هذا في العزف على وتر الفخر الوطني دفاعا عن قضيته.

ويقول ديباشيش بهاتاشاريا هذا الإطار إن "كالكوتا هي المدينة الوحيدة في الهند التي لا يزال لديها خط ترامواي". ويضيف "إذا أوقِف عن العمل، لن تفقد المدينة وحدها رونقها، بل الهند برمّتها".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium