النهار

المعارضة تتوحد للمرة الأولى... الموازنة طارت بالنصاب
المصدر: "النهار"
المعارضة تتوحد للمرة الأولى... الموازنة طارت بالنصاب
جلسة مجلس النواب.
A+   A-
نجح المعارضون لموازنة 2022 في تطيير نصاب جلسة مجلس النواب في اللحظات الأخيرة قبل اقرارها.

رغم الهجوم العنيف الذي شنه النواب بجميع فئاتهم وكتلهم على المشروع المقدم من الحكومة، الاّ ان الامور كادت تسير كما مرسوم لها بأقرارها في نهاية جلسات الهجاء لولا فقدان النصاب في اللحظات الاخيرة بعد اخذ ورد لأكثر من مرة، دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري الى رفع الجلسة الى الاثنين في 26 ايلول وذلك الى ما بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جولته الخارجية.

وسأل النائب الياس حنكش خلال الجلسة "من أهداف الموازنة انتظام مالية الدولة وخدمة المواطن، فهل انتظمت المالية؟ وهل خدمنا المواطن". وأضاف حنكش أن "أرقام الموازنة وهمية وخيالية".

بدوره رأى النائب فراس حمدان أن "الموازنة تفتقد إلى رؤية حقيقية وإصلاحات، ويجب إعادة النظر بالاقتصاد عبر فرض ضريبة على الثروة وتحفيز القطاعات الانتاجية". وتوقّف حمدان عند عدم تطرّق الموازنة إلى "الضرائب على الأملاك البحرية وموازنة مصرف لبنان وماذا لديه". مطالباً بـ"الضرائب على أرباح المصارف".

أما النائب مارك ضو، فاعتبر أن الموازنة "تشبه مسار حكم منهار، وقبول المجلس مناقشتها من دون قطع الحساب هو استكمال لمسار النهج القديم، الذي فتك بالبلاد". ودعا إلى أن تكون هذه الموازنة "آخر موازنة في النهج القديم، ويجب إسقاطها". وعلى ذات المنوال، اقترحت النائبة بولا يعقوبيان "رد مشروع الموازنة إلى الحكومة".

في المقابل أشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض، إلى أن "البلد بحاجة لموازنة، ومن يطلب ردها لا يعطي بديلاً عنها". معتبراً أن "المشكلة الجوهرية علاجها بخطة التعافي. وأن كل من لا يريد موازنة، انما يريد دولة لبنانية مفلسة تؤدي إلى مزيد من الجوع للشعب اللبناني".

اما وزير المال يوسف الخليل فاعترف أن هذه الموازنة ليست أفضل الممكن. لكن كما أتت الحكومة كـ"حكومة طوارىء"، أتت الموازنة على الصورة نفسها لتعالج "تدهور العملة المحلية، واستمرار تقلّبات أسعار الصرف، ونِسَب تضخُّم التي فاقت الـ100 بالمئة". وكذلك معالجة "ركود اقتصادي على مدى أربع سنوات متتالية، وانخفاض في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 50 بالمئة". وأيضاً الاعتناء "بحاجات المواطنين ككلّ، على أثر الأزمات الُتتالية، لا سيما، حاجات أكثر من 260 ألف من العاملين في القطاع العام بكافة أسلاكه ومتقاعديه، لتؤمِّن الحد الأدنى من التغطية الصحية، والعطاءات، إلى جانب المنح الإجتماعية". وهذه المعطيات، أسست بنظر الخليل لإعداد مشروع الموازنة "التي تُمثِّل برأينا موازنة طارئة، تهدف إلى معالجة الأوضاع المعيشية الراهنة للمواطنين".

بالتوازي، نفى الخليل أن تكون الموازنة مجرّدة من الرؤية الإصلاحية. وأضاف أن "التصحيح بعد الإنهيار هو أوّل مراحل الإصلاح".

وبهدف ضبط عجز الموازنة حرصاً على الاستقرار المالي والنقدي، أكّد الخليل أنه "تمّ اقتراح تخفيض سقف الإنفاق في مشروع موازنة 2022 من 47328 مليار ليرة إلى 37859 مليار ليرة. وبالتالي أصبح عجز الموازنة المرتقب حوالي 13500 مليار ليرة، أي ما يوازي 36 بالمئة من مجمل الإنفاق".

اما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فلفت في رده على كلمات النواب الى ان الاعوام الماضية كانت الموازنة العامة تساوي 17 مليار دولار. هذه السنة باتت الموازنة تساوي مليار دولار.

وقال ميقاتي: " البديل الوحيد عن التعاون بين الجميع لاقرار الموازنة هو "لا موازنة"، اي العودة الى الانفاق على القاعدة الاثنتي عشرية التي لا تلبي الانفاق المستجد. اي رفض لهذه الموازنة يعني عمليا العودة الى واردات على سعر صرف هو 1500 ليرة للدولار الواحد ، مما يعني مزيدا من سرقة ايرادات الدولة.

وأضاف: " في الفترة الاخيرة زاد حجم الاستيراد 4 مليار دولار، والتجار يخزنون البضائع في مستودعاتهم في انتظار رفع الدولار الجمركي. هل نقبل ان نكون شهودا على سرقة الدولة؟ علينا ان نتعاون بدل المضي في النهج الخاطئ ومنطق "عطلني تا عطلك. مرقلي تا مرقلك".ولكن هل الحكومة هي المسؤولة عن كل هذا النهج؟ يمكنني الآن ان اعدد ما يقوم به كل وزير في وزارته"

أضاف: "في ملف الكهرباء اتخذ مجلس ادارة كهرباء لبنان قرارا برفع التعرفة وصادق القرار معالي وزير الطاقة ، وبالامس صادق ايضا وزير المال ، ونحن في انتظار اصدار قرار استثنائي يوقعه الرئيس وانا، وعندها يمكن البدء باستيراد الغاز من الاردن ، لان رفع التعرفة كان مطلبا اساسيا للتأكد من مسار الهيئة الناظمة للكهرباء".

وما ان انتهى ميقاتي، حتى طرح بري مشروع الموازنة على التصويت وسط اعتراضات عدد من نواب المعارضة الذين ارادوا مناقشة الموازنة بندا بندا ، وعند بدء التصويت على البنود حصل هرج ومرج في على خلفية الاقرار العشوائي وارتفعت اصوات نواب "قوى التغيير" والمعارضة ما دفع بري الى الانفعال والرد "أنا مش بالشارع هون" لترد عليه النائبة حليمة قعقور "إيه ما لأنو نحنا بالمجلس بدنا نحترم المجلس".

وبعد وصول المجلس الى مرحلة الموافقة على زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بثلاثة أضعاف، هناك من لفت نظر بري الى ان الجلسة فقدت نصابها بعد انسحاب نواب التغيير والمعارضة (الكتائب، وتجدد وبعض النواب المستقلين) ونواب القوات اللبنانية، فأوقف بري المناقشة وأجل الجلسة الى 26 أيلول المقبل.
وبعد الجلسة وعقب مغادرة الجلسة، قال النائب جورج عدوان: "نحن من أفقدنا نصاب جلسة إقرار الموازنة"، مبرراً ذلك بـ"إجراء تعديل وزيادات على الأرقام في اللحظة الأخيرة وناقشنا الموازنة من دون قطع حسابات، وهذه الأمور غير مقبولة".

وأعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل أن موقفنا كان واضحًا منذ اليوم الأول وقد عبّرنا عن اعتراضنا على الموازنة كنواب منذ 3 أيام وكنا ذاهبين لنصوّت ضدها لأنها كارثية على الشعب اللبناني وستؤدي الى مزيد من الانهيار عكس بيع الكلام للموظفين وللقطاع الخاص الذي سيتأذى من الموازنة بشكل كبير جدًا أو الموظفين الذين نعطيهم بيد ونأخذ منهم باليد الأخرى.

وعن كلام ميقاتي قال: "علينا وضع الحسابات الصغيرة جانبًا، لأن لا احد مقتنعًا بهذه الموازنة من ميقاتي وجرّ وأنا أتحداه ان يعلن انه مقتنع بالأرقام الموجودة بالموازنة".

وسأل: "هل من الطبيعي أن تقر موازنة فيها 3 او 4 اسعار صرف؟"

وأردف: "كانوا ذاهبين لإقرار موازنة مخالفة للدستور وستؤدي الى تضخم الأسعار وتفقير الناس ومزيد من الانهيار الاقتصادي".

وختم الجميّل: "ما أحفظه من هذا النهار هو وحدة المعارضة ونتمنى ان تستمر هذه الوحدة لأن لدينا الكثير من الاستحقاقات لإنقاذ البلد ومن الضروري أن نبقى يدًا واحدًا كما كنا اليوم".

النائب ابراهيم منيمنة قال بدوره: "انسحبنا من الجلسة لأننا رفضنا أن نكون شهود زور على موازنة لا تجسد لا رؤية إصلاحية ولا حقيقة الواقع وكل ما تحاول تقديمه هو وهمي".

وقال النائب ميشال معوض: "من يريد المحافظة على اموال الناس عليه ان يرفض هذه الموازنة".

أضاف: "انسحبنا لموقف واحد وهو المطالبة برد الموازنة للحكومة وأن نناقش خطة الحكومة وتكون الموازنة جزءًا من خطة كاملة".

وفي المقابل اعتبر النائب علي حسن خليل "أنّ كل التبريرات التي أعطيت لتطيير النصاب في غير مكانها، وعلينا أن ننتبه على أنّ مسؤولية إقرار الموازنة لا ترتبط بمناقشة الخطة الاقتصادية".




اقرأ في النهار Premium