بايدن في خطاب بشأن الوظائف بالولايات المتحدة (أ ف ب).
حقّق قطاع التوظيف في الولايات المتحدة تحسّناً غير متوقع الشهر الماضي بينما تراجع معدل البطالة إلى أدنى مستوياته منذ خمسة عقود، وفق ما أظهرت بيانات حكومية اليوم، ما يعكس أن سوق العمل في وضع قوي رغم جهود تخفيف النشاط الاقتصادي.
وبينما خفّف البنك المركزي مؤخّراً حدّة حملته المكثّفة للسيطرة على الأسعار في ظل مؤشرات الى تهدئة الوضع الاقتصادي في أكبر قوّة اقتصادية في العالم، يمكن للبيانات الأخيرة أن تدفعه باتّجاه رفع معدلات الفائدة أكثر مما كان متوقعاً.
خالفت الولايات المتحدة التوقعات لتضيف 517 ألف وظيفة في كانون الثاني، أي ضعف الرقم المسجّل في كانون الأول، بعد تباطؤ في التوظيف استمر خمسة أشهر، فيما تراجع معدل البطالة إلى 3,4 في المئة، بحسب ما جاء في تقرير لوزارة العمل.
وأضاف التقرير أنّ "النمو في الوظائف كان واسع النطاق، مدفوعا بالمكاسب التي تم تحقيقها في قطاعي الترفيه والضيافة وفي الخدمات المهنية والتجارية والرعاية الصحية".
وبدا التوظيف مرناً أيضاً في قطاعَي الصناعة والبناء رغم أنّهما شهدا تباطؤا في النشاط.
وتراجع معدل البطالة إلى 3,4 في المئة، وهو مستوى غير مسبوق منذ العام 1969، بحسب بيانات حكومية.
في الأثناء، تباطأ نمو الأجور بعض الشيء مع ارتفاع معدل الإيرادات الساعية بنسبة 0,3 في المئة إلى 33,03 دولاراً، مقارنة بزيادة في كانون الأول بلغت 0,4 في المئة.
تشير هذه الأرقام إلى أن سوق العمل ما زال أنشط مما يرغب به صانعو السياسات، إذ ارتفع معدّل التوظيف بشكل كبير مقارنة مع الرقم المسجّل في كانون الأول والبالغ 260 ألفاً.
وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم، بزيادة التوظيف منذ تولى السلطة وأشار إلى أن التضخم ما زال يتباطأ. وردّ على معارضيه الذين يرون، بحسب قوله، أن "الطريقة الوحيدة لتخفيف وتيرة التضخم كانت عبر تدمير الوظائف".
وأضاف في تصريحات للصحافيين: "تؤكد بيانات اليوم بشكل واضح تماماً... أن هؤلاء المنتقدين والمشككين على خطأ"، مع إقراره بضرورة بذل مزيد من الجهود.
"ليس بما يكفي"
أكدت خبيرة الاقتصاد الأميركي في مجموعة "هاي فريكوينسي إكونوميكس" روبيلا فاروقي أنّ "البيانات تظهر أن الاقتصاد يخلق فرص عمل بوتيرة سريعة".
ويظهر خلق فرص العمل عدم وجود أي مؤشرات الى تراجع النشاط الاقتصادي، بحسب ما قالت، رغم رفع الاحتياطي الفدرالي معدل الإقراض الأساسي ثماني مرّات متتالية، بهدف تخفيف الطلب وخفض التكاليف.
بدوره، أكد إيان شيبردسن من "بانثيون ماكروإيكونوميكس" أن نمو الأجور تباطأ، لكن ليس بما يكفي بالنسبة للاحتياطي الفدرالي".
ويراقب الاحتياطي الفدرالي من كثب سوق التوظيف حيث تجاوز الطلب توافر العمال بينما يسعى أصحاب العمل للمحافظة على الموظفين الذي سعوا جاهدين للعثور عليهم خلال فترة الوباء.
في حين تزداد البطالة عادة مع ارتفاع معدلات الفائدة وتكاليف الاستدانة، إلّا أنّ معدلها بقي عند مستويات منخفضة تاريخيا في الأشهر الأخيرة.
كما أكد رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، للصحافيين، الأربعاء، أنّ الأجور "ما زالت عند مستوى مرتفع".
وأفاد بأنّه "ما زالت عند مستوى أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الوباء... سنعكس الأمر في تقييمنا للتوقعات وهو ما سينعكس بالتالي على سياستنا مع مرور الوقت".
وأعلن المصرف المركزي هذا الأسبوع رفع معدلات الفائدة بدرجة أقل، ما أثار التفاؤل باقتراب الاحتياطي الفدرالي من التوقف عن زيادة المعدلات.
لكن بيانات الجمعة قد تثير الشكوك حيال الوضع.
وأوضحت فاروقي أنّه "ما لم يطرأ أي تغيير في سوق العمل، يكمن الخطر في ارتفاع المعدلات أكثر من المتوقع".
قد ينعكس ذلك على مجالات أخرى، مع تراجع في القطاعات التي تتأثر عادة بالفائدة، مثل السكن، على خلفية رفع المعدلات في ظل تباطؤ مبيعات التجزئة.
وأفادت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "نيشنوايد" كاثي بوستيانتشيتش أنّ كل ذلك يزيد فرص رفع كبير ومبكر لمعدلات الفائدة "بحلول منتصف العام"، متوقعة أن تشهد فترة منتصف العام تقريبا ركودا معتدلا.
وأكد شيبردسن أن "الاحتياطي الفدرالي على الأرجح سيرفع (المعدلات) في آذار، رغم أننا نأمل ألا يقوم بذلك لأن التأثير المتأخر لخطوات التشدد (النقدي) السابقة التي اتّخذها ستظهر لاحقاً".
بدوره، استبعد راين سويت من "أكسفورد إيكونوميكس" تكرار سيناريو الازدياد الكبير في التوظيف الذي شهده كانون الثاني، موضحاً أنّ النمو في التوظيف يكون أعلى من المتوقع عادة في الشهر الأول من السنة.
وقال: "ما زلنا نتوقع أن يتباطأ النمو في قطاع التوظيف بشكل كبير مع دخول الاقتصاد في حالة ركود ردّاً على رفع الاحتياطي الفدرالي المعدلات بشكل تراكمي".
كما توقّع "خسارة مباشرة في الوظائف" في النصف الثاني من العام مع ارتفاع معدل البطالة بشكل طفيف.