افتُتح الاجتماع الوزاري الأوّل لمنظمة التجارة العالمية منذ أكثر من أربع سنوات الأحد على أمل توصل الدول الأعضاء الـ164 إلى اتفاق حول صيد السمك وبراءات اختراع اللقاحات المضادة لكوفيد-19 لكن الخلافات ما زالت كبيرة.
وعبّرت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا عن "تفاؤل حذر" إزاء تمكن المؤتمر الوزاري للمنظمة من الاتفاق على موضوع أو اثنين على الأقل من المواضيع التي سيبحثها خلال اجتماع يستغرق ثلاثة أيّام في جنيف.
وقالت في تصريح قبل ساعات من الاجتماع "الطريق لن يكون سهلاً، سيكون فوضوياً وقد تكون هناك ألغام على طول الطريق، يجب أن نتجنبها ونعرف كيف يمكن الاتفاق على ملف أو اثنين".
تعمل منظمة التجارة العالمية على أساس الإجماع، ويكفي أن يعارض عضو واحد لكي ينسف كلّ الملف.
فقدت المنظمة من أهميتها بسبب عجزها عن إبرام اتفاقات رئيسية، يعود تاريخ آخرها إلى عام 2013.
وليست هناك أي ضمانات بتحقيق نتائج مهمة في جنيف رغم جهود حثيثة تبذلها أوكونجو إيويالا التي تتولى منصب المديرة العامة منذ أكثر من سنة.
أزمة غذائية
من الآمال المعلقة على اجتماع هيئة القرار العليا هذه في المنظمة، أن تساهم في إيجاد مخرج لخطر حدوث أزمة غذائية ناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا والذي تسبب بارتفاع الأسعار.
وظهر توتر في اجتماع مغلق الأحد حين طلب مندوبون الكلمة لإدانة العدوان الروسي. وقال دان بروزين المتحدث باسم منظمة التجارة العالمية إن المندوب الأوكراني الذي تحدث أيضاً قوبل بحفاوة بالغة.
بعد ذلك غادر نحو 30 مندوباً القاعة قبل إلقاء وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم ريشيتنيكوف كلمته، وفق ما أوضح بروزين.
ويُعبّر مشروع إعلان وزاريّ عن القلق حيث تَعِد فيه الدول الأعضاء الـ164 "باتّخاذ إجراءات ملموسة لتسهيل التجارة وتحسين عمل ومرونة أسواق الأغذية والزراعة المستدامة بما يشمل الحبوب والأسمدة وكذلك منتجات زراعية أخرى".
ويُعطي النصّ انتباهاً خاصاً للدول الأكثر فقراً والأكثر اعتماداً على هذه المنتجات. ولم ينس المسؤولون الدوليون أعمال الشغب المرتبطة بالجوع والربيع العربي التي وقعت قبل نحو عشر سنوات. وقالت نغوزي للمندوبين: "آمل أن تفعلوا الشيء الصائب بشكل جماعي".
قبل بدء الاجتماع رسمياً، كررت نحو خمسين دولة بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التعبير عن تضامنها مع أوكرانيا بحضور الممثل الأوكراني للتجارة تاراس كاشكا، خلال حفل وإصدار بيان مشترك.
والهدف من ذلك ألّا تطغى الحرب على النقاشات علما أن موسكو تستطيع أن تعرقل وحدها كلّ شيء.
"أرضية تفاهم"
يبقى صيد السمك الملف الرئيسي للاجتماع. فقد أعلنت منظمة التجارة العالمية السبت أنّ مسودة نصّ يدعو إلى إلغاء الدعم المالي الضار لصيد السمك الذي يشغل المنظمة منذ عشرين عاماً، أصبحت الآن بين أيدي الوزراء والأمر متروك لهم لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة بشأن النقاط الخلافية المتبقية.
وفي بيان نشر ليل الجمعة- السبت، قال سانتياغو ويلز السفير الكولومبي الذي تولى إدارة المفاوضات "لم تُحَلّ كلّ المشاكل، وهناك في المسوّدة أمور لا يتّفق عليها الأعضاء ولم أرَ أرضية تفاهم حولها". لكنه شدد على إحراز تقدّم في الأشهر الأخيرة.
وبما أنّ المنظمة تتخذ قراراتها بالتوافق، يجب أن تتفاهم الدول الأعضاء البالغ عددها 164 على النص.
ويفترض أن يسمح الاتفاق حول صيد السمك الذي أدرج بين أهداف الأمم المتحدة للألفية، بوقف الدعم المالي الذي يمكن أن يشجّع على الصيد الجائر أو الصيد غير القانوني.
وأُحرز تقدّم في تحديد آلية المعاملة التفضيلية المخصصة للبلدان النامية. فقد أدرجت إعفاءات موقتة بشأن الدعم المالي الذي يساهم في الاستهلاك المفرط للطاقة والصيد الجائر لكن مدتها ليست موضع إجماع بينما تطالب الهند بـ25 عاماً. وهو ما اعتبرته دول أعضاء عدّة مدة طويلة.
وسألت نغوزي: "هل سيغفر لنا أولادنا، هل سيغفر لنا الصيادون الفقراء إذا قبلنا إفراغ محيطاتنا؟" في حين يعتمد نجاح الاجتماع إلى حدّ كبير على مصير هذا النص.
تعنت هندي
يمكن أن يؤدي تعنت الهند إلى تعطيل ملفات أخرى. وقال سفير يقيم في جنيف: "ليس هناك موضوع واحد لا تعطله الهند. إنّه أمر مقلق"، مشيراً خصوصاً إلى مسألتي إصلاح منظمة التجارة العالمية والزراعة الذي يفترض أن يضع الوزراء برنامج عمل من أجله.
في خطابه الأوّل لم يعط وزير التجارة الهندي بيوش غويال أيّ اشارة إلى انفتاح. وذكر بأنّه في المجال الزارعي تمّ قطع وعود للدول النامية قبل عشر سنوات ولم يتمّ الالتزام بها حتى الآن. وأكّد أيضاً أنّ حقوق صيادي الأسماك الهنود "لا يمكن الحدّ منها بأيّ شكل من الأشكال" مشيراً إلى أنّه يعود إلى الدول التي أفرغت المحيطات عبر الإعانات "أن تتحمل مسؤولياتها".
ويفترض أن يبحث الوزراء أيضاً في تصدي منظمة التجارة العالمية لكورونا. وسيناقش الوزراء نصّين تمّ الانتهاء من صوغهما الجمعة.
يتعلق النصّ الأوّل بتسهيل تداول المكونات اللازمة لمكافحة الأوبئة الحالية والمستقبلية، بينما يفترض أن يسمح النص الثاني برفع موقت لبراءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
ويتسبب النصّ الثاني بانقسام لأن قطاع الصناعات الصيدلانية يرى فيه إضعافاً للملكية الفكرية. وما زالت نتيجة المناقشات غير محسومة.