طوابير الخبز لا تزال على حالها، ولقمة الفقير حُوّلت إلى السوق السوداء، بعدما استُخدمت موادّها الأولية في صنع أصناف في الأفران غير مدعومة. تتحرك الأجهزة الأمنية يومياً مع وزارة الاقتصاد والتجارة لملاحقة البائعين في السوق السوداء ومن يستخدم الطحين المدعوم، المخصّص لصناعة الخبز العربي، في صناعات أخرى غير مدعومة محققاً بذلك الأرباح غير الشرعية. وفي ملف الخبز والقمح المدعوم، كشف وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام لـ"النهار" عن مستجدات متعلقة بالتحقيق واستيراد القمح والتمويل وأهمية دور أوكرانيا بالنسبة إلى لبنان.
تعاني دول العالم كلها من أزمة غذائية كانت سببها حرب روسيا على أوكرانيا وانعكاس هذه الحرب على تصدير الموادّ الغذائية الأساسية. وفي هذا السياق، قال سلام لـ"النهار" إنّ "هناك جهوداً مشتركة وتواصلاً دائماً وأسبوعياً بين وزارة الاقتصاد وسفير أوكرانيا في لبنان"، مشيراً إلى أنّه "قام بتنسيق مميّز جدّاً جاء لصالح لبنان، وأدّى إلى أنّ أوكرانيا ستستمر في تصديرها إلى لبنان".
القمح الأوكراني أرخص بالنسبة إلى لبنان ووصوله أسرع، لذلك فإنّ علاقة بلد الأرز بأوكرانيا مهمة جدّاً، خاصة أنّ لبنان لا يمكنه تحمّل أسعار قمح أعلى من بلدان أبعد من أوكرانيا، وأوضح سلام أنّ "الذهاب إلى خيارات أبعد سيزيد كلفة النقل البحري ما يؤدّي إلى رفع سعر طن القمح كثيراً"، وفي ظلّ تدهور الليرة اللبنانية ووصول القدرة الشرائية إلى أدنى مستوياتها لا يمكن الشعب اللبناني تحمّل أسعار أعلى.
لذلك دور أوكرانيا مهم جدّاً رغم الصعوبات التي تمرّ بها، وأوضح سلام أنّ "أوكرانيا وضعت كوتا لضمان تصدير القمح إلى لبنان، وتريد أن تسهّل عملية النقل إلينا وإن كان ذلك على حساب إرسال بواخر صغيرة"، موضحاً أنّ أوكرانيا لا تريد التوقف عن إمداد لبنان لأنّه اتّخذ موقفاً سياسياً إلى جانبهم مع بدء الحرب عليهم، وهم يقدّرون لبنان وموقفه، ولهذا السبب يعتبرون لبنان من الدول التي لا يريدون أن يقطعوا عنها القمح".
وصرّح سلام بأنّ "هذا الموقف نقدّره، ولا يزالون يتواصلون معنا ويرسلون إلينا القمح، والتجار اللبنانيون يعملون مع التجار الأوكران وهذا الأمر إيجابي ومهم جدّاً بالنسبة لنا".
ولفت إلى أنّ "هناك الآن بواخر متجهة إلى لبنان وستصل خلال أسبوع وثلاثة أسابيع من اليوم. وجزء كبير من القمح الذي سيصل إلى لبنان سيكون من أوكرانيا".
وطلبت المطاحن 40 ألف طن من القمح ستصل إلى لبنان في الأسابيع الثلاثة المقبلة وتكفي لمدة شهرين وكمّية كبيرة منها من أوكرانيا، وفق ما أفاد سلام "النهار".
وأضاف أنّ "الطوابير لا تزال موجودة بسبب المشكلة عينها، وما تبيّن خلال الأيّام الماضية، أنه يجري تهريب كمّيات من ربطات الخبز من الأفران وتباع للسوريين في السوق السوداء، وتُسحب هذه الكمّيات يومياً منذ الصباح الباكر، وخاصة في البقاع والشمال، وفي هذه المناطق هناك اكتظاظ كبير للاجئين السوريين، وهذا الاستغلال في ظلّ انتظار الكميات الكبيرة المطلوبة، يؤدّي إلى هذه الأزمة".
ولكن في الأسبوعين الماضيين، كان لأمن الدولة دور كبير وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأمن العام والأجهزة الأخرى التي تعمل مع وزارة الاقتصاد لضبط هذا التفلت.
أمّا بالنسبة إلى تأمين السوق بالكمّيات اللازمة، فقال سلام: "لدينا كميات من القمح كافية إلى حين وصول الكميات الجديدة، ولدينا بواخر تصل هذا الأسبوع، ولاحقاً ستكون هناك بواخر أسبوعياً".
وعلى صعيد التمويل أفاد أنّ "مجلس الوزراء كان قد وافق على فتح اعتمادات جديدة بنحو 19,5 مليون دولار لمدة شهرين، وتالياً تغطي كلّ الكميات المطلوبة إلى حين البدء بقرض البنك الدولي في الأسابيع المقبلة".
وعلى الأرض، أشار سلام إلى أنّ "هناك ملاحقات وتوقيفات بحق محتكري الطحين المدعوم، والنيابة العامة المالية مستمرة في تحقيقاتها وتتابع الملف، وأرسلنا للنيابة العامة التمييزية إخبارات بموجب ملاحقات وصلتنا من بلدية الغبيري وهي تُتابع قضائياً"، لافتاً إلى أنّه "ينتظر جواباً من القضاء والأجهزة الأمنية التي أوقفت أيضاً في البقاع أصحاب أفران، والآن أحيلوا إلى القضاء، وننتظر ما سيفعل القضاء". وشدّد سلام على أنّ "وزارة الاقتصاد طلبت من القضاء أن يتشدّد بأقصى الدرجات في العقوبات ليس لناحية الغرامات المالية فحسب، لكن أيضاً أن يوقف ويُحبس الفاعلون. وننتظر قرار القضاء، ونعمل يومياً مع الأجهزة الأمنية في ملف الخبز".