النهار

شرخ ولا قطيعة في العلاقات الأميركيّة- السعوديّة بسبب النفط
المصدر: أ ف ب
شرخ ولا قطيعة في العلاقات الأميركيّة- السعوديّة بسبب النفط
صورة ارشيفية- منشأة نفطية لأرامكو قرب منطقة الخرج جنوب الرياض (15 أيلول 2019، أ ف ب).
A+   A-
عزّز قرار السعودية خفض إنتاج النفط من خلال تحالف "اوبك بلاس" الضغوط على علاقتها المتوترة أساسا مع الولايات المتحدة، إلا أنّ محللين يستبعدون حدوث قطيعة كاملة في العلاقة بين الحليفين التاريخيين.

أعلن كارتل "أوبك بلاس" المكون من الدول الـ13 الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحليفاتها العشر بقيادة روسيا الأسبوع الماضي خفضاً كبيراً في حصص الانتاج بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من تشرين الثاني.

وجاءت الخطوة وسط أزمة طاقة ناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وفيما يستعد الناخبون الاميركيون المنهكون من التضخم للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ما أثار غضب واشنطن، حيث حذر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلثاء السعودية من مواجهة "عواقب" لم يحددها.

بالمقابل، دافع المسؤولون السعوديون عن هذه الخطوة باعتبارها مدفوعة باعتبارات اقتصادية، ورفضوا اتهامات البيت الأبيض بأن أوبك بلاس "متحالفة مع روسيا".

وتواصل السجال بين الطرفين الخميس، إذ أعربت وزارة الخارجية السعودية  في بيان عن "رفضها التام" لهذه المزاعم "التي لا تستند إلى حقائق".

وقالت الوزارة أيضا أن السعودية "لا تقبل الاملاءات وترفض أي تصرفات أو مساع لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الاسواق البترولية".

ورد البيت الأبيض بالقول إن السعودية "يمكن أن تحاول التلاعب أو تحويل الانتباه، لكن الوقائع واضحة". 

ولا يزال من غير الواضح كيف يمكن أن يتطور الخلاف بين البلدين.

ولم يقدم بايدن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الثلثاء تفاصيل عن طريقة رد بلاده على قرار الكارتل النفطي، فيما واصلت التصريحات السعودية الرسمية التركيز على مكاسب العلاقات القوية مع واشنطن.

وتقول كبيرة المحللين في معهد "مجموعة الأزمات الدولية" آنا جاكوبس لوكالة فرانس برس "لقد مرت العلاقة الأميركية السعودية بفترات من التوتر الشديد من قبل ... وحاليا هناك شرخ ولكن ليس قطيعة".

وتابعت "الحقيقة هي أن الولايات المتحدة والسعودية بحاجة إلى بعضهما البعض".

- تصريحات قاسية -
قبل ثلاثة أشهر فقط، زار بايدن مدينة جدة والتقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ما أثار غضب النشطاء المعارضين لسجل المملكة في مجال حقوق الإنسان. ومثلت الرحلة تراجعا دراماتيكيا عن تعهد بايدن عام 2019 بمعاملة السعودية على أنها "منبوذة" بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ومنها القتل المروع للصحافي جمال خاشقجي.

وتفسر رحلة بايدن التي لم تؤد إلى الزيادة المأمولة في إنتاج النفط التصريحات القاسية من بعض أعضاء حزبه الديموقراطي الذين وصفوا السعوديين في الأيام الأخيرة بـ "الخونة" الذين "ضللوا وتجاوزوا" رئيس الولايات المتحدة.

وحاول بعض المشرعين الأميركيين إحياء الدعم لقانون سيعرّض كارتل النفط لدعاوى قضائية بزعم مكافحة الاحتكار، بينما دعا آخرون الولايات المتحدة إلى سحب المعدات العسكرية من المملكة.

لكنّ بالمقابل قد تجد واشنطن نتائج عكسية لمثل هذه الخطوات.

وقال توربيورن سولتفيدت من مؤسسة "فيرسيك مابلكروفت" الاستشارية لمعلومات  المخاطر "سيهدد (الأميركيون) بقطع العلاقات المشحونة بالفعل، وهو ما سيضع بدوره ضغوطا متصاعدة أكبر على أسعار النفط والوقود".

وقالت إيلن والد مؤلفة كتاب يتناول تاريخ شركة أرامكو النفطية السعودية العملاقة إنّ "الرد الأكثر احتمالا هو ما رأيناه بالفعل من تصريحات شديدة اللهجة من السياسيين".

- "إعادة تقييم" -
لا يقتصر الأمر على مخاوف الطاقة فقط في إفساد الشراكة الأميركية السعودية، التي تكرّست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية مما وفر للمملكة حماية عسكرية في مقابل حصول الأميركيين على النفط.

وقد تركزت الخلافات السابقة على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والاتفاق النووي مع إيران الذي سعى إليه الرئيس الديموقراطي باراك أوباما.

واعترض السعوديون أيضًا على ما اعتبروه ردا فاترا من الرئيس دونالد ترامب على الهجمات الكبيرة على منشآت النفط السعودية في عام 2019، والتي تبناها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن.

وقالت جاكوبس من مجموعة الأزمات الدولية "أعتقد أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تمر بعملية إعادة تقييم كبيرة".

وأضافت "يبدو أن قرار أوبك بلاس أقل انحيازًا لروسيا وأكثر اتساقا مع تصرف السعودية مراعاة لمصالحها والرد على ديناميكية العلاقة الزبائنية التقليدية بين الولايات المتحدة والسعودية".

وفي حين أن "العواقب" التي قد تواجهها الرياض بشأن تخفيضات أوبك بلاس تظل لغزا، فإن "الرد المبالغ به لن يؤدي إلا إلى تسريع الجهود الجارية لتنويع العلاقات العسكرية السعودية، ليس فقط مع الصين وروسيا ولكن مع فرنسا والمملكة المتحدة والهند وباكستان وحتى البرازيل وجنوب إفريقيا اللتين تستطيعان توفير المعدات"، على ما أفاد علي الشهابي، المحلل السعودي المقرب من الحكومة.

وتابع الشهابي "الولايات المتحدة لم تزود السعودية مطلقا بأحدث معداتها على أي حال، لذا فإن هذا التنويع لن يكون هدفا غير معقول على المدى المتوسط".

وبغض النظر عن هذا الاحتمال، يبدو أن المسؤولين السعوديين لا يزالون متفائلين بأن العلاقات مع واشنطن ستتغلب على الاضطرابات الحالية.

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير لشبكة "سي إن إن" الأربعاء "لا أعتقد أن هذه العلاقة قطعت"، وتابع "هذه العلاقة قوية جدا". 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium