لم يكن يوم أمس يوماً عادياً في العديد من فروع المصارف في لبنان بعدما تعرّض العديد من هذه الفروع لعمليات اقتحام بقوة السلاح من قبل بعض المودعين بغية الحصول على ودائعهم، ما دفع بجمعية المصارف لإعلان إقفال فروعها الأسبوع المقبل لمدّة ثلاثة أيام.
ما شهدته المصارف أمس يأتي بعد يومين من اقتحان سالي حافظ فرع بنك لبنان والمهجر في السوديكو، لتتمكن من الحصول على أموالها لعلاج شقيقتها المصابة بالسرطان. وأمس دخل أحد المودعين برفقة ابنه فرع بنك "بيبلوس" في الغازية، وعمد إلى تهديد الموظفين بسلاح حربي وسكب مادة البنزين، وهدّد بحرق الفرع إن لم يحصل على وديعته. وقد سادت حال من الهرج والمرج داخل الفرع، وسط احتجاز موظفين وزبائن داخله، وقد تمكن من الحصول على مبلغ 19200 دولار من وديعته وتسليمه لشخص كان ينتظره خارج المصرف، قبل أن يتوارى عن الأنظار، ولاحقاً سلّم نفسه مع ابنه الى القوى الأمنية. وفي بيروت، اقتحم أحد المودعين ويُدعى محمد سوبرة فرع بنك "لبنان والمهجر" في الطريق الجديدة - الملعب البلدي، مطالباً بوديعته، وتوجّه النائب أشرف ريفي إلى منطقة الطريق الجديدة لمواكبة عملية اقتحام فرع بنك لبنان والمهجر في المنطقة، حيث دخل المصرف وقام بالتفاوض مع سوبرة الذي احتجز الموظفين مطالباً بتسلّم وديعته كاملة، وإدارة البنك. أما المودع الذي اقتحم "بنك لبنان والخليج" في الرملة البيضاء فطالب بوديعته وبحوزته بندقية صيد ويدعى جواد سليم. وبحسب شقيقه فإن سليم طلب الحصول على 35 ألف دولار من أصل 50 ألف دولار قيمة وديعته، وعرضت الإدارة إعطاءه مبلغ 15 ألف دولار. أما مقتحم البنك اللبناني الفرنسي في الكفاءات فيُدعى محمد إسماعيل الموسوي وقد حصل على 20 ألف دولار بـ5 دقائق حاملاً مسدّساً مزيّفاً تركه أمام المصرف وأعرب عن استعداده لتسليم نفسه. وفي بلدة شحيم – إقليم الخروب، أقدم مودع على اقتحام بنك البحر المتوسط، وتخلل العملية إطلاق نار، والمودع ملازم أوّل في الجيش.
وبعد التطوّرات المتسارعة التي حصلت أمس، قرّرت جمعية مصارف لبنان إقفال المصارف أيام 19-20-21 أيلول الجاري "استنكاراً وشجباً لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود مجلس الإدارة إلى الاجتماع في مطلع الأسبوع المقبل للنظر في شأن الخطوات التالية، وأصدرت الجمعية البيان أشار فيه الى أنه بعد الاعتداءات المتكررة على المصارف وما يتعرّض له القطاع ولا سيما موظفو المصارف من تعدّيات جسدية وعلى الكرامات، التي فصّلها بدقة البيان الأخير لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان، وكذلك بعد أخذها في الاعتبار المخاطر التي يتعرّض لها الزبائن الموجودين داخل الفروع التي تتعرّض للاقتحام. واعتذرت الجمعية من كل المودعين عن أي إزعاج أو تأخير قد ينتج عن هذا الإقفال، لأن سلامة موظفيها وزبائنها تأتي في رأس الأولويات التي تضعها المصارف نصب أعينها إضافة إلى مصالح المودعين التي تحاول تأمينها بقدر المستطاع في الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها البلاد.
من ناحية أخرى شدّدت الجمعية على "نبذ العنف بكافة أشكاله لأن العنف لم ولن يكون هو الحل. الحل يكون بإقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الأزمة بأسرع ما يمكن، لأن معالجة أزمة انهيار نظامية Systemic Failure كالتي تمر بها البلاد لا يمكن أن تُحل إلا عبر خططٍ شاملة تأخذ في الاعتبار كافة المسبّبات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل، كما ورد مؤخراً في العديد من مداخلات السادة النواب في المجلس النيابي الكريم".