وفيما انطلقت "جمعية المودعين" بعد حوالي شهر من الأزمة المصرفية في 2019، تأسّست "صرخة المودعين" في أواخر عام 2021 وانشقت عن "جمعية المودعين". في هذا الإطار، ما هي نقاط الاختلاف في مقاربة كلّ من "صرخة المودعين" و"جمعية المودعين" في المطالبة بالحقوق؟ ولماذا لا تتوحّد هذه الجهود لكونها تتعلّق بحقوق عامة الناس العابرة لجميع المعايير.
رئيس جمعيه المودعين، حسن مغنية، في حديثه لـ"النهار"، يوضح أنّ الجمعية قامت بـ16 تظاهرة كانت كلّها سلمية أمام جمعية المصارف ومصرف لبنان والسرايا الحكومية، و"نحن نرفض العنف". وبرأيه، "قد يكون ما حصل في بدارو منظَّماً، فنظرية المؤامرة ودخول الطابور الخامس موجودة دائماً في لبنان، وكذلك الاستغلال السياسي لقضية المودعين موجودة".
وتختلف "صرخة المودعين" مع "جمعية المودعين" بحسب مغنيّة، بطريقة مقاربة كلّ منها للمطالبة بحقوق المودعين، رغم التنسيق في ما بين الجهتين أحياناً لتنفيذ بعض التحركات. لكن "بنظرنا، إحراق المصارف وإعدام القطاع المصرفي لن يعيد للمودعين أموالهم وإفلاس المصارف لن يعيد الودائع"، على ما يقول مغنية، "فطريقة تحرّكهم على الأرض لا نشجّع عليها ولا نعتمدها، فنحن أيضاً، إلى جانب كوننا ضد العنف، نأخذ في الاعتبار الموظفين الموجودين داخل المصرف، ولا نريد ترهيبهم ولا إلحاق الأذى بهم، إذ لا نريد أن نضع مواطناً بوجه مواطن، فالمودع هو مواطن، وكذلك موظف المصرف".
وأشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أنّ "الأحداث الأمنية التي حصلت في اليومين الفائتين، أوحت وكأنّ هناك "فقسة زر" في مكان ما، ومن خلال متابعتي ما حصل من أعمال حرق أمام المصارف، سألت نفسي هل فعلاً هؤلاء هم من المودعين أم هناك إيعاز ما من مكان ما للقيام بما حصل؟".
فهل من محرِّك لمَن قام بأعمال حرق للمصارف؟ يقول المتحدِّث الرسمي باسم جمعية "صرخة المودعين" إبراهيم عبد الله، لـ"النهار": "نحن مودعون معروفون بالأسماء من قِبل القوى الأمنية، ونواظب على التحرّك دائماً في الشارع وبشكل سلمي"، ويتّهموننا بأجندات سياسية وبأنّنا مدفوعون من جهات وتيارات حزبية معيّنة، وجميعنا أشخاص كبار في السن وليس بيننا شبّان صغار، ولسنا "زعراناً" لكنّهم يريدون أن يصوّرونا كذلك".
يؤكّد عبد الله "أنّنا لا نختلف مع "جمعية المودعين" في وجهات النظر، فمطلبنا ومطلبهم واحد هو استعادة الودائع ونحن انشققنا منها أساساً". لكن "جمعية المودعين"، توقّفت عن التحرّك على الأرض منذ عام ونصف، إضافة إلى اختصار الجمعية كلّها برئيسها حسن مغنية الذي أصبحت تصاريحه "ميّالة نحو المصارف" وأصبح همّه الظهور الإعلامي، وهو الذي حصل على وديعته كاملة"، بحسب عبد الله.
وفي ما يتعلّق بخيارهم اللجوء إلى إحراق المصارف، يروي عبد الله أنّه "لطالما تحرّكنا بشكل سلمي ولم تستجب لطلبنا أيّ من وسائل الإعلام المرئية، فهي جميعها مرهونة للمصارف التي تبثّ إعلاناتها على هذه القنوات، لذلك قرّرنا أن نقوم بما قمنا به أمس من شغب وإحراق، لجعل وسائل الإعلام المرئية تغطي مطالبنا وتنقلها، فهذه القنوات لا تعطينا حقّنا لا بتغطية تحرّكاتنا ولا على دورنا كجمعية، ولا توصل صوتنا إلّا إن كانت ترضى عن أحد ما في الجمعية. وكان اختيار منطقة بدارو للمرة الأولى، لأنّها منطقة تتجمّع فيها المصارف بشكل مكثَّف دون حصن حديدي، على عكس مصارف الحمراء حيث حصّنت نفسها ولا يمكننا أن نطالها بأيّ أذى"، وفق عبد الله.
لذلك، يوضح عبد الله أنّه "كان لا بدّ من هذا التحرّك لإسماع صوتنا للإعلام وخلقنا له ما يجعله يركض ليغطي الحدث". فالمصارف تؤثّر في وسائل الإعلام المرئيّة والمؤثرين الاجتماعيين والنافذين في البلد.