شارك وزير الطاقة والمياه وليد فياض بالحلقة الحوارية عالية المستوى التي عقدت من ضمن فعاليات أسبوع القاهرة للمياه والتي تناولت موضوع الاستثمار والتمويل في قطاع المياه والتي شارك فيها وزير الثروة المائية الفلسطيني ووزير المياه والري المصري وخبراء عالميين في قطاع المياه والتمويل.
واعتبر الوزير فياض في مداخلته أن "الوضع الحالي في لبنان هو استثنائي جداً وربما حالة انفرادية، لأن يفقد بلد بين ليلة وضحاها قدرته على الإستثمار وعلى جذب التمويل".
ولفت إلى أن "منذ بداية العام 2020 تعرّض لبنان لأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه أدت إلى فقدان العملة الوطنية لأكثر من 95 في المئة من قيمتها ما أوقف كل الاستثمارات الداخلية التي كانت ملزمة بالليرة اللبنانية. وزاد في الوضع سوءاً أزمة النزوح السوري والنزف الكبير في الإقتصاد اللبناني الناجم عن هذا النزوح حيث قدرت الخسائر على الإقتصاد بأكثر من 13 مليار دولار. ترافق ذلك مع تخلّف الدولة عن سداد ديونها ما أوقف أيضاً التمويل الخارجي، وحتى سحب التمويل من المشاريع التي كانت قيد التنفيذ (سدّ بسري، مشاريع الصرف الصحي...)".
وأشار إلى أن "قطاعات البلاد ومنها المياه أصبحت محرومة من أية استثمارات وتمويل واكتفينا بمحاولة تطبيق خطط طوارىء وإطفاء حرائق ومعالجة الأمور المستجدة يوماً بيوم".
كما رأى أن "قطاع المياه بحاجة اليوم الى إعادة التوازن المالي الى المؤسسات الاستثمارية للمياه، عبر إعادة هيكلة التعرفة وزيادة الجباية وتخفيض الهدر الفني وغير الفني، ما يسمح ببناء نظام مالي متوازن ورابح يغطي كامل الكلفة ويسمح مستقبلاً بالاستثمار دون الحاجة الى مساهمات من الخزينة المركزية، وهذا ما نعمل عليه عبر خطة التعافي لمؤسسات المياه في لبنان".
وأكّد أن "لبنان بحاجة إلى عودة الاستثمارات الدولية والعربية إليه، ونعمل اليوم على إعادة بناء الثقة مع الجهات الدوليّة والعربية المموّلة عبر الخطوات التالية:
1. تسديد لبنان للدفعات المستحقة للصناديق الممولة في وقتها.
2. إجراء إصلاحات أساسية قي قطاع المياه أولها إقرار قانون جديد للمياه عام 2020 والعمل على إصدار مراسيم تطبيقية بالتعاون مع الجهات الدولية.
3. إعادة هيكلة التعرفات والرسوم المتعلقة بقطاع المياه.
4. التفاوض مجدداً مع الجهات الممولة وخاصةً البنك الدولي لإعادة إحياء القروض المتوقفة في قطاع المياه والصرف الصحي.
5. تظهير موقف لبنان كمتضرّر من النزوح السوري والعمل على تأمين التمويل لتعويض الخسائر التي تعرض له اقتصاده جراء هذا النزوح وليس فقط الإكتفاء بالدعم المباشر للنازحين دون الإلتفات الى المجتمعات المضيفة".
في السياق، اعتبر أن "الإستثمارات في قطاع المياه في العالم أصبحت أصعب فأصعب، وأن التمويل مكلف أكثر فأكثر (250 مليار دولار عام 2020 والمتوقّع أن يكون 470 مليار دولار عام 2028) وذلك للأسباب التالية: مستوى المياه الجوفية أصبح أعمق، المواد الأولية لبناء المشاريع ارتفعت أسعارها، المصادر التقليدية أصبحت أكثر ندرةً خصوصا مع تغيّر المناخ فاصبح الإتجاه نحو المياه غير التقليدية المكلفة من ناحية الاستثمار والتشغيل، ازدياد عدد السكان ما انعكس حاجةً لإنشاء مشاريع ضخمة تلبي الحاجة (زيادة الطلب على المياه المنزلية 600 في المئة منذ الستينات وزيادة الطلب على المياه بشكل عام من 500 مليار متر مكعب في السنة عام 1900 إلى 4000 مليار متر مكعب في السنة عام 2015)، المردود على الإستثمار في قطاع المياه هو طويل الأمد".
واشار إلى أن "الحكومات والجهات المموّلة تتجه اليوم الى استنباط آليات تمويلية جديدة عبر مشاركة الدول بحصّة من الجهد التمويلي وخلق شراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص (PPP) والتوجه نحو عقود التصميم والشراء والبناء والتمويل والتشغيل (EPC+F+O&M) ما يعطي مرونة أكثر في التمويل ويشكل عامل جذب للمموّلين. يترافق ذلك مع إجراء إصلاحات في القطاعات تطمئن المستثمر حول مصير سداد الديون".
وذكر أن "بحسب الإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه كان من المفترض زيادة قدرة التخزين السطحية عبر بناء السدود بحوالي 880 مليون متر مكعب بكلفة تصل الى 2.4 مليار دولار لتأمين الأمن المائي حتى عام 2035، وذلك عبر استثمارات داخلية من ضمن الموازنة العامة لقسم من هذه المشاريع وتمويل خارجي عبر الصناديق العربية والدولية للقسم الأكبر منها".