من المؤتمر الصحافي بعد عملية الاستحواذ في مدينة بيرن السويسرية (أ ف ب).
استحوذ بنك "يو بي إس" الأكبر في سويسرا على منافسه "كريدي سويس" المأزوم، بعد مفاوضات شاقة، في حين أعلنت الحكومة توفير ضمانات كبرى أملاً بتجنُّب أزمة حادة واستعادة "ثقة" المستثمرين في العالم أجمع.
من الخزانة الأميركية إلى المصرف المركزي الأوروبي، سارعت للترحيب بالخطوة جهات عدّة تخشى اضطرابات جديدة في الأسواق التي ضعفت على أثر إفلاس "سيليكون فالي بنك" في الولايات المتحدة.
وتبلغ قيمة الصفقة ثلاثة مليارات فرنك سويسري (3,02 مليار يورو) مستحقة الدفع على شكل أسهم، أي 0,76 فرنك للسهم الواحد بعدما كانت قيمة سهم كريدي سويس الجمعة 1,86 فرنك سويسري.
والأحد، أكد الرئيس السويسري ألان بيرسيه، في مؤتمر صحافي بحضور رئيسَي المصرفَين كولم كيليهير عن "يو بي إس"، وأكسيل ليمان عن "كريدي سويس"، أنّ هذا الحل "ليس مفصليّاً لسويسرا فقط (...) بل لاستقرار مجمل النظام المالي" العالمي.
وأعلنت وزيرة المال السويسرية كارين كيلر-سوتر، في المؤتمر الصحافي، أنّ إفلاس "كريدي سويس" كان سيؤدي إلى "أضرار اقتصادية لا يمكن إصلاحها"، وتابعت: "لذا على سويسرا أن تضطلع بمسؤولياتها بما يتخطى حدودها".
من جهتها، رحّبت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بـ"التحرّك السريع" للسلطات السويسرية.
في الولايات المتحدة، أعربت الخزانة الأميركية والاحتياطي الفدرالي عن "رضاهما" على الخطوة.
والأحد، أعلنت المصارف المركزية للولايات المتحدة وسويسرا ودول أخرى عن تحرّك منسّق لتوفير مزيد من السيولة لطمأنة الأسواق في خضم أزمة ثقة بالنظام المصرفي.
وكان يتعيّن إتمام صفقة الاندماج بين المصرفين العملاقين، وكلاهما ضمن المؤسسات المصرفية الثلاثين التي تصنف أكبر من أن يُسمح بانهيارها، قبل افتتاح البورصة في الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت غرينتش الاثنين لتجنب موجة من الذعر.
ويأمل مراقبون بأن تكون الخطوة كافية لتجنيب الأسواق الإثنين حالة ذعر واسعة النطاق.
سباق نحو الهاوية
يرزح القطاع المصرفي تحت وطأة ضغوط كبرى منذ أن رفعت البنوك المركزية الرئيسية أسعار الفائدة في محاولة للسيطرة على التضخم. وأخفقت مؤسسات عدة في الاستعداد للمخاطر الراهنة بعدما بقيت سنوات تستفيد من تمويل بفائدة ضئيلة.
فاقم إفلاس "سيليكون فالي بنك" مؤخّراً في الولايات المتحدة وبنوك أميركية إقليمية أخرى مخاوف المستثمرين ودفعهم إلى بيع سندات المصارف التي تعتبر الحلقات الضعيفة.
مرّ كريدي سويس بعامَين شهِدا عدداً من الفضائح كشفت "نقاط ضعف جوهرية... في الرقابة الداخلية"، بناء على اعتراف الإدارة نفسها.
وعلى الرغم من جهود إدارته للترويج لخطة إعادة هيكلة مدتها ثلاث سنوات، لم ينجح الأمر.
ووفق صحيفتَي "فاينانشل تايمس" و"بليك"، سحب زبائن المصرف ودائع بقيمة 10 مليارات فرنك سويسري في يوم واحد في أواخر الأسبوع الماضي، رغم حصوله على قرض بقيمة 50 مليار فرنك من البنك المركزي السويسري.
بحسب وزيرة المال، سيستفيد "يو بي إس" من ضمانة حكومية بنحو 9 مليارات فرنك للتصدي لأي مشاكل قد تبرز في محفظات كريدي سويس.
كما وافق البنك المركزي على توفير سيولة تصل إلى 100 مليار فرنك سويسري إلى "يو بي إس" و"كريدي سويس".
بدأ بنك "يو بي إس" في جني ثمار جهوده بعد أن أمضى عدة سنوات في التعافي من صدمة الأزمة المالية للعام 2008 وخطة الإنقاذ الحكومية الضخمة.
يمكن لهيئة حماية المنافسة أيضاً أن تبدي معارضتها لصيغة عملية الاستحواذ.
تركّزت النقاشات على مصير الفرع السويسري من بنك "كريدي سويس" الذي يعدّ من الكيانات المربحة ضمن المجموعة التي خسرت 7,3 مليار فرنك سويسري العام الماضي وتتوقع تسجيل خسائر "كبيرة" عام 2023.
ويقدم الفرع خدمات مصرفية للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن الوسائل التي يذكرها المحلّلون طرحه للاكتتاب العام، ما من شأنه تجنّب عمليات التسريح الجماعي للموظفين في سويسرا.
في هذا السياق، "طالبت" الأحد نقابة موظفي البنوك في سويسرا بضم الشركاء الاجتماعيين إلى النقاشات، بالنظر إلى المخاطر "الهائلة" على التوظيف.
والأحد، أعلنت النقابة تأييدها خطوة الحكومة لكنّها أعربت عن "أسفها بشدة لوصول الأمور إلى ما وصلت إليه".