على مشارف إقرار الموازنة التي طال انتظارها، والتي قسّمت مجلس النواب بين مؤيّد ومعارض، لم تمرّ الجلسة النيابيّة مرور الكرام، حيث حاول بعض من العسكريين المتقاعدين الدخول إلى مجلس النواب بالقوّة وسط انتشار أمني كثيف، في حين شهدت ساحة النجمة حالة من التوتر والتدافع بين المتظاهرين وعناصر الجيش اللبنانيّ.
الصور والفيديو بعدسة الزميلين نبيل إسماعيل وحسن عسل:
وفيما نجح الجيش بإبعاد المتظاهرين عن بوابة المجلس بعد إلقاء قنابل مسيلة للدموع باتجاهم في محاولة لإبعادهم عن مبنى المجلس النيابي حيث تعقد الجلسة، وصلت قوة من الجيش لمؤازرة شرطة مجلس النواب والقوى الأمنية، حيث سجلت احتكاكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية. وقد افترش المتظاهرون الأرض منعاً لمحاولة إبعادهم من المكان.
هذا، وناشد العسكريون المتقاعدون المتظاهرون قائد الجيش للنزول إلى الأرض والاستماع إلى مطالبهم والعمل على تحقيقها إنصافاً لهم.
وانضم إليهم كل من النائبة سينتيا زرازير، شامل روكز والنائب جميل السيّد، حيث ألقى الأحير كلمة دعاهم فيها إلى التهدئة، قائلاً: "نحن نحاول في الداخل أخذ شيء من الحقوق، والوصول إلى قرار يعطي الحقوق وينصف العسكريين. هدفنا جميعاً تحصيل الحقوق". وطلب منهم تشكيل وفد مصغر لمرافقته إلى داخل المجلس النيابي ورفع مطالبهم، وعندما جوبه طرحه بالرفض، قال: "نعطي مهلة للحكومة والمجلس عشرة أيام "يا بيعملوا الصح أو منرجع لمتل ما كان وأسوأ".
بدورها، علّقت النائبة بولا يعقوبيان على ما حصل في محيط مجلس النواب، قائلةً: "هناك دولة موازية في الخارج تضرب الناس"، ليردّ برّي: "لا دولة موازية ولا شي ونعالج الأمر".
أحد المتظاهرين هو عميد متقاعد، قال لـ"النهار": "راتبي خمسين دولاراً، وهو لا يكفيني يوماً واحداً وفق ما ورد في الموازنة".
وأفاد مراسل "النهار" أن النقاش في جلسة مجلس النواب تناول قضيّة الواردات التي لحظت عجز 16 ألف مليار. وتم تعليق بند الواردات لإعادة الاتفاق على الأرقام بعد كلام وزيري الأشغال والاتصالات عن واردات غير ملحوظة.
وكان انطلقت جلسة مجلس النواب عند العاشرة والنصف من صباح اليوم، لمتابعة درس مشروع موزانة 2022.
واعتبر النائب جبران باسيل أن "تقرير وزارة المال لم يتضمّن كل الأرقام والحكومة تعطينا الآن في كل وزارة أرقاماً جديدة وهناك عدم جدية بالتعاطي بموضوع الموازنة".
هذا ووافق مجلس النواب على الاقتراح المقدم من النائب علي حسن خليل بتمديد حماية الملكية العقارية في منطقة الجميزة والأبنية الأثرية.
من جهته، تخفّظ النائب إبراهيم كنعان على ورود مواد مثل التعديلات الضريبية في الموازنة وطلب من الحكومة عدم تكرارها "لأن مناقشتها يجب أن تتم في شكل منفصل عن الموازنة لا أن تهرّب من ضمنها".
وتعتبر نقطة تمويل عجز الموازنة من أهمّ النقاط التي ستناقش خلال الجلسة اليوم، حيث تتجه الأنظار إلى المجلس النيابي حيث يفترض أن يقر مشروع الموازنة بتوافق غالبية القوى الكبيرة، وسيترافق ذلك مع اعتراضات نيابية من جهة واعتصامات خارج مقر مجلس النواب.
واقترحت كتلة "الجمهورية القوية" إعادة العمل بإعفاء معاشات التقاعد من الضريبة على الرواتب والأجور، والهيئة العامة أقرّت الاقتراح.
كما أثارت الكتلة موضوع ضرورة استعادة مبلغ ٥٢ مليون دولار فريش من شركات الطيران لمصلحة الجامعة اللبنانية، وأكد النواب هذا الأمر.
وفي السياق، أفاد مراسل "النهار" أنّه تم إقرار الرسم على جواز السفر لـ5 سنوات بمليون ليرة، ولـ10 سنوات بمليوني ليرة.
وعلى هامش الجلسة، اعتبر رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل أن الموازنة هي "عبارة عن مواد وهمية وهي بمثابة عملية انتحار جماعية وتشريع التهرب الضريبي والاقتصاد الموازي"، واصفاً إياها بالمهزلة.
وأضاف: "بدلاً من القيام بالإصلاحات والنظر في كيفية إدخال الدولار إلى البلد نضيع وقتنا بالهروب إلى الاًمام"، مؤكداً أن "كل الإيرادات التي يجري الحديث عنها هي وهمية لأن زيادة الرواتب ستؤدي إلى مزيد من طبع العملية وارتفاع حجم التضخم وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية".
واعتبر أن "ما يفعله المجلس اليوم هو نقل الثروة من القطاع الخاص والناس الملتزمة بالقوانين إلى السوق الموازي وشركات التهريب. بالإضافة أنه سيؤدي إلى تضخم هائل سيطيح بزيادة الرواتب وبالقدرة الشرائية لجميع اللبنانيين".
هذا وأفاد مراسل "النهار" بأن "مجلس النواب بدأ جلسته بدقيقة صمت على ضحايا مركب الموت".
في مستهلّ الجلسة، اعترض النائب إبراهيم كنعان على الأرقام المرسلة من وزارة المال لاعتماد الدولار الجمركي على تسعيرة 15 ألف ليرة لبنانيّة.
وبعد إقرار الموازنة، يفترض أن يحمل رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي إلى القصر الجمهوري مشروع تشكيلة حكومية تعكس التوافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
وفي السياق، أشارت معلومات "النهار" إلى أنّ "الرئيس نبيه بري سيعمد بعد الموازنة إلى الدعوة من دون تأخير إلى تحديد موعد جلسة لإدخال تعديلات على قانون السرية المصرفية بعدما ردّه عون ليكون متلائماً مع مطلب صندوق النقد إضافة الى المباشرة في عرض قانون هيكلة المصارف والـ"كابيتال كونترول" لتكون الطريق معبدة أمام الحكومة لتوقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد شرط أن تكون تخلّت عن ثوب تصريف الأعمال".
ووفقاً للمصادر "سيدعو بري الذي يعاين هذا الملف بدرجة عالية من الدقة والحذر الى جلسات انتخاب قبل منتصف تشرين الأول المقبل ومن دون أن يفصح بالطبع عن اسم المرشح الذي يدور في فؤاده السياسي".