ترتفع وتيرة هجرة الثروات الخاصّة بعد عامين من الهدوء التامّ في ظلّ الجائحة، وفق تقرير هجرة الثروات الخاصّة، الصادر عن شركة Henley & Partners.
وأظهر التقرير أنّ نحو 122 ألف مليونير حول العالم، يعزمون على مغادرة الدول التي يقيمون فيها في عام 2023، و 128 ألف مليونير آخر ينوون فعل ذلك في عام 2024، للحفاظ على ثرواتهم وحمايتها.
وبحسب معدّي التقرير، فإنّ تحرّكات أصحاب الثروات قد تكون مؤشّراً مبكراً على حالة اقتصاد دولة ما، والأحوال الاجتماعية فيها.
وأدّت التهديدات الجليّة للاستقرار التي فرضتها الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، إلى دفع أصحاب الملايين للعثور على بيئة أكثر أمناً. وظهر ذلك بوضوحٍ في روسيا عام 2022، عندما فقدت المركز الثاني بين الدول التي تحتضن أكبر عدد من أصحاب الملايين، بعد أن غادرها 8,500 من أصحاب الثروات بسبب الصراع مع أوكرانيا. ومن المتوقَّع أن يصل عدد أصحاب الثروات المغادرين إلى 3 آلاف هذا العام.
وشهدت الصين أيضاً خروجاً سنوياً منتظماً وهائلاً لأصحاب الملايين على امتداد العقد الماضي، لم تشهده أيّ دولة أخرى. ومن المتوقَّع أن يشهد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مغادرة أكبر عدد من أصحاب الثروات مجدّداً في عام 2023، باختيار 13,500 ثريّاً الرحيل.
وتشير التوقّعات إلى أنّ الهند ستشهد ثاني أكبر موجة خروجٍ لأصحاب الثروات بمغادرة 6,500 منهم، بسبب فرض الضرائب المرتفعة، والقوانين الصارمة المفروضة على التحويلات المالية إلى الخارج، إلى جانب بعض العوامل الرئيسية التي تشجع على هجرة الثروات.
وتشهد المملكة المتّحدة تناقصاً في أعداد أصحاب الثروات الطائلة منذ عام 2017. ويُتوقّع لها أن تخسر 3,200 مليونير في عام 2023. ويعتقد معدّو التقرير أنّ هجرة الثروات المستمرّة، ربما تعود إلى خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبيّ، والضريبة المرتفعة المفروضة على الأرباح الرأسمالية، ونظم الرعاية الصحّية المتداعية، وغيرها من الأسباب.
أين يتّجه أصحاب الملايين؟
من المرجّح أن تصبح أستراليا الوجهة الأكثر جذباً للأثرياء، بعد وفود 5,200 منهم إليها، وكذلك الإمارات التي يُتوقّع لها استضافة 4,500 مليونيرٍ. وتحلّ سنغافورة، أكبر موطن للأثرياء في القارة الآسيوية، في المركز الثالث باستضافة 3,200 ثري، تليها أميركا لتحتضن 2,100 منهم، ثمّ سويسرا بـ1,800 ثريّ.
والدول الـ5 الأولى التي لجأ إليها أكبر عدد من أصحاب الثروات الطائلة الأكثر ثراء، تمنح إمّا الإقامة أو الجنسية لحاملي الجنسيات الأخرى، عبر برامج أقرّتها للاستثمار.
إذ في وسع المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، التمتّع بالإقامة بفضل برنامج الاستثمار الذي تقرّه الإمارات، شرط امتلاك الراغب في ذلك رأس مال لا يقلّ عن 544,588 دولاراً. بينما يمنح الأردن الجنسية، والحقّ في الإقامة والعمل والدراسة لمن يملكون رأس مال لا يقلّ عن 750 ألف دولار.
في عام 2022، شهدت الإمارات أعلى معدّل جذب لأصحاب الملايين، عندما قدم إليها 5,200 وافد جديد. وعلى الرغم من التراجع الطفيف المتوقّع لهذا العدد في العام الراهن، لا تزال البلاد تمثّل الملاذ الآمن لمعظم أصحاب الملايين القادمين من الهند والمملكة المتحدة، وروسيا ولبنان وباكستان على سبيل المثال لا الحصر.
كما ساعدت معدّلات الضرائب المنخفضة، ونظام الرعاية الصحية الممتاز، وتنوّع اقتصاد هذه الدولة العربية، لتغدو مراكز جذب الثروات في العالم. في آب 2022، أطلق مركز دبي التجاريّ العالميّ المركز العالميّ للشركات العائلية والثروات الخاصّة، الأوّل من نوعه في العالم، لتقديم خدمات إدارة الثروات.
لكن ما الذي يجعل من بلد ما وجهة مرغوبة لأصحاب الثروات؟
يورد التقرير أنّ أصحاب الثروات الذين تبلغ ثرواتهم مليون دولار أو أكثر، والذين لا يمانعون نقل أعمالهم وثرواتهم، يبحثون عن دول حاضنة تسنّ سياسات واضحة وتشريعات جاذبة، مثل: معدّلات الضرائب المنخفضة، إلى جانب الاستقرار السياسيّ والحريّة الشخصيّة.