تشكل مخيمات اللاجئين العشوائية المنتشرة على طول نهر الليطاني مصدرا لا يستهان به للتلوث، حيث تقوم معظم مخيمات اللاجئين السوريين المقيمين ضمن المخيمات والتجمعات على ضفاف نهر الليطاني بتحويل النفايات السائلة والصلبة الناتجة عنها مباشرة إلى مجرى نهر الليطاني وروافده كما إلى أقنية مشاريع الري التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني. وتبين جراء المسح التي قامت به الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني خلال سنة 2020 الاتي:
• العدد التقريبي للنازحين في الحوض الأعلى: يوجد ما يقارب 974 موقعا يضم حوالي 11466 خيمة وقد بلغ العدد التقديري للنازحين في هذه المواقع حوالي 68645.
• العدد التقريبي للنازحين في الحوض الأدنى: 4238 نازحا سوريا بمحيط قناة ري القاسمية. وقدر عدد خيم النازحين السوريين الموجودة ضمن نطاق الحوض الأدنى حوالي934 اما السوريين الموجودين في منازل ومقيمين ضمن حدود حوض الليطاني الأدنى فيبلغ عددهم 52331 نازحاً. يكون العدد الإجمالي للنازحين السوريين ضمن الحوض الادنى لنهر الليطاني وضمن نطاق مشروع ري القاسمية 57000 نازح سوري.
علماُ أنه لا يقل عن 20000 مولود سوري في لبنان سنوياً أي حوالي الربع مليون نسمة خلال 11 عاماً. كما وسجلت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى تاريخ 31 اذار 2022 حوالي 839086 نازحا سوريا داخل الاراضي اللبنانية منهم 188990 نازحا يقطنون المنازل أي حوالي 22% فقط.
تداعيات وجود النازحين على قطاع المياه
يقدر الطلب على مياه الشفة في المخيمات بحسب تقدير تقريبي لاستخدام المياه اليومي، بافتراض أن الخزانات يتم ملؤها مرة واحدة في اليوم بمتوسط استهلاك يومي هو 100 ليتر للفرد.مع العلم أن مصادر المياه لهذه المخيمات تتعدد وفي بعض الأحيان يتم توصيل المياه بواسطة الشاحنات ، وفي حالات أخرى يتم توفيرها من خلال الشبكة القائمة، وفي بعض الأحيان يتم حفر بئر جديدة لتوفير المياه. وتشير الدراسات إلى زيادة بنسبة 20٪ في استخدام المياه المنزلية في لبنان بسبب أزمة اللاجئين (من 676 إلى 826 مليون م3/سنة).
تداعيات وجود النازحين على قطاع الصرف الصحي
تقدر كميات المياه المبتذلة الناجمة عن المخيمات الواقعة على ضفاف نهر الليطاني في منطقة الحوض الاعلى لنهر الليطاني دون معالجة مسبقة، بحوالي 2,104,655 متر مكعب سنويا. فيما تقدر كميات المياه المبتذلة الناجمة عن المخيمات الواقعة في حرم قنوات الري قي منطقة الحوض الأدنى دون معالجة مسبقة، بحوالي 135,000 متر مكعب سنويا. (اعتمادا أن معدل استهلاك النازح يقدر ب 84 ليتر يوميا)
تبين خلال الكشوفات التي تقوم بها الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني على شبكات ومجاري وريغارات شبكات الصرف الصحي في منطقة حوض نهر الليطاني مشكلة متمثلة بفيضان الصرف الصحي بين المساكن وعلى الطرق وصولاً إلى مجاري الروافد ونهر الليطاني بحيث تشهد شبكات الصرف الصحي المتصلة بالمساكن المكتظة بالنازحين السوريين تدفقا مستمرا وبكميات هائلة تتخطى القدرة الاستعابية للشبكات القائمة بحيث تشكل بركا طبيعية من مياه الصرف الصحي في الأحياء والاراض المحاذية لمجرى نهر الليطاني و/أو قنوات الري المحاذية لهذه المساكن. بالإضافة إلى قيام سكان تلك الأحياء بتمديدات غير مرخصة للصرف الصحي مما يؤدي إلى تسكير المجرى الرئيسي وفيضان الريغارات الموجودة نتيجة تخطي قدرة الشبكة على إستيعاب الكميات المحولة عليها بالإضافة إلى عدم وجود جور صحية بحسب الأصول الفنية لتلقي كميات مياه الصرف الصحي ومعالجتها.
يواجه قطاع المياه في لبنان طلبا اضافيا يقدر ما بين 43 و70 مليون متر مكعب في السنة، اي بزيادة 8 الى 12% على حجم الطلب قبل النزوح، وشكل النزوح السوري ثاني أكبر تأثير يتعلق بتدهور جودة المياه في منطقة حوض نهر الليطاني. أما محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تم بناؤها من خلال التمويل الدولي فلا تزال لا تعمل أو تعمل بأقل من طاقتها. هذا يعني أن 8% فقط من مياه الصرف الصحي يتم معالجتها، بينما تبلغ تغطية شبكة الصرف الصحي 60%. غالبًا ما تستخدم المنازل غير المتصلة بشبكات الصرف الصحي الحفر الامتصاصية وخزانات الصرف الصحي التي توفر الحد الأدنى من مخاطر تسرب مياه الصرف الصحي الخام مباشرة إلى البيئة وتلوث موارد المياه الجوفية (LCRP ، 2017)..تقدر وزارة الطاقة والمياه أنه تم حفر ما لا يقل عن 55.000 بئر غير مرخصة. يتم بناء المزيد من المنازل خارج شبكة المياه - في بعض الأحيان بشكل غير قانوني وأحيانًا نتيجة لسوء تخطيط استخدام الأراضي. يتم استغلال شبكات المياه من قبل أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المياه المعبأة أو المنقولة بالشاحنات - والتي تستنزف الموارد لتصل قيمتها إلى 40 دولارًا شهريًا لكل أسرة في سياق الفقر المتزايد. يتم التخلص من مياه الصرف الصحي من المطابخ والغسيل والاستحمام مباشرة في البيئة مما يؤدي إلى انتشار التلوث والأمراض كما هي الحال في المخيمات العشوائية .
تداعيات وجود النازحين على قطاع النفايات الصلبة
بحسب الدراسات، أن كمية النفايات الصلبة الناتجة عن اللاجئين وصلت إلى حوالي 325000 طن سنويا بحلول نهاية عام 2014، وهي تعادل 15.7 % من النفايات الصلبة الناتجة عن اللبنانيين قبل حلول الازمة. كما قدرت التكلفة الإضافية لإدارة التخلص من النفايات الناتجة عن النازحين في 2014 بحوالي 24 مليون دولار في السنة بناءً على نظام إدارة النفايات المعتمد في لبنان. ويتم التخلص من الكمية الإضافية المتبقية البالغة 52% من النفايات الصلبة في المكبات المكشوفة والحرق في أراضٍ قائمة على ضفاف الانهر والسهول مما يؤدي إلى زيادة تلوث الأرض والتربة بالإضافة إلى تلوث المياه السطحية والجوفية.
بحسب الدراسات قدر معدل النفايات الصلبة الناتج عن كل نازح بـ 2.5 كيلو/اليوم، لذلك يمكن تقدير الكميات الناتجة عن النازحين المقيمين في منطقة حوض نهر الليطاني:
• كميات النفايات الناتجة في منطقة الحوض الاعلى لنهر الليطاني: 173 طن/يوم -حوالي 63000 طن/سنويا- (69000 نازح ضمن ناطق مجرى النهر حتى تاريخ 2021).
• كميات النفايات الناتجة في منطقة الحوض الادنى نهر الليطاني: 145 طن/يوم -حوالي 52920 طن/سنويا- (58000 ضمن ناطق مشاريع الري نازح حتى تاريخ 2021).
تداعيات وجود النازحين على قطاع الكهرباء
أدى الطلب المتزايد على الكهرباء الناجم عن الأزمة السورية إلى خلق ضغط إضافي على نظام الكهرباء الضعيف بالفعل وأبرز افتقاره إلى المرونة. كشفت دراسة أجرتها وزارة الطاقة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن الحاجة إلى توفير 450 إلى 480 ميغاواط إضافية لتغطية طلب 1.5 مليون نازح سوري. ويقدر الطلب الاضافي على الكهرباء لمليون نازح بـ 350 ميغاوات بكلفة 350 مليون دولار سنويا. بالإضافة إلى ذلك ، تُظهر الدراسة أن ما لا يقل عن 45 في المئة من التوصيلات الكهربائية للأسر السورية بالشبكة تتم بطريقة غير قانونية، وهو ما لا يعني فقط خسارة المبيعات للحكومة ومؤسسة كهرباء لبنان المنهكة بالفعل، بل يؤدي أيضًا إلى تكبد خسائر فنية على الشبكة وحرمان العملاء المتصلين بالشبكة قانونيا.
دور جمعيات النازحين والاجراءات المتخذة
تشكل مخيمات النازحين العشوائية المنتشرة على طول نهر الليطاني مصدرا لا يستهان به للتلوث اذ يقوم معظم مخيمات النازحين السوريين المقيمين ضمن المخيمات والتجمعات على ضفاف نهر الليطاني بتحويل النفايات السائلة والصلبة الناتجة عنها مباشرة إلى مجرى نهر الليطاني وروافده كما إلى أقنية مشاريع الري التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني. وقامت الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني باخلاء العديد من المجمعات العشوائية وبسبب عدم تجاوب كل من الجهات المعنية بملف النزوح السوري، تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بتاريخ 19/3/2019 بإخبار إلى النيابة العامة المالية بوجه الجهات التي ترعى النازحين ( 17 جمعية لبنانية ودولية تعنى بشؤون النازحين) والتي تبين أن عددا منها يقيم مخيمات فوق الأملاك النهرية وفي الملك العام. وقد باشر عدد من الجمعيات بتجهيز المخيمات في البقاع الأوسط بشبكات وخزانات تجميع لمياه الصرف الصحي، ليتم افرغها بواسطة متعهدين محليين في محطة تكرير جب جنين ولكن لم يتبين مدى التزام هؤلاء المتعهدين بمواعيد التفريغ و مكان تفريغ الصهاريج.
الممارسات غير الصحية (صيد الاسمك من القرعون / قطع الاشجار للتدفئة/ الخ)
لا تزال الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني وحتى عام 2022 تقوم برصد اشخاص يقومون بالصيد من بحيرة القرعون عبر استخدام الصنارة والشباك خلافاً للقرار رقم 796/1 الصادر عن وزير الزراعة بتاريخ 22 تشرين الأول سنة 2018 والذي ينص على انه: "يمنع منعاً باتاً صيد الاسماك في منطقة بحيرة القرعون وفي المجرى الرئيسي لنهر الليطاني لضرورات ومقتضيات الصحة"، ومن ضمنهم نسبة لا يستهان بها من الصيادين ذي الجنسية السورية. بالإضافة الى ذلك، يقوم الصيادون بتشغيل ناطور سوري الجنسية مقابل 20 الف ليرة لبنانية يوميا، مهمته تحذير الصيادين عند اقتراب الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني. والجدير بالذكر هنا أن هؤلاء الصيادين يستخدمون المبيد الحشري (لانيت) بهدف الصيد! وقد أثبتت الفحوصات المخبرية التي أجريت في مختبرات غرفة الصناعة والتجارة في طرابلس بتاريخ 11 نيسان 2022 وجود مادة الميثونيل (Methonyl) بنسبة 0.06 مغ/كغ في الاسماك، وهي مادة تشكل المكون الرئيسي للمبيد الحشري لانيت. وتعتبر المبيدات الحشرية شديدة السمية حيث ان تأثيرها لا يقتصر فقط على عنصر واحد من البيئة بل انها تلحق الضرر بالتربة والمياه والعشب وغيرها من النباتات والكائنات الحية الأخرى بما في ذلك الطيور والأسماك والحشرات المفيدة والكائنات غير المستهدفة.