أشار بنك الاستثمار العالمي غولدمن ساكس (Goldman Sachs) إلى أن قرار الحكومة اللبنانية السابقة بالتخلف عن سداد التزاماتها على سندات اليوروبوند في آذار 2020 أدّى إلى تسريع انزلاق البلاد في الأزمة الاقتصادية، حيث تقلّص النشاط الاقتصادي بنحو 50% بالقيمة الحقيقية منذ ذلك الحين، وارتفعت معدلات التضخم إلى متوسط بنسبة 200% في العام الماضي، وخسرت الليرة اللبنانية 95% من قيمتها مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية، بالإضافة إلى الخسائر التي أصابت النظام المالي. ورجح أن يؤخر المأزق السياسي الحالي الجهود المتأخرة اصلا" في الإصلاحات والتقدم في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لافتا إلى أن تأثير جائحة كورونا، والانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في آب 2020 وأدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وتدمير أحياء واسعة من العاصمة، وتفشي أخيرا" وباء الكوليرا، ضاعف من تحديات الأزمة الاقتصادية والمالية. على هذا النحو، توقع البنك أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.6% في العام 2022، وبنسبة 2% في العام 2023، وأن ينمو النشاط الاقتصادي بنسبة 5.7% في العام 2024. ووفق نتائج الدراسة التي وردت في التقرير الاقتصادي الأسبوعي لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week.، فإن الاتفاقية على مستوى الموظفين المبرمة في نيسان 2022 بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي قدمت بعض التفاؤل للمستثمرين والمودعين. ومع ذلك، فقد اعتبر "غولدمن ساكس" أن القائمة الطويلة للإجراءات المسبقة التي طلبها صندوق النقد الدولي من أجل توقيع الصندوق على قرض 3 مليارات دولار لمدة أربع سنوات لا تزال تمثل عقبة رئيسية، بالنظر إلى البيئة الضعيفة لتطبيق السياسات الإصلاحية والانقسامات السياسية العميقة. وقال إن البيئة السياسية أصبحت كثيرة الصعوبة، حيث انتهت ولاية الرئيس ميشال عون التي استمرت ست سنوات مع فشل مجلس النواب في انتخاب خلف له بعد محاولات متكررة، ومع قيام مجلس الوزراء الحالي بتسيير الأعمال بصلاحيات محدودة. واعتبر أن الأمر قد يستغرق عدة أشهر لانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة فاعلة، وأنه، حتى في هذه الحالة، قد يواجه مجلس الوزراء صعوبات في تمرير الإجراءات المسبقة اللازمة من خلال مجلس النواب لتأمين التمويل من صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين.
توازيا، توقع "غولدمن ساكس" أن يؤدي انخفاض سعر الصرف في السوق الموازية والشكوك الاقتصادية المستمرة حول مستقبل البلاد إلى جعل تقديرات القيمة التي سيستردها حاملي سندات اليوروبوند اللبنانية غير مؤكدة إلى حد كبير. لكنه قدر أن قيم التعافي على الديون الخارجية بعد اعادة هيكلتها من المرجح أن تراوح بين 16 سنتًا و20 سنتًا لكل دولار أميركي.