اتّخذ البنك المركزي التركي اليوم خطوة مفاجئة برفعه معدل الفائدة إلى 25 في المئة، في قرار يشكّل نقطة تحوّل في سياسة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاقتصادية غير التقليدية.
أعقبت زيادة المعدّل بـ7,5 نقاط مئوية قراراً سابقاً برفعه بنقطتين مئويتين الشهر الماضي. وكان خبراء الاقتصاد بغالبيتهم توقعوا أن يرفع المصرف المعدل إلى 20 من 17,5 في المئة.
وأعلن المركزي التركي أن "المؤشرات الأخيرة تدل على أن منحى التضخّم في تزايد مستمر". وشدّد على "تعزيز سياسة التشديد النقدي تدريجيا عند الضرورة لغاية تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم". كما أكد "مواصلته عملية التشديد النقدي من أجل تخفيض التضخم في أقرب وقت ممكن، وتعزيز توقعاته والسيطرة على سلوك التسعير".
ارتفع سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار بنسبة 6 بالمئة بعد الظهر إثر قرار المركزي الذي أعطى مؤشراً قوياً على أنه بصدد تعزيز محاولات التصدي للتضخّم ودعم العملة المحلية المأزومة.
في الإطار، قال الخبير في مركز كابيتال إيكونوميكس ليام بيتش إن رفع معدّل الفائدة "الأعلى بكثير مما كان متوقعاً" سيسهم في "طمأنة المستثمرين إلى أنّ العودة إلى سياسة (اقتصادية) تقليدية سلكت مسارها".
خلافاً للنظريات الاقتصادية التقليدية، يعتبر الرئيس التركي أن معدلات الفائدة المرتفعة تؤجج التضخم.
لكن بعد فوزه في انتخابات أيار التي شهدت تنافساً، أبدى إشارات تدل على احتمال العودة لسياسات أقرب إلى النهج التقليدي، ولا سيما بتعيينه خبيراً اقتصادياً سابقاً في بنك ميريل لينش الأميركي محمد شيمشك وزيراً للاقتصاد، والمسؤولة السابقة في وول ستريت حفيظة غاية إركان حاكمة للبنك المركزي.
وبعد أن عزّز حكومته بخبراء اقتصاديين لا يشاركونه نظريته غير التقليدية، أطلق هؤلاء على الفور حملة لمكافحة التضخّم الذي بلغ ذروته في تشرين الأول الماضي مسجلاً نسبة 85 بالمئة على أساس سنوي، ليعاود مؤخرا ارتفاعه.
وسمح الفريق الاقتصادي بتراجع سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار في مسعى لتخفيف الأعباء عن خزينة الدولة.
كما اتّخذ سلسلة من الخطوات التقنية الرامية إلى موازنة الاقتصاد واستعادة ثقة كل من المستهلكين والمستثمرين الأجانب.
"فجوة كبيرة"
في محاولة لاحتواء التضخم، رفع البنك المركزي التركي نهاية حزيران معدل الفائدة الرئيسي من 8,5 بالمئة إلى 15 بالمئة وذلك في اول اجتماع للهيئة المالية برئاسة حفيظة غاية إركان.
وكان إردوغان يضغط على الهيئة، المستقلة بحسب الأنظمة، لخفض تكاليف الاقتراض لاعتقاده أن رفع معدّلات الفائدة يرفع التضخّم ولا يكبحه.
لكن إركان وشيمشك انتهجا في الشهرين الماضيين مقاربة أبطأ سعيا لاستعادة ثقة السوق من دون التسبب بمعاناة كبيرة على المدى القصير.
لكن يبدو أن النهج تغيّر في تموز مع ارتفاع التضخّم إلى 47,8 بالمئة بسبب نفقات اجتماعية بمليارات الدولارات شهدتها حملة إردوغان الانتخابية.
ويتوقّع المركزي التركي أن يصل معدّل التضخّم 60 بالمئة بين نيسان وحزيران من العام المقبل.
لكن كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف "أي ان جي" محمد مرجان حذّر من أن "فجوة كبيرة لا تزال موجودة بين سعر الفائدة الأساسي والتضخم الحالي والمتوقع".
ويعتقد خبراء أن إركان وشيشمك كانا يخشيان من أن يعترض إردوغان على تدابيرهما في حال عمدا إلى تطبيق تعديلاتهما بزخم كبير.
وكان إردوغان قد أقال حاكما للمصرف المركزي بعد أربعة أشهر على سعيه لرفع معدّلات الفائدة في نهاية 2020 ومطلع 2021.
وسبق أن أقال إردوغان حاكمين للمركزي بسبب تصدّيهما لسياسته غير التقليدية.