النهار

"كوارث عدّة خلال عام"... حرائق الغابات في كندا تسدّد ضربة قاسية للاقتصاد
المصدر: "أ ف ب"
"كوارث عدّة خلال عام"... حرائق الغابات في كندا تسدّد ضربة قاسية للاقتصاد
حريق ماكدوغال كريك في ويست كيلونا، مقاطعة بريتيش كولومبيا، كندا (17 آب 2023 - أ ف ب).
A+   A-
عندما وصلت الحرائق إلى أبواب مدينتها في غرب كندا، وجدت جوانا شلوسر ملاذاً لأيّام بين كرومها، غير أنّها اليوم تخشى تبعات الكارثة على المدى البعيد على الأعمال وعلى اقتصاد البلاد عموماً.
 
تواجه كندا هذه السنة أكبر حرائق في تاريخها اجتاحت حتى الآن نحو 16 مليون هكتار من الأراضي وتسبّبت بنزوح 200 ألف شخص، ولا سيما في غرب البلاد وشمالها. توقّف النشاط في عدد من المناطق جرّاء النيران وتضرّرت قطاعات عدّة، مع تزايد كلفة الحرائق والضرر الاقتصادي في البلد العضو في مجموعة السبع.
 
اضطرّت جوانا شلوسر إلى الفرار من منزلها على عجل في وسط الليل، وأوضحت لوكالة "فرانس برس" أنّ كندا "تواجه موسماً مدمّراً في الكروم على صعيد الزيارات والمبيعات على السواء".
 
أتت النيران على أكثر من مئتي مسكن في المنطقة السياحية الغنية من مقاطعة بريتيش كولومبيا. وتدنّت عائدات السياحة بشدّة هذه السنة مع تفادي الزوار التوجه إلى المنطقة التي تشتعل فيها الحرائق منذ أسابيع.
 
لم تتكبد الكروم المنتشرة في المنطقة المصنّعة للنبيذ أضراراً مباشرة جراء الحرائق، لكن مع إغلاق المطار والطريق العام الرئيسي المؤدّي إلى مدينة كيلونا موقتاً، ألغيت الأعراس وجولات تذوّق النبيذ وغيرها من النشاطات التي تنظم فيها عادة.
 
 
"أرقام رديئة"
أوضح المحلّل في "كابيتال إيكونوميكس" ستيفن براون في مذكرة أن حرائق الغابات لا تتسبب عموماً بتبعات تذكر على الاقتصاد في كندا. لكن هذه السنة اختلف الأمر، إذ لفت إلى أنه "مع اتساع الحرائق إلى هذا الحدّ، نرى وطأة أكبر من العادة".
 
وتابع: "يبدو أن أسوأ حرائق عرفتها كندا في تاريخها هي خلف جزء كبير من التراجع المسجل مؤخراً في إجمالي الناتج المحلي، ومع امتداد أوامر الإجلاء الآن إلى مزيد من المناطق، من المرجّح أن تبقى الأرقام رديئة في الأشهر المقبلة".
 
من العوامل التي ساهمت في هذا التراجع الاقتصادي، ذكر جيمس أورلاندو من مصرف "تي دي"، "حرائق الغابات التي عطلت إنتاج النفط والغاز في أيار وحّدت من نشاط المستهلكين في حزيران"، مشيراً كذلك إلى تضرر قطاع الخشب الذي يوظف أكثر من 30 ألف شخص في أنحاء كندا.
 
وكان معهد "أوكسفورد إيكونوميكس" حذر في تقرير في حزيران من أن الحرائق قد تكلف الاقتصاد الكندي ما بين 0,3 و0,6 نقطة مئوية من نموه. غير أن توني ستيلو من "أوكسفورد إيكونوميكس" اعتبر أن الحصيلة "ليست سيئة بالقدر الذي كان يمكن توقعه".
 
وقال: "حتى لو أن حرائق الغابات تاريخية من حيث حجمها، فهي تحصل في مناطق بعيدة إلى حد ما، مع قدر أقل من الانعكاسات على التجمعات السكانية الكبيرة والمراكز الاقتصادية وطرق النقل، ما كان سيؤدي ربما إلى انقطاع خطوط الإمداد".
 
 
تزايد الكوارث
قدّرت أوتاوا في خطتها الجديدة للتأقلم مع التغير المناخي، الكلفة السنوية لمكافحة حرائق الغابات بمليار دولار كندي (737 مليون دولار). وأشارت استناداً إلى المعهد الكندي حول المناخ، إلى أن التغير المناخي الذي يفاقم موجات الجفاف ويزيد بالتالي من احتمال حصول الحرائق ووتيرتها، قد يخفض النمو الاقتصادي المتوقع في كندا خلال السنوات المقبلة إلى النصف.
 
من المتوقع أن يصل متوسط الخسائر السنوية الناجمة عن الكوارث بحلول 2030 إلى 15,4 مليار دولار كندي. وقد ازدادت خسائر شركات التأمين بأربعة أضعاف منذ 2009 متخطية ملياري دولار كندي في السنة، وفق مكتب التأمين الكندي الذي يمثّل مختلف شركات التأمين الخاصة.
 
وأعرب جيسون كلارك العامل في هذه الهيئة عن قلقه حيال الوضع، مشيراً إلى أن الكنديين لم يعودوا يواجهون كارثة كلّ عقد بل "كوارث عدّة تتعاقب خلال عام واحد" ما بين حرائق وفيضانات وموجات حرّ وعواصف وغيرها.
 
وقال: "حين تسجّل الدول خسائر كبرى بصورة منتظمة، فهذا ينعكس بشكل كبير على تقييم المخاطر وعلى أقساط التأمين"، مؤكداً: "علينا أن نكون أفضل استعداداً".
 

اقرأ في النهار Premium