أعلنت وزارة الطاقة السعودية، الأحد، أن المملكة ستواصل خفض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل يوميا حتى نهاية حزيران 2024، محافظة على استراتيجيتها الهادفة إلى دعم أسعار الخام.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن مصدر مسؤول في وزارة الطاقة قوله إن المملكة العربية السعودية "ستُمدد خفضها التطوعي، البالغ مليون برميل يوميًا، والذي بدأ تطبيقه في شهر تموز 2023 للربع الثاني من العام الحالي".
وأضاف المصدر "بعد ذلك، ودعماً لاستقرار السوق، ستتم إعادة كميات الخفض الإضافية هذه، تدريجاً، وفقاً لظروف السوق".
وأكد المصدر أنّ "هذا الخفض التطوعي الإضافي يأتي لتعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول أوبك بلاس بهدف دعم استقرار أسواق البترول وتوازنها"، في إشارة للتكتل النفطي الذي يضم 23 بلدا تقوده مع روسيا.
ويأتي القرار السعودي بعيد إعلان موسكو الأحد أيضا خفض إنتاجها النفطي بحوالى 500 ألف برميل في اليوم مع نهاية الربع الثاني من 2024.
وبذلك سيبلغ إنتاج المملكة "ما يقارب 9 ملايين برميل يومياً" أي أقل من قدرة المملكة الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يوميا.
وبالمثل قررت الإمارات والكويت تمديد خفض إنتاجهما الطوعي الإضافي من النفط.
ومدّدت الإمارات خفضها الطوعي البالغ 163 ألف برميل يومياً حتى نهاية حزيران المقبل، فيما مدّدت الكويت خفضها الطوعي 135 ألف برميل، على ما أفاد الإعلام الرسمي في البلدين الخليجيين.
وأعلن العراق كذلك تمديد خفض إنتاجه الطوعي للنفط بمقدار 220 ألف برميل يومياً حتى نهاية حزيران 2024.
منذ نهاية العام 2022، خفضت أوبك بلاس إنتاجها بحوالى 5 ملايين برميل يوميا، في محاولة لرفع الأسعار التي يقوضها عدم اليقين الاقتصادي على خلفية ارتفاع معدلات الفائدة.
وخفّض التحالف في تشرين الأول 2022 الانتاج بحوالى مليوني برميل، بمناسبة اجتماع أعضائه الثلاثة والعشرين حضوريا في فيينا، بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات عبر الفيديو بسبب وباء كوفيد.
وأثار هذا القرار غضب واشنطن التي اتهمت الرياض حينها بالوقوف في صف روسيا.
وفي 2023، أعلن تسعة أعضاء من بينهم السعودية وروسيا، عن تخفيضات طوعية مفاجئة بإجمالي 1,6 مليون برميل في اليوم.
بعدها بشهر واحد، خفّضت الرياض إنتاجها بما يصل إلى مليون برميل إضافي، وهو قرار مدد شهريا، وتبنّته روسيا أيضا وإن بدرجة أقل.
وفي نيسان 2023، أعلن تسعة أعضاء من بينهم السعودية وروسيا، عن تخفيضات طوعية مفاجئة بإجمالي 1,6 مليون برميل في اليوم.
وتعتمد حكومة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، على عائدات النفط لتمويل خطة إصلاحات اقتصادية واجتماعية طموحة تعرف باسم "رؤية 2030" تهدف لتنويع اقتصاد المملكة المرتهن بالنفط.
تعهدت السعودية تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، ما أثار شكوكًا لدى النشطاء المعنيين بالبيئة بإمكان تحقيق هذا الهدف الطموح.
بدورها، تعهدت أرامكو تحقيق الحياد الكربوني التشغيلي بحلول عام 2050، والذي لا يشمل الانبعاثات الناتجة من حرق العملاء لمنتجاتها.
- تحول في الطاقة -
وكانت شركة أرامكو النفطية السعودية أعلنت بشكل مفاجئ في كانون الثاني أنها تلقّت توجيهات من وزارة الطاقة بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى عند 12 مليون برميل يوميًا والتخلي عن خطة لزيادتها إلى مستوى 13 مليون برميل يوميًا بحلول 2027.
ولم يفسر مسؤولو الشركة العملاقة القرار حينها، لكنّ وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد، أبلغ مؤتمرا للطاقة أنّ القرار يأتي "لأننا نشهد تحولا".
وأضاف أن ذلك يعني مزيدا من الاستثمارات في أشكال الطاقة الأخرى مثل الغاز والطاقة المتجددة.
في الأسبوع الماضي، قالت شركة جدوى للاستثمار، ومقرها في الرياض، إن السلطات السعودية "من المرجح أن تبقي إنتاج النفط تحت السيطرة في مواجهة توقعات الطلب الضعيفة"، متوقعة أن تمتد تخفيضات العام الماضي إلى نهاية الربع الثالث.
وقالت جدوى إن هذا النهج سيضمن بيع خام برنت بسعر 81 دولارًا للبرميل في عام 2024.
يقول المحللون في كثير من الأحيان إن الرياض تحتاج إلى تجاوز أسعار النفط عتبة 80 دولارًا لتحقيق التوازن في ميزانيتها، على الرغم من أن تخفيضات الإنتاج المختلفة الأخيرة ربما دفعت هذا الرقم إلى الارتفاع.
وتتوقع الرياض حاليًا عجزًا في موزانتها حتى عام 2026 مع زيادة الإنفاق في إطار استراتيجية لتطوير بنيتها التحتية وتحسين صورتها العالمية.