قال رئيس الوزراء المصري، اليوم الأربعاء، إن صندوق النقد الدولي سيرفع برنامجه الحالي لإقراض مصر إلى ثمانية مليارات دولار.
وجاء هذا الاعلان بعد بضع ساعات من خفض قيمة الجنيه المصري بأكثر من الثلث اثر قرار من البنك المركزي برفع القائدة ب 600 نقطة، وهي اجراءات كان صندوق النقد الدولي اشترط اتخاذها من اجل مساعدة مصر التي تضاعفت دوينها الخارجية ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة، على تخطي أكبر أزمة اقتصادية تواجهها منذ عقود.
والاتفاق الجديد توسيع لتسهيل الصندوق الممدد البالغ ثلاثة مليارات دولار لمدة 46 شهرا الذي أبرمه صندوق النقد الدولي مع مصر في كانون الأول 2022، والذي كان أحد بنوده الرئيسية التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف.
وكان البرنامج قد تعثر عندما عادت مصر إلى التدخل في إدارة سعر الصرف، إلى جانب التأخر في برنامج طموح لبيع أصول مملوكة للدولة وتعزيز دور القطاع الخاص.
وتسعى مصر أيضا إلى الحصول على قرض منفصل من صندوق الاستدامة والمرونة التابع لصندوق النقد الدولي الذي يروج تمويل التحول إلى الحفاظ على المناخ.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن القرض الإضافي سيبلغ 1.2 مليار دولار، لكن إيفانا فلادكوفا هولار رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر ذكرت أن المناقشات عن ذلك الطلب ستستمر بشكل منفصل.
وأضافت فلادكوفا هولار للصحافيين أن الصندوق لا يسعى إلى "خفض محدد" للجنيه المصري، وإنما إلى "تحرك مستدام" نحو سعر صرف موحد تحدده السوق.
وتابعت أن تحرك البنك المركزي اليوم الأربعاء خطوة قوية صوب ذلك الهدف.
وأردفت "لذا، بموجب هذا الإطار، لن تلاحظوا خفض القيمة فحسب، وإنما ايضا تحركات في الاتجاهين في سعر الصرف استجابة للأوضاع الاقتصادية".
وذكر الصندوق أنه توصل إلى اتفاق مع مصر بشأن السياسات اللازمة لاستكمال المراجعتين الأولى والثانية بموجب البرنامج، وهو ما قد يتيح صرف تمويل خاضع لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
وقال الصندوق في بيان "تسعى حزمة السياسات الشاملة إلى الحفاظ على القدرة على تحمل الديون، واستعادة استقرار الأسعار، وإعادة نظام سعر الصرف الذي يعمل بشكل جيد، مع الاستمرار في دفع الإصلاحات الهيكلية العميقة إلى الأمام لتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل".
وتضمنت مناقشات السياسات التزامات بالتحرك نحو نظام سعر صرف مرن والتشديد النقدي والتعزيز المالي والإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، وأيضا بإصلاحات ألغت المعاملة الضريبية التفضيلية والإعفاءات للشركات المملوكة للدولة. وجميعها محاور رئيسية في البرنامج.
وذكر البيان أن المناقشات تضمنت أيضا "إطارا جديدا لإبطاء الإنفاق على البنية التحتية بما في ذلك المشروعات التي عملت حتى الآن خارج نطاق الرقابة على الميزانية العادية".
تداعيات حرب غزة
مثلت هذه المشروعات، بما في ذلك إنشاء عاصمة جديدة تقع إلى الشرق من القاهرة، ركيزة في سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يقول إنها ستنشئ فرصا وستعزز النمو على الرغم من ازدياد الديون على مصر.
وبدأ تفاوض مصر على البرنامج، وهو الأحدث في سلسلة من حزم الدعم من الصندوق، بعد أن دفعت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا المستثمرين إلى سحب 20 مليار دولار من مصر في غضون أسابيع، مما كشف الستار عن أوجه قصور مالية تعاني منها البلاد.
وبعد ذلك، نجمت عن تداعيات الحرب في قطاع غزة المجاور مخاطر جديدة على إيرادات مصر الدولارية، منها الإيرادات من عبور حركة الشحن قناة السويس، والتي انخفضت بنحو النصف أوائل العام الجاري بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وتسارع التضخم السنوي إلى مستوى قياسي عند 38 بالمئة في أيلول الماضي، وذلك قبل أن يتباطأ بشكل طفيف.
ويقول مسؤولون من صندوق النقد إن زيادة التمويل لبرنامج مصر هام لنجاحها بعد تعرضها لصدمات خارجية، وإن استقرار مصر مهم للمنطقة بأكملها.
ويأتي اتفاق اليوم بعد أقل من أسبوعين من إعلان مصر عن اتفاق مع صندوق الثروة السيادي الإماراتي إيه.دي.كيو قالت إنه سيقدم استثمارات تبلغ 35 مليار دولار بحلول أواخر نيسان.
وقال مسؤول كبير بالصندوق إن الاتفاق منفصل عن المفاوضات الخاصة بالصندوق، لكن بيان الصندوق الصادر اليوم أقر بأن الاتفاق يخفف ضغوط التمويل على المدى القريب.
وورد في البيان "سيلعب شركاء مصر الدوليون والإقليميون دورا حاسما في تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها".