اكد امين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين " ان الكرسي الرسولي قلق من الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لانه من المهم جدا لكل بلد ان يكون هناك رئيس ، فهذا الامر ليس فقط امكانية بل هو ضرورة وفي لبنان هو ضرورة ملحة". وشدد على" أن الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه". وامل" ان تتمكن الاطراف السياسية من ان تجد حلا في اقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق والذي يشعر قليلاً بالاذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، اضافة إلى ذلك فان الأزمة الاقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم من الفقر والهجرة في لبنان".
وقد اكتسب اليوم الرابع للكاردينال بارولين في زيارته للبنان طابعا رسميا اذ زار قبل الظهر، مقر الرئاسة الثانية في عين التينة واجتمع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري . وبعد اللقاء، قال بارولين "اعتقد ان الحلّ لازمة الرئاسة تبدأ من هذا المقرّ فالافرقاء المسيحيون يتحملون المسؤوليّة طبعًا ولكنّهم ليسوا وحدهم في السلطة وعلى الآخرين تحمّل مسؤولياتهم". أضاف "يوجد عِقد داخلية كثيرة تمنع انتخاب رئيس للجمهورية".
ثم زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا وعقد معه اجتماعا ثنائيا ، اعقبه اجتماع موسع شارك فيه سفير الفاتيكان في لبنان المونسنيور باولو بورجيا والمطران ماركو فورميكا، وعن الجانب اللبناني وزير العدل هنري خوري، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، الامين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني شميطلي ومستشارو رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، السفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي اضافة الى الدكتور أنطوان قربان.
في ختام المحادثات عقد رئيس الحكومة وامين سر دولة الفاتيكان لقاء صحافيا مشتركا وقال رئيس الحكومة: "سعدت لما سمعته من نيافة الكاردينال عن متابعة قداسة البابا فرنسيس اليومية لشؤون لبنان ومحبته لوطننا وشعبه وتثمينه لرسالته المميّزة في الشّرق كملتقى للأديان والثّقافات والتّلاقي بين مختلف العائلات الرّوحيّة. .. ثمة اولويات تجمعنا مع الكرسي الرسولي وتهدف الى حماية لبنان وشعبه وترسيخ الأمن والتعافي الاقتصادي. ومن هذه الأولويات:
- إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، لأن استمرار الفراغ يتسبب بتداعيات على كل المستويات.
- اعادة بناء الدولة ومؤسساتها والاحتكام الى الدستور من أجل المصلحة اللبنانية المشتركة، وتعزيز العيش المشترك.
- العمل على تثبيت الاستقرار الداخلي وايجاد حل للازمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة منذ سنوات.
- السعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقا من الجنوب ، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وذلك من أجل وضع حد لأطماع اسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي.
- الحرص على افضل العلاقات مع الدول الصديقة والداعمة للبنان في هذه الظروف الصعبة، وفي مقدمها حاضرة الفاتيكان التي قدّمت ولا تزال تقدّم الدعم والمساعدة والاهتمام بشخص قداسة الحبر الأعظم وكبار المسؤولين.
يسعدنا في هذه المناسبة أن نجدد، من خلالكم، دعوتنا لقداسة البابا لزيارة لبنان، لان جميع اللبنانيين ينتظرون هذه الزيارة وينظرون اليها ، بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بوصفها أملا جديدا لهم ومن اوائل عوامل الانفراج."
ثم تحدث الكاردينال بارولين ومن ابرز ما قال :" انا هنا لكي انقل الى اللبنانيين اهتمام وصلاة الحبر الأعظم الذي لا يزال يرى في لبنان بلد رسالة" العيش معا" حتى ولو كان الان متعبا بازمة اقتصادية وسياسية كبيرة.
في هذا السياق فان الكرسي الرسولي يأمل الا يتعب وطن الارز وان يبقى مثالا للتعايش الأخوي حيث يشكل الوجود المسيحي فيه جزءا ضروريا ومؤسسا ، ويستمر في المساهمة بشكل حاسم في خير البلد.
ان الكرسي الرسولي قلق لجهة الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لانه من المهم جدا لكل بلد ان يكون هناك رئيس ، فهذا الامر ليس فقط امكانية بل هو ضرورة وفي لبنان هو ضرورة ملحة. إن الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه. امل ان تتمكن الاطراف السياسية من ان تجد حلا في اقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق والذي يشعر قليلاً بالاذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، اضافة إلى ذلك فان الأزمة الاقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم الفقر والهجرة في لبنان.
كما أفكر ايضا بضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في ٤ اب ٢٠٢٠، وبعائلاتهم وبالمصابين ، وآمل أن يتمكنوا من نيل التعزية بالايمان، وان تظهر الحقيقة من خلال العدالة.
ان الشرق الاوسط يعيش فترة صعبة جدا والكرسي الرسولي، الذي يقيم علاقات ديبلوماسية منتظمة مع دولة فلسطين وايضا مع اسرائيل ، يأمل بأن تقبل اقتراحات السلام، الكفيلة بوضع حد للغة السلاح من الجانبين، وان يطلق سراح الرهائن وترفع القيود عن المساعدت للشعب الفلسطيني وان يحترم من جديد القانون الانساني الدولي من قبل كل الاطراف من دون استثناء.
وفي هذا الإطار أيضا يجدد الكرسي الرسولي موقفه بأنه في كل ازمة ، يجب الا تكون حماية المدنيين والمدارس والمستشفيات ودور العبادة وغيرها عرضة للعمليات العسكرية. فلسوء الحظ، أدى هذا النزاع الى نزوح عدد كبير من الأفراد، وأنا أشعر بقربي منهم وتضامني معهم. وكما يحب قداسة البابا فرنسيس ان يردد، وهذا ايضا ما اختبره لبنان، فان كل حرب ، تترك العالم اسوأ مما كان عليه قبل النزاع، فالحرب هي دائما تعبير عن فشل السياسة والانسانية. هي استسلام مخجل وهزيمة امام قوى الشر.
لذلك فان لبنان والشرق الاوسط والعالم باسره ليسوا بحاجة للحرب، بل على عكس ذلك يجب مساعدة الشباب لان ينمو بالامل بغد افضل. ونعود هنا الى كلام النبي اشعيا القائل :" فيقضي للأمم، وينصف الشعوب، فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل، لا ترفع أمة على أمة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد."
واخيرا سأنقل الى الحبر الأعظم الدعوة التي وجهتموها دولة الزبارة لزيارة بلدكم وآمل ان تكون هذه الدعوة وبالتالي هذه الزيارة املا للمصالحة الشاملة في لبنان".