"النهار"
واصل الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي جولته اللبنانية مستطلعاً الصعوبات التي تحول دون انتخاب رئيس للبلاد بعد مرور أكثر من عام على آخر جلسة انتخابية، إضافة الى البحث في تصاعد الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية للبنان.
حاول المسؤول الرفيع في الجامعة العربية سبر أغوار الاستعصاء في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية من خلال مروحة لقاءات بدأها في السرايا الحكومية وعين التينة قبل أن يستكمل الاستماع الى الأفرقاء السياسيين المختلفين على توصيف الأزمة الرئاسية، ثم البحث في الحلول لإنهاء ثاني أطول فراغ في سدة الرئاسة في تاريخ البلاد.
تأتي زيارة زكي في ظل تعقيدات جمة تحيط بلبنان سواء تلك السياسية المتمثلة باستمرار الخلاف على انتخاب رئيس للجمهورية، أو المتصلة بتصاعد الاعتداءات الإسرئيلية على لبنان، فضلاً عن كثرة التهديدات بتوسيع الحرب، وإن تكن تلك التهديدات ليست جديدة ووصلت الى كثر من 200 تهديد منذ تشرين الأول الفائت.
إلّا أن جامعة الدول العربية لا تستطيع البقاء متفرجة على ما يجري، وبالتالي كانت جولة زكي لتأكيد الاحتضان العربي للبنان، وهو ما أعلنه المسؤول العربي من خلال تأكيده التضامن في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
زكي الذي حذر من تداعيات استمرار الشغور الرئاسي، لم يحمل مبادرة عربية، فيما لم تعلن اللجنة الخماسية إخفاق مهمتها، وستعاود نشاطها الاستطلاعي نهاية الشهر الحالي.
فالجامعة وفق تجاربها السابقة لم يكتب لها إنهاء الشغور الرئاسي لا عام 2007 ولا عام 2014 نظراً إلى التعقيدات التي رافقت المرحلتين والانقسام السياسي الحاد بين الأفرقاء اللبنانيين.
المواقف على حالها
حرص زكي على زيارة معظم الأطراف السياسيين بعد لقائه الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي. وإذا كان قد استمع الى مواقف خصوم "حزب الله" التقليدية والتي تحمّل الأخير مسؤولية استمرار الفراغ في سدة الرئاسة ولا توافق على ما يحصل في الجنوب، فإنه سمع من رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الموقف الثابت للحزب من الملف الرئاسي، ومفاده أنه وسط استمرار الاستعصاء وعدم قدرة أي فريق على توفير الغالبية اللازمة للانتخاب، وبسب طبيعة النظام اللبناني القائم على التعددية فإن الحوار هو المدخل لإنهاء الأزمة، وبالتالي دعم الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وتحديداً في 31 آب 2022 .
ولكن لم يخف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية توجسه من مخاطر توسيع الحرب بعد تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وإن يكن قد سمع تطمينات من مسؤولين رسميين التقاهم في بيروت مؤداها أن التهديدات الإسرائيلية المتكررة لا تعني الذهاب إلى حرب واسعة في ظل المعادلات التي تحكم الجبهة الجنوبية، فضلاً عن أن طلب التهدئة من لبنان معروف الرد عليه، وهو وقف العدوان الوحشي على غزة.
وفق تلك المعطيات جاءت زيارة زكي لبيروت في غياب زيارات المسؤولين العرب في هذه الفترة على الرغم من كثرة الموفدين الغربيين الذين ينقلون رسائل، منها تهديدية بتوسيع الحرب ومنها تطمينية أن الحرب مستبعدة حتى إشعار آخر ما دامت الدول الداعمة لتل أبيب لا ترغب في ذلك، أو على الأقل لا تستطيع تحمل تداعيات الحرب ولا سيما على تل أبيب.