النهار

هل التّعاون بين مختلف القطاعات هو المفتاح للنّهوض بالمنطقة ووضعها على خريطة الابتكار العالميّة؟
المصدر: "النهار"
هل التّعاون بين مختلف القطاعات هو المفتاح للنّهوض بالمنطقة ووضعها على خريطة الابتكار العالميّة؟
رولاند ضاهر الرئيس التنفيذي لشركة أسترولابز ويوجين ويليمسن المدير التنفيذي لأفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا في شركة بيبسيكو.
A+   A-
مادّة إعلانية
 
 
الابتكار يتغذّى على التعاون ووفرة وجهات النظر وتنوّع وغنى الحوارات، ويكبر تحت رعاية الكفاءات والمواهب المختلفة ومجموعة متنوّعة من الموارد. إنّ الابتكار يزدهر وسط تنوّع الأفكار والمثابرة والعمل المشترك.
اليوم، تمرّ منطقة الشرق الأوسط بمرحلة مصيريّة في مسيرتها نحو الابتكار، مدفوعة، بشكل جزئي، بالتقنيات المتقدّمة التي ترسم ملامح المستقبل، وتؤدي دورًا حيويًا في دعم جهود الاستدامة، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي وأنظمة الطّاقة والمركبات الكهربائيّة.

من جهة أُخرى، تبرز الجهود التعاونيّة لمختلف الأطراف، من شركات ناشئة ومؤسّسات ومنصّات مختصّة بتوسيع الأعمال وهيئات حكوميّة، كأدوات فاعلة لقيادة عجلة نموّ قطاع الاستدامة.

أما الحكومات فتعمل بدورها على تحفيز الشراكات وتعزيز الاستثمارات؛ فرؤية السعودية 2030، على سبيل المثال، تقود جهود المملكة العربية السعودية لدعم روّاد الأعمال ومنظومة الشّركات الناشئة في البلاد في سياق استراتيجية التّنوع التي تتبعها.

من جهة أخرى، خصّص صندوق حيّ دبي للمستقبل ما يصل إلى 20% من تمويله لدعم الشّركات النّاشئة العاملة في مجال التّقنيات المستدامة، لا سيّما التي تعمل في مجال التقنيات المتقدّمة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والروبوتات.

ولا شكّ في أن تقديم الحوافز وإطلاق مبادرات لدعم الشّركات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب رؤوس الأموال، الذين يعملون في مجال الاقتصاد الأخضر، هو عاملٌ مهمٌّ في تشجيع الابتكار ودعم روّاده.

من المؤكد بأن التعاون والابتكار في مجال الاستدامة لهما دور أساسي في إحداث تغيير ملموس، وهذا هو الوقت المناسب لذلك، إذ إن العديد من الفرص الواعدة في المنطقة تعتمد على الجهود المشتركة لمختلف شركاء القطاع الخاص لإعطاء الزخم وتحفيز المضي قدمًا.
ومن الأمثلة المهمّة في هذا الصّدد "مسرّعة ميجا جرين"، وهي ثمرة التعاون بين شركة بيبسيكو و"سابك" و"أسترولابز"، إلى جانب مجموعة من الشّركاء البارزين. تهدف المسرّعة إلى رعاية الجيل الجديد من المبتكرين لدعم جهودهم الهادفة إلى تطوير حلول جديدة لمعالجة تحدّيات الاستدامة.

ويقدم البرنامج الدّعم والتمويل للابتكارات الرائدة التي قد يكون لها أثرٌ ملموسٌ على مجالات مهمّة مثل الاقتصاد الدّائري والتّحول في الطاقة النظيفة والمياه والزراعة.

إنّ التّعاون الشامل على مستوى جميع القطاعات والأعمال أمرٌ لا غنى عنه للتّعامل مع تغيّر المناخ وتعزيز الاستدامة، إذ إن العمل المشترك، كما في حالة هذا البرنامج، يمكن أن يساعد في سدّ الثغرات وتقريب وجهات النظر مع روّاد الأعمال، ورفدهم بالموارد التي يحتاجون إليها للنّجاح، بما في ذلك مساعدتهم على بناء شبكة علاقات قويّة والحصول على التمويل، وكذلك حصولهم على التوجيه والإرشاد الذي يحتاجون إليه لتحديد أولويات العمل لتحقيق أهدافهم وتحويل أفكارهم إلى واقع ملموس. ومن المؤكد بأن هناك حاجة لسدّ العديد من الثّغرات خلال هذه الرحلة.


من الواضح بأن منطقة الشرق الأوسط تتحوّل شيئًا فشيئًا إلى مركز للابتكار، وتستقطب المزيد من الشركات الدولية والإقليمية. ولذلك، بات من الضروري خلق بيئة مؤاتية لهذه الشركات لدخول الأسواق المحلية والتّوسع فيها. وهنا تبرز أهميّة تضافر جهود مؤسّسات القطاعين العام والخاصّ من أجل تسريع التّنمية، وتلبية متطلّبات هذه الشركات، وسدّ الفجوات الموجودة حاليًا في السوق. ومن المهمّ أيضًا النّظر إلى التحدّيات الكامنة في القطاع، وطرحها من منظور الاستدامة، باعتبارها أداة أساسية لدعم المضيّ قدمًا نحو مستقبل أكثر ازدهارًا في المنطقة. من ناحية أخرى، لا بدّ من مواصلة العمل على تحسين البيئة التنظيميّة لدعم هذه الجهود، وتقديم حلول للموازنة بين المخاطر والفوائد، وتحفيز الأبحاث والتطوير وتسريع الاستثمار الهادف في البنية التحتية للابتكار.

فضلًا عن ذلك، لا بدّ لنا من العمل على تبادل المعرفة والخبرات، ودعم التعليم، وتعزيز ثقافة الابتكار لتتجذر عميقًا في صميم أعمال وقيم الشركات والأفراد. ومن المهمّ هنا التعاون مع المؤسسات التعليمية لتنمية روح المبادرة عند الصّغار منذ نعومة أظافرهم، لترافقهم مدى الحياة.

وأخيرًا، لا بدّ من الإشارة إلى أهميّة المنصّات والفعاليات الإقليمية في تمكين روّاد الأعمال من الدخول إلى الأسواق العالمية، وبناء شبكة علاقات متينة، والتواصل مع المستثمرين، والوصول إلى المحتوى الغنيّ والتواصل مع غيرهم من المبتكرين، ممّا يؤدي إلى نسج خيوط شبكة تعاونيّة بنّاءة ومثمرة بين مختلف القطاعات. وقد حقّقت نسخة هذا العام من مؤتمرLEAP نجاحًا منقطع النّظير، مع تسجيل استثمارات غير مسبوقة في الشركات الناشئة والعاملة في مجال التكنولوجيا في المملكة.

ومع الإعلان عن استثمارات تزيد قيمتها عن 14 مليار دولار أميركي في قطاع التكنولوجيا، من المتوقع أن تترك فعاليات مثل LEAP بصمة دائمة، تُسهم في دعم تطوير البنية التحتية المحليّة للتكنولوجيا وتحفيز سُبل متنوعة لدعم روّاد الأعمال من خلال تحسين المهارات ورعاية المواهب عبر قطاعات متعددة في المنطقة. وبالمثل، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة على هامش مؤتمر الأطراف "كوب 28" عن التزامها بتقديم 30 مليار دولار أميركي من رأس المال الأساسيّ لإطلاق أداة استثمارية معنيّة بالعمل المناخيّ، بهدف تحفيز الاستثمار العالمي في مجال الاستدامة ودفع جهود بناء نظام تمويل مناخيّ أكثر عدالة.


لقد تمّ بالفعل وضع الركائز التي ستحوّل منطقة الشرق الأوسط إلى مركز عالميّ للابتكار، ويمكننا تحقيق هذا الطموح وبناء مستقبل أفضل حين نوحّد جهودنا ونعمل معًا بكفاءة وفاعلية لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

اقرأ في النهار Premium