وسط غليان في المنطقة وفي ظل تكثيف المساعي الديبلوماسية الدولية لمنع انزلاق الصراع نحو حرب شاملة يكون لها تداعيات سلبيّة قاسية على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني أصلاً من الوهن، وبينما لبنان غارق في أزمة سياسية مفتوحة، ظلت الأسواق المالية اللبنانيّة تشهد هذا الأسبوع استقراراً في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، بينما واصلت أسواق الأسهم وسندات اليوروبوندز مسلكها التراجعي، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عوده.
في التفاصيل، بقي سعر صرف الدولار يتحرّك هامشيّاً في محيط 89500 ل.ل. وسط مناخ من الترقب الحذر لمجريات الصراع في المنطقة، ومخاوف من اندلاع حرب موسعة ومن تداعياتها على استقرار سعر الصرف وعلى احتياطيات مصرف لبنان. في سوق سندات اليوروبوندز، واصلت أسعار سندات الدين الحكومية هبوطها الحرّ حيث بلغت 6.250 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة مقابل 6.500 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق في ظل ارتفاع المخاطر الجيوسياسية وازدياد المخاوف من اندلاع حرب واسعة في المنطقة. وعلى صعيد سوق الأسهم، واصل مؤشر الأسعار تقلصه بنسبة 4.4%، بينما زادت أحجام التداول أكثر من الضعف أسبوعياً لتبلغ زهاء 22 مليون دولار.
الأسواق
في سوق النقد: ظل معدل الفائدة من يوم إلى يوم مستقراً عند 25% هذا الأسبوع، بينما ظلت كلفة الكاش بالليرة تناهز الصفر بالمائة. هذا وقد أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 25 تموز 2024 أن الودائع المصرفية المقيمة سجّلت تقلصاً قيمته 4267 مليار ليرة. ويعزى هذا التقلص بشكل رئيسي إلى انخفاض الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية بمقدار 5023 مليار ليرة أسبوعياً (أي ما يعادل 56.1 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 89500 ل.ل.)، بينما زادت الودائع المصرفية المقيمة بالليرة بقيمة 757 مليار ليرة وسط نمو في الودائع تحت الطلب بقيمة 519 مليار ليرة وارتفاع في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 238 مليار ليرة. في هذا السياق، سجّلت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) تقلصاً أسبوعياً قيمته 4807 مليار ليرة، في ظل تراجع حجم النقد المتداول بقيمة 539 مليار ليرة واستقرار محفظة سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي.
في سوق القطع: وسط مناخ من الترقب لما سيؤول إليه التوتر المتصاعد في المنطقة، ورغم تنامي المخاوف من انزلاق لبنان في حرب موسعة يمكن أن تؤثر سلباً على استقرار سعر الصرف المستمر منذ 15 شهراً وتستتبع نزيفاً في احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي، ظلت السوق الموازية لتداول العملات تشهد هذا الأسبوع تحركات هامشية في سعر صرف الليرة مقابل الدولار في محيط 89500 ل.ل. ويأتي هذا الاستقرار في سعر الصرف في ظل استمرار نمو احتياطيات مصرف لبنان السائلة بالعملات لتبلغ 10.3 مليار دولار في نهاية تموز 2024 بالمقارنة مع 8.6 مليار دولار في نهاية تموز 2023، أي بارتفاع مقداره 1.7 مليار دولار خلال عام كامل، منذ تاريخ استلام القيادة الجديدة في حاكمية مصرف لبنان، والذي نتج بشكل أساسي عن تدخل المركزي في السوق الموازية عبر شركات تحويل الأموال بشكل خاص شارياً للدولار، وسياسة مصرف لبنان بعدم تمويل الدولة ولا سيما بالعملات.
في سوق الأسهم: سلكت أسعار الأسهم في بورصة بيروت مسلكاً تراجعياً هذا الأسبوع، كما يستدل من خلال تقلص مؤشر الأسعار بنسبة 4.4%. وقد قادت إيصالات إيداع "بنك لبنان والمهجر" الأسعار نزولاً حيث انخفضت بنسبة 7.1% إلى 3.03 دولار، تلتها أسهم "سوليدير أ" بنسبة -6.9% إلى 75.05 دولار، فأسهم "سوليدير ب" بنسبة -4.7% إلى 76.70 دولار، وإيصالات إيداع "بنك عوده" بنسبة -3.6% إلى 1.35 دولار. وفي ما يخص أحجام التداول، زادت قيمة التداول الاسمية أكثر من الضعف، من 9.8 مليون دولار في الأسبوع السابق إلى 22.2 مليون دولار هذا الأسبوع، علماً أنّ أسهم "سوليدير" نالت حصة الأسد من النشاط (99.90%).
سوق سندات اليوروبوندز: واصلت أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية هبوطها الحرّ هذا الأسبوع حيث بلغت 6.250 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة بعد أن كانت قد أقفلت عند 6.50 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق في ظل ازدياد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة وتنامي المخاوف من اندلاع حرب شاملة، مع ما يحمل ذلك من تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي الوهن أصلاً ويعرقل المسار الإصلاحي المأمول. ويأتي ذلك بينما لبنان غارق في أزمة متمادية ومتعددة الأوجه، ومع استمرار تعليق صندوق النقد الدولي مباحثاته بشأن برنامج مع لبنان إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات. عليه، تكون الزيادة في أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية منذ بداية العام الحالي قد انحسرت إلى 0.25 نقطة، علماً أنّ أسعار سندات الدين الحكومية كانت قد بلغت 7.875 سنتاً للدولار الواحد عشية اندلاع الصراع في 7 تشرين الأول 2023.