في دراسة هي الاولى من نوعها في تاريخ وزارة البيئة، تبين أن قيمة مستحقات الخزينة من قطاع المقالع والكسارات والمرامل بحدها الأدنى تبلغ نحو 2.4 مليار دولار عن الكميات المستخرجة بين 2007 و2018، منها ما يقارب المليار دولار رسوم وضرائب. وهذا الرقم لا يشمل كلفة الألم والمعاناة والتعديات التي يُترك للقضاء تحديدها، وما يفترض أن يطالب به الأشخاص المتضررون من تعويضات. الدراسة التي أعدتها الوزارة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هي الأولى بشموليتها ودقة تحليلها، وفق وزير البيئة ناصر ياسين، كونها تحتسب الرسوم والضرائب، وكلفة تدهور البيئة، وكلفة التأهيل البيئي عبر تحليل مفصّل لـ1235 موقعا على كامل الأراضي اللبنانية، وذلك استنادا إلى المسح الذي نفّذه الجيش اللبناني لهذه المواقع. لكن اللافت هو ما كشفه ياسين لـ"النهار" بقوله إن 10% من المواقع التي يعمل عليها هؤلاء متعدية على عقارات تابعة للدولة اللبنانية، و15% منها على اراضٍ غير ممسوحة وملكيتها غير معروفة.
ياسين أكد أن "الارقام الواردة في الدراسة ستُدرج بمشروع الموازنة الجديدة، وننسق مع وزارة العدل في كيفية المتابعة مع هيئة القضايا في حال رفض اصحاب المقالع والكسارات والمرامل الدفع، بغية المحافظة على حق الدولة".
وإذ لفت الى ان "معظم أو بالاحرى جميع المقالع غير مرخصة"، مع الاخذ في الاعتبار أن بعضها كان قد حصل على رخص أو أذونات من وزارة الداخلية، أوضح أن عددا من المعنيين في القطاع "يمكن ان يعترضوا كونهم لم يبدأوا العمل في الأعوام التي لحظتها الدراسة، وتاليا على هؤلاء الاستحصال على براءة ذمة". ولا ينفي ياسين أن "مصير هؤلاء يجب ان يكون الاقفال"، بيد انه اعتبر أن هذا الامر "لا يعفيهم من دفع المستحقات عن الأعوام التي عملوا فيها".
وقال: "سنباشر إرسال أوامر تحصيل المبالغ المستحقة، تطبيقا للمرسوم 6569 (2020) (تحديد دقائق تطبيق المادة 61 من قانون موازنة العام 2019) بالدولار الأميركي، على أن تودع في حساب خاص يُفتح بالدولار لدى مصرف لبنان، باسم الدولة اللبنانية، وتخصص حصيلته للإنفاق على المشاريع البيئية، وفقا للقوانين المرعية الإجراء. وسنؤكد على ذلك في مشروع قانون الموازنة المقبل".
ولكن ماذا لو رفضوا الدفع؟ يؤكد ياسين أن "ثمة اشارات ستوضع على اماكن عملهم، وستُرفع ضدهم دعاوى في هيئة القضايا".
وكانت وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي نظّما أمس طاولة حوار حول "تفعيل تطبيق القوانين البيئية في لبنان" مع التركيز على قطاع المقالع، في فندق روتانا جفينور، شاركت فيها، الى وزيري البيئة والعدل في حكومة تصريف الاعمال ناصر ياسين وهنري خوري، الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي ميلاني هاونستاين.
وأكد ياسين أن الدراسة هي "خطوة اصلاحية حقيقية لتحصيل اموال عامة لطالما أهدرت في مزاريب الفساد والاثراء غير المشروع على حساب الناس وبيئتهم"، مشيرا الى العمل مع وزارة العدل على درس الطرق القانونية الأنسب لمتابعة القضية، كونها خطوة أساسية لتحصيل أموال الخزينة، ولوقف الممارسات السابقة في هذا القطاع، وتاليا إصلاحه خدمة للبيئة والمجتمع والاقتصاد وإدارة المالية العامة على حد سواء.
من جهته أكد خوري "أننا نعيش أزمة بين حضارة الطبيعة وحضارة الباطون التي أوصلتنا إلى مخاطر وازمات بيئية لا تزال تتفاقم ويزداد قضم الأخضر يوما بعد يوم، فيما رأس مال لبنان هو طبيعته". وقال: "نحن والوزير ياسين على بيّنة من هذه المخاطر، ونأمل أن نعيد للطبيعة مكانتها". وعرض "نتائج الاجتماعات بين وزارة البيئة والجسم القضائي حول تفعيل تطبيق القوانين والانظمة البيئية التي تنظم أوامر التحصيل والغرامات المالية من قطاع محافر الرمل والكسارات للخزينة"، لكنه اعتبر أنه "لا يمكن استعادة الطبيعة بالمال، وصحيح أنه يفترض التقيّد بالشروط الموضوعة في القوانين ومراسيم التراخيص المعطاة وانما هناك تجاوزات، ويجب أن نكون حريصين على اعادة ترميم الامكنة التي تمّ استثمارها واعادة الاخضرار لها، وهناك أدوار لوزارات الدفاع والبيئة والمالية وقوى الامن من خلال المحاضر التي ينظمونها ويرسلونها إلى النيابات العامة، وهذا لا يعوّض عن خسارة البيئة إلا بإعادة ترميمها، وهذا ما نعمل عليه مع وزير البيئة لكل ما هو خير للطبيعة والانسان والبيئة".
وعُرضت في المؤتمر دراسة حول عدد المقالع والكسارات وتوزيعها على المناطق اللبنانية، وخصوصا في البقاع وجبل لبنان وعكار والنبطية وجنوب لبنان وعددها 1235 مقلعا وكسارة. وأظهرت الدراسة أن مجموع المساحة المستثمرة منذ 2007 هو نحو 15,15 مليون متر مربع، فيما حجم المواد المستخرجة هو نحو 196,87 مليون متر مكعب. أما المستحقات المباشرة للخزينة، وهي عبارة عن التعويض المالي المباشر، فقدرت بالحد الادنى بنحو 2,394 مليار دولار أميركي.