النهار

انزعاج السكان أقفل حانات في مار مخايل... التسعير بالدولار لم يحن بعد
فرح نصور
المصدر: النهار
انزعاج السكان أقفل حانات في مار مخايل... التسعير بالدولار لم يحن بعد
من إحدى حانات مار مخايل (تصوير مارك فياض).
A+   A-
وصلنا إلى منطقة مار مخايل من دون أن نغرق في زحمة ليل الجمعة المعتادة في الشارع الشهير. فعند التاسعة والنصف مساءً، كانت معظم الحانات فارغة تقريباً، بل هناك ما هو فارغ تماماً، ولا تبدو الحركة مقبولة سوى في القليل منها. والمستغرب ان ثمّة حانات معروفة قد أقفلت أبوابها، فيما لا يوجد سبب يدعوها إلى ذلك بعد أن تعافت جميع الحانات في هذا الشارع عقب انفجار المرفأ الأليم!
 
بنظرة خاطفة على أجواء الشارع وحركة الروّاد مع بداية موسم الصيف عامة، يكتشف النّاظر أنّ الخجل بات سمة الشّارع ليل الجمعة، بعد تاريخ من الصّخب والحيويّة الفائقة؛ والسبب الذي أجمع عليه المعنيّون الذين تحدّثنا إليهم هو تشديد الإغلاق باكراً بسبب انزعاج السكّان من أصوات الموسيقى الصّاخبة، ممّا أدّى إلى توجّه روّاد الشارع إلى أماكن سهر في مناطق أخرى، حيث لا حدود لليلهم، ولا ضوابط لحرّيتهم حتى ساعات الصباح الأولى.

يصف مدير إحدى الحانات في منطقة مار مخايل الحركة بالمقبولة، ويُضيف أن "الموسم لم ينطلق بعد، ومن المفترض أن نشهد حركة أكبر في أواخر حزيران، عندما تنتهي المدارس والجامعات، وعندما يأتي عدد أكبر من المغتربين".

أمّا المسؤولة في الحانة المُحاذية فتؤكّد أنّه - بحسب قرار المحافظ - على جميع الحانات أن تقفل عند الواحدة بعد منتصف الليل، و"بات عناصر قوى الأمن يتشدّدون كثيراً منذ نحو أسبوعين لكي نقفل باكراً، نظراً لانزعاج السكان"، لكنّها تُضيف أنّ الموسم الصيفيّ لم يبدأ بعد، و"لم نرَ حركة سيّاح. وإذا بقي الوضع على حاله لناحية إلزامنا الإقفال باكراً، فسيتّجه الناس إلى مناطق أخرى بعيداً عن مار مخايل للسهر".

يعزو مدير إحدى الحانات الشهيرة في الشارع، وهي واحدة من سلسلة حانات أخرى، مستوى الحركة لدى روّاد مار مخايل الى سبب مختلف، إذ يؤكّد أن عدد الروّاد يقلّ عموماً في الصيف، لأنّ النّاس يفضّلون الخروج من بيروت، وتمضية الوقت في المنتجعات على البحر، على عكس الحال في موسم الشتاء. كذلك، "نواجه مشكلة انزعاج السكّان من أصوات الموسيقى. وصحيح أنّ قرار المحافظ هو قرار علينا تطبيقه، لكن عائلات كثيرة تعتاش من هذه الحانات، ونحن نسمع بقدوم سيّاح ومغتربين، ومن المفترض أن يكون الوضع أفضل من ذلك. لكن الحركة جيّدة جداً في منتصف الأسبوع"، وفق المدير.
 
تصوير مارك فياض
 
لا يجد قرار الإقفال المبكر وقعاً واحداً لدى كلّ أصحاب الحانات في مار مخايل، حيث يبدو صاحب إحدى الحانات ممتعضاً من قرار الإقفال الباكر، ويربط موقفه برواتب موظفيه، بل يشتكي غاضباً: "هم يَضربون الموسم قبل انطلاقه. كيف لي أن أؤمّن مصاريف الموظفين البالغة نحو 220 مليون ليرة، و125 مليون ليرة للمازوت؟!"؛ يسأل مشكّكاً إلى حدّ الجزم بأن يكون "هذا التشدّد مقصوداً بغية إطفاء وهج مار مخايل لصالح إعادة إحياء حانات ومطاعم وسط بيروت". وبرأيه أن "الموسم لا يبدأ إلا مع نهاية الشّهر، إذا استثنينا حركة بعض المغتربين والسيّاح. لكن الحركة عامّة مقبولة، بالرغم من أنّ تحديد وقت السّهر هو الذي يُعرقل إقبال النّاس الذين سيشعرون أنّهم محكومون بوقت محدّد لإنهاء سهرتهم".

في خلال جولتنا لاحظنا ختم 4 حانات بالشمع الأحمر لأنّها تزعج السكّان، منها اثنتان تُصنّفان ضمن أهمّ حانات الشّارع، ومن التي تُحدث فرقاً كبيراً في زحمته.
عند السّاعة العاشرة والنّصف تقريباً، بدأ المشهد في الحانات "يتلحلح" قليلاً، إذ امتلأت طاولات البعض منها، وإن بقيت حركة البعض عادية؛ والمفارقة أن حركة السيّارات كانت أكثر من حركة روّاد الحانات!

وسط مار مخايل ومشهديّته، يحضر موظّفو الـvalet parking، الذين لا يُمكن تجاوز حضورهم الدائم، فهم أكثر العارفين بحركة الشّارع وروّاده وجنسياتهم بل أسمائهم، ويقفون على أسرار الشارع وما يحدث لحاناته. يقول أحدهم إنّ مركزيّة الشارع تشكّلها الحانات التي أُقفلت؛ وعادة في الصيف، يكون الاعتماد على السيّاح والمغتربين أكثر، والذين لم يظهروا بعدُ، فالموسم يبدأ تقريباً منذ الـ15 من الشهر الجاري، حين تفتح الـroof tops، ومن المفترض أن "تولع" في شهري تموز وآب. وعادةً، في مثل هذه الأيام، تكون الزحمة خانقة، وتُعتبر السّاعة العاشرة والنصف هي توقيت الذروة، ومن المستحيل رؤية فراغ في الحانات كما هي الحال اليوم.

أمّا يوم السبت، فهو أسوأ بعدُ من يوم الجمعة، على عكس يوم الخميس الذي يستقطب روّاداً بكثرة. أمّا ثقل العمل صيفاً في مار مخايل فهو في منتصف الأسبوع. وبحسب الشاب، فإنّ جوّ ليل الجمعة مستغرَب من حيث قلّة الرواد، وهو أقلّ من العام الماضي في هذا التوقيت.
 
تصوير مارك فياض
 
إلى ذلك، يُبدي أحد شبّان الـ valetفي نقطة أخرى من الشارع تشاؤماً، خصوصاً حين سؤاله عن حركة الروّاد، إذ يُجيبنا بسؤال: "هل هذا شكل مار مخايل يوم الجمعة؟". ويُكمل :"الشارع صفر، شبه ميت، ولو كان كالمعتاد فلن يكون لديّ الوقت للتحدّث معكم!". بنظره "من غير المنطقيّ أن تقفل الحانات عند الواحدة، وإقفال حانات أساسية يقتل الشارع، وهذا سيقطع رزقنا نحن أيضاً".
وقد لوحظ على طول شرفات مار مخايل، لافتات علّقها السكّان اعتراضاً على أصوات الموسيقى الصّاخبة في الشّارع ليلاً، مطالبين بحقّهم في النوم.

التسعير بالدولار لم يحِن بعد
بعد تعميم وزارة السياحة بالسّماح للمؤسّسات السياحيّة بالتسعير بالدولار، كان جديراً بنا سؤال الحانات إذا ما تبنّت هذا الخيار. لكن المسؤولين في مار مخايل أجمعوا على أنّهم لم يسعّروا بالدولار بعد، فيما ذهب مدير إحدى الحانات إلى التأكيد على أنّه لا ينوي التسعير بالدولار، فـ"حالياً، نسعّر تقريباً على سعر الدولار، ولا نريد أن نخسر زبائن".
 
وفي حانة مجاورة، يفيد المسؤول بأنّهم لم يبدؤوا بعدُ بالتسعير بالدولار، لكن التسعير على هذا النحو أنسب لنا".
 
لكن صاحب بار في الشارع يوضح بأنّه لن يسعّر بالدولار أبداً، و"بالنسبة إليّ، لا نستفيد شيئاً من ذلك، لا بل التسعير الجديد سيجعل الزبون يهرب، فوقع السّعر بالليرة لا يزال أخفّ على مسمعه".
 
من جهة ثانية، بعض المديرين يؤيدون التسعير بالدولار، وابتداءً من الأسبوع المقبل، يقول أحد هؤلاء: "ستكون أسعارنا بالدولار، وهو أفضل لنا، بالرّغم من أنّ القرار سيشكّل خطوة إلى الوراء، وسيعرقل قدوم الناس، لكنّنا نستهدف حالياً طبقة الناس الميسورين الذين لا مشكلة لديهم بالدفع بالدولار".
 
تصوير مارك فياض

اقرأ في النهار Premium