أقرّت لجنة المال والموازنة مشروع قانون الطاقة المتجددة، في خطوة أساسية لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة الموزَّعة في لبنان، من خلال آليات دمج مشاريع القطاع الخاص بشبكة مؤسسة كهرباء لبنان.
ويُعتبر إقرار القانون خطوة أساسية في تطبيق التزام لبنان تأمين 30 في المئة من إجمالي استهلاك لبنان للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ويحمل إقراره أهمية إصلاحية مالية وبيئية. ويضع القانون أساساً لتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة باستخدام نظام التعداد الصافي بجميع أشكاله، وبيع وشراء الطاقة المتجددة من خلال اتفاقيات مباشرة لشراء الطاقة.
انطلق مشروع القانون بناءً على ورقة سياسة قطاع الكهرباء 2010 التي من أهدافها توفير ثلث الطاقة الكهربائية المطلوبة من خلال الطاقة المتجددة، وعلى الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة 2011 - 2014 والتي وضعت خطة لإنتاج 12 في المائة من احتياجات لبنان من إنتاج الطاقة بواسطة الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.
وبالنظر إلى التزام لبنان، التزم وبالشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، بالوصول إلى تحقيق هدف 30 في المئة كهرباء متجددة بحلول عام 2030.
كذلك، التزم لبنان، من خلال مساهمته المحددة وطنياً Nationally Determined Contribution -NDC بتحقيق هدف 30 في المئة لتخفيض انبعاثات الغازات الدفينة بحلول العام 2030.
كذلك، فإنّ الطاقة المتجددة الموزَّعة، لا سيما الطاقة الشمسية، هي الآن واحدة من أكثر الوسائل فعالية من حيث التكلفة لإنتاج الكهرباء، وتعود بفوائد اقتصادية وبيئية واجتماعية كبيرة على الاقتصاد اللبناني، وخصوصاً لناحية خفض اعتماد لبنان على استيراد الفيول وبالتالي خفض نفقاته، إلى جانب حماية صحة المواطن وقدرة النُظم الإيكولوجية الطبيعية اللبنانية على الحدّ من تلوث الهواء والحدّ من انبعاثات الغازات الدفينة.
كنعان: يفتح باباً إيجابياً للتعاون مع القطاع الخاص
وفيما أقرّت لجنة المال والموازنة مشروع القانون برئاسة النائب ابراهيم كنعان، يوضح في حديثه لـ"النهار"، أنّ "القانون سيوفّر ما لا يقلّ عن 1200 ميغاواط أو ثلث إلى 50 في المئة من حاجة لبنان من الطاقة".
ويورد كنعان أنّ "مشروع القانون هذا يندرج ضمن إطار التعاون مع المؤسسات الدولية وبتمويل من Ebrd وIFC، بالتزامن مع مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، وبالتزامن مع موافقة البنك الدولي على تمويل إضافي بقيمة 300 مليون دولار للمشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي، وبالتالي، تندرج هذه المؤشرات في إطار التعاطي الإيجابي حيال لبنان عندما يثبت الإرادة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة منه".
وتكمن أهمية المشروع، وفق كنعان، أنّه "يأتي في ظلّ الفترة الصعبة التي يمرّ بها لبنان ويفتح باباً إيجابياً للتعاون مع القطاع الخاص في لبنان عبر الشبكة العامة لكهرباء لبنان، ومميّزات المشروع تشجّعها جميع المؤسسات الدولية. وطالما أنّ لبنان يسير على سكة المشاريع الإصلاحية التي تشجّعها المؤسسات الدولية، يمكن القول أنّ هناك "إشارة حياة".
والمؤسسات الدولية التمويلية المذكورة ستموّل هذا المشروع بما بين 50 إلى 200 مليون دولار للمستهلك اللبناني، بمشاريع صغيرة تصل إلى كلّ القرى والبلدات". وتلتزم هذه المؤسسات بقضايا أوّلها اتفاق الإطار لتنظيم الكهرباء في القطاع الخاص في لبنان (من شركات وأفراد).
ومن ضمن المواصفات التي دُرست في هذا المشروع، السماح للمشترك باستخدام الشبكة العامة لقاء بدل معيَّن للشبكة، أو ما يُعرف بحقّ العبور، إلى جانب توفيره الكلفة لناحية المولدات والمازوت بالدولار الفريش
ما الهدف من هذا القانون؟ كيف يستفيد منه المواطن؟ ما أهميّته؟
يقول مستشار وزير الطاقة، بيار خوري، لـ"النهار"، أنّه "اليوم في جميع دول العالم، هناك توجّه نحو شبكات الكهرباء الذكية الممكننة، والقانون المُقرّ هو خطوة كبيرة جداً في التحوّل نحو هذه الشبكات".
يقوم هذا القانون على مفهومي "التعداد الصافي"، و"عقود شراء الطاقة بين الأقران"، وفق خوري. ويقوم مفهوم التعداد الصافي على السماح لأي مواطن يستهلك الطاقة المتجددة، بضخّ فائض إنتاجه على شبكة كهرباء لبنان، وبأخذه منها عندما يكون هو بحاجة إليها. بهذا الشكل، يتبادل المواطن الكهرباء مع مؤسسة كهرباء لبنان، ويكون فارق هذا التبادل هو التعداد الصافي وهو الذي يسدّد ثمنه فقط.
وعملياً، يتم ربط نظام الطاقة الشمسية لكل مؤسسة أو مصنع أو منزل على ساعة الكهرباء، ويكون أصحابها بذلك منتجين صغيرين للكهرباء.
الفائدة الأولى لهذا النظام هي تخفيض فاتورة الكهرباء لدى منتجي الطاقة المتجددة إلى الصفر، فنحن كأنّنا أوجدنا معملاً جديداً لتوليد الطاقة المتجددة بربط حوالي 60.000 منتِج طاقة بكهرباء لبنان.
أمّا الفائدة الثانية فهي بالمفهوم الثاني: "عقود شراء الطاقة بين الأقران" أي القطاع الخاص في ما بينه. وهي الاستفادة من إنتاج الطاقة المتجددة بين المصانع أو المصانع والمنازل، من خلال ضخّ الكهرباء المنتَجة من الطاقة الشمسية في موقع بعيد، عبر استخدام الشبكة الوطنية لكهرباء لبنان.
وعن تحديات تنفيذ هذا القانون، يتحدّث خوري أنّها تكمن في قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على قياس ما يتم ضخّه إلى الشبكة، وفي إصدار الرسومات والفواتير، إلى جانب التحديات التقنية. فعلى كهرباء لبنان تخصيص فريق تقني ومديرية خاصة للطاقة المتجددة لإدارة هذا المشروع، وتطوير برامج حوسبة لقياس الكهرباء المُضخَّة على مدار اليوم. وبموجب القانون، أمام كهرباء لبنان حتى سنتين لتستعدّ على هذا المستوى.
ولناحية الكلفة، يؤكد خوري أنّ "لا كلفة على المواطن في هذا المشروع باستثناء العدّاد الذي يقرأ بالاتجاهين ولا يتجاوز قيمته 50 دولاراً". وبرأيه، مع إقرار هذا القانون، "نتوقع بين 500 إلى 700 ميغاواط إضافية من الطاقة الشمسية التي سيتم تركيبها، وسيتشجّع العديد من المواطنين وأصحاب المصانع والبلديات على تركيب ألواح الطاقة الشمسية، وسنشهد المئات من مشاريع الطاقة الشمسية".
أيوب: من مشاريع القوانين الإصلاحية المطلوبة
وكانت اللجنة انعقدت بحضور عدد من الوزراء وأعضائها النواب منهم النائبة غادة أيوب. وفي حديثها لـ"النهار"، تفيد أنّ "مشروع القانون أُقرّ في لجنة المال والموازنة واستمر في المناقشة في لجنة الأشغال لمدة 11 جلسة، ومن المفترض أن يأخذ مساره الطبيعي بتحويله على الهيئة العامة".
وبموجب الالتزامات الدولية التي تعهّد بها لبنان بإنتاج 30 في المئة من الكهرباء من الطاقة المتجددة من أي نوع كانت سواء طاقة شمسية أو كهرومائية أو على الهواء، "قمنا بواجبنا التشريعي لتشجيع الطاقة المتجددة سواء عبر إعطاء حوافز مالية أو تشريعات وقوانين مكمِّلة لقانون الإطار الأساسي 462، لتنظيم قطاع الكهرباء ككل، وهو معطَّل حتى اليوم نتيجة عدم تعيين الهيئة الناظمة في وزارة الطاقة، فهي التي تؤدي إلى تحسين نوعية الحوكمة وإدارة هذا المرفق وبالتالي نشهد العجوزات والهدر"، وفق أيوب.
كذلك، مشروع قانون الطاقة المتجددة "هو من مشاريع القوانين الإصلاحية المطلوبة، فصندوق النقد الدولي يواجه مشكلة مع حوكمة وإدارة قطاع الطاقة في لبنان ويعتبره أكثر قطاع استنزافاً لموارد الدولة، ويبحث عن حلّ لهذه المشكلة"، بحسب أيوب. ويأتي مشروع القانون كمكمِّل للقطاع الخاص إمّا لشراء الكهرباء التي يحتاجها من مصادر خاصة، مباشرة أو عبر المرور بالشبكة العامة، ويسمح له باستقلالية تأمينها وتخفيض سعر الكلفة بسقف إنتاج 10 ميغاواط.