في 15 أيار الماضي، غردت المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على "تويتر": "لمن يهمه الأمر، يرجى اخذ العلم بانني تلقيت إخباراً بموضوع القرض الحسن وارسلته للتحقيق، والمخابرة لدى جهاز امن الدولة، وانا بانتظار نتائج هذا التحقيق. مع العلم ان القضية عينها سبق وعرضت امام مدعي عام التمييز واقترنت بقرار بالحفظ".
مؤسسة "القرض الحسن" جهاز "مالي" تحول الى "مصرفي" يعمل خارج النظام المالي اللبناني، وتقوم ببيع وشراء الذهب مقابل الدولار الأميركي وتقديم القروض للمتعاملين معها عبر 31 فرعاً موزَّعة في مناطق نفوذ "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت، والجنوب، والبقاع. وفي 22 نيسان الفائت تقدّم المحاميان مجد حرب وإيلي كيرلّس بإخبار إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون حول مخالفات جمعية القرض الحسن. وجاء في نصّ الإخبار يومها ان نشاط جمعية القرض الحسن يأتي مخالفاً لأحكام قانون النقد والتسليف الذي نصّ في المادة 206 على وجوب ملاحقة مخالفيه أمام المحاكم الجزائية، وفي المادة 200 على إدانة من يتعاطى أعمال تسليف من دون أن يكون مسجلاً لدى مصرف لبنان سنداً لأحكام المادة 655 من قانون العقوبات. ويذكر مضمون الإخبار في الوقائع المقدمة أنّ "القرض الحسن مصنفة جمعية خيرية لا تبتغي الربح، مصدر تمويلها أموال مساهمين بالدولار، إضافة إلى اشتراكات سنوية يقدّمها المقترضون". آنذاك إستمهلت عون الإخبار المقدم من حرب وكيرلس لتعود في 31 أيار 2022 لتؤكد في تغريدة لها على "تويتر" أن "النيابة العامة التمييزية حفظت ملف القرض الحسن، وانا متأكدة من ذلك، والقرض الحسن شخص معنوي مرخص، وبمطلق الاحوال انا أعود واكرر اذا حوّل لي مدعي عام التمييز الملف سأفتح التحقيق من جديد". وتابعت: "في القرض الحسن هناك أموال تدخل الى لبنان ومعروفة المصدر. اين الجرم هنا؟ هناك اموال تدخل ايضا الى كاريتاس وفرسان مالطا واي ONG فهل هذا جرم؟ بالطبع لا".
في هذا السياق يعود المحامي حرب ليذكّر بالدعوى التي تقدم بها امام المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات في ما يتعلق بالادوية الايرانية التي يجري إدخالها الى لبنان، وتم رفض هذه الدعوى بشكل سريع من قبل النيابة العامة التمييزية، ما يصفه حرب بالرد الخاطئ من قبل النيابة العامة حيث ان الدعوى تضمنت كل المعطيات اللازمة. وبعد رفض الدعوى، تقدم حرب والمحامي كيرلس، بإخبارين إلى القاضية عون: الأول حول مخالفات جمعية القرض الحسن، والثاني حول إدخال أدوية إيرانية إلى السوق اللبنانية خلافاً لمعايير منظمة الصحة العالمية والإجراءات القانونية والصحية المعتمدة لكون الشركة التي إستوردت الادوية الايرانية كان عنوانها في النطاق الجغرافي لعمل القاضية عون، حيث جاء في الإخبار المتعلّق بالأدوية الإيرانية أنه تمّ إدخالها "خلافاً للأصول والإجراءات القانونية والإدارية المعتمدة في مختبر مرجعي، وبغياب المعلومات العلمية الكافية حول جودتها وسلامة محتوياتها وصحة استعمالها، مما قد يتسبّب بوفاة المرضى وإدخال النظام الصحي الوطني في خطر أكيد نتيجة المضاعفات والتداعيات السلبية لهذه الأدوية". وطلب المحاميان اتخاذ التدابير اللازمة لوقف التداول بهذه الأدوية الخطرة فوراً وملاحقة الوزيرين حمد حسن وجميل جبق وشركة "ليبيران" وكل من يظهره التحقيق شريكاً أو متدخلاً أو محرّضاً. وفي اليوم ذاته الذي تقدم به حرب وكيرلس بإخبار الادوية الايرانية، تقدما ايضا بإخبار بحق القرض الحسن. بعدها، قامت القاضية عون بحسب حرب بإحالة هذين الاخبارين على مديرية امن الدولة لإنجاز التحقيقات اللازمة رغم عدم وجود جانب تقني يمكن التحقيق فيه من قبل امن الدولة في الاخبار المقدم. ويضيف: "منذ ذلك الحين إختفى الملف ولم نعرف عنه اي جديد ولا معطيات جديدة". ويعود حرب ليؤكد ان "حجة القاضية عون دائما في ملف الاخبار المقدم بحق القرض الحسن هي ان هذا الملف تم تقديمه لدى المدعي العام التمييزي القاضي عويدات وليس أمام مدعي عام جبل لبنان، ولهذا السبب لم تتحرك عون سابقا وكانت تنتظر إذن النيابة العامة التمييزية للتحرك"، وهو ما يعتبره حرب "حجة في غير مكانها حيث ان الدعوى بحق القرض الحسن لم تقدم الى القاضي عويدات بل جرى تقديم الاخبار لدى القاضية عون، ومقدما الاخبار ينتظران نتائج التحقيقات التي لم تبصر النور حتى اللحظة". أما بالنسبة للوضع القانوني لجمعية القرض الحسن، فيؤكد حرب ان "هذه المؤسسة ليست بمصرف كونها لا تتمتع باي ترخيص من مصرف لبنان، كما لا تتمتع باي وصف قانوني يسمح لها بممارسة النشاطات المالية التي تقوم بها حاليا حيث لم تستحصل على اي ترخيص في هذا الشأن، وتم التأكد من البيانات الموجودة لدى مصرف لبنان". وفي حال إعتُبرت جمعية القرض الحسن جمعية خيرية، يلفت حرب الى وجود آليات قانونية يجب إعتمادها مع هذا النوع من الجمعيات التي تتعاطى التسليف. ولكن القرض الحسن لا يعتمد هذه الآليات ولا يخضع لرقابة وأحكام مصرف لبنان ولا وزارة الداخلية. ويضيف: "نشاطات القرض الحسن هي نشاطات علنية غير شرعية، خصوصا بما يتعلق بالتسليف والصرافات الآلية والتعاطي بالذهب وغيرها". وينهي حرب بالتأكيد ان ملف القرض الحسن حاليا هو لدى أمن الدولة، ولم ينجز اي تحقيق جدي حتى اللحظة، مع الاخذ في الاعتبار ان هذا الاخبار لا يتطلب تحقيقا كون إعلانات القرض الحسن علنية وعلى الطرق والبيانات التي تؤكد انه جمعية لم تستحصل على التراخيص المطلوبة واضحة لدى مصرف لبنان.
لم تتوقف جمعية القرض الحسن عن توسيع نشاطاتها لاستقطاب العدد الاكبر من الخدمات التي تقدمها، وكان آخرها إطلاق قروض الطاقةِ الشمسية في اولِ ايامِ شهرِ رمضانَ الفائت، وواكبت الجمعية هذا الاعلان بحملة دعائية واسعة على الطرق أعادت تسليط الضوء على كيفية عمل هذه المؤسسة المصنفة أميركيا على لائحة المنظمات الداعمة لـ "حزب الله" والمعاقبة بموجب القوانين الاميركية. فهذه الجمعية تبقى مادة دسمة للنقاش خلال اجتماعات الوفود الاميركية التي تزور لبنان. فمطلع آذار الفائت، سلط وفد الخزانة الأميركية الذي زار لبنان الضوء على "مؤسسة القرض الحسن" التي تصفها الادارة الاميركية بالمؤسسة المالية الزائفة التي توفّر غطاءً للنشاط المالي لـ "حزب الله". ويومها شدد الوفد على خطورة هذه الجمعية التي تعرض صدقية النظام المالي اللبناني للخطر لناحية دخول هذه المؤسسة النظام المالي والنقدي اللبناني واستخدامه لتبييض الأموال بهدف تمويل "حزب الله"، إذ تعتبر الخزانة الأميركية أن "مؤسسة القرض الحسن تزعم خدمة الشعب اللبناني، لكنها عملياً تنقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهميّة، وتعرّض المؤسسات المالية اللبنانية لعقوبات محتملة". وكان مصرف لبنان أبلغ مرارا المعنيين في الدولة اللبنانية بأن "مؤسسة القرض الحسن" منظومة مصرفية لم تحصل يوما على التراخيص المطلوبة لممارسة نشاطها وتعمل خارج النظام المصرفي اللبناني وخارجة عن السلطة الرقابية لمصرف لبنان.