مَن من اللبنانيات لا يعتنين بشعرهن ومظهرهن عموماً، وهنّ المعروفات بجمالهنّ وأناقتهن المميزة. لكن، وفي ظل الأزمة الكارثية، باتت أسعار خدمات التجميل باهظة، ولا يمكن مثلاً القيام بمجموعة منها مرة واحدة، وإلّا "طار الراتب". فقصّ الشعر وصبغه يكلّفان نحو 400 ألف ليرة، أي ثلث راتب مَن يتقاضى 1500000 ليرة تقريباً.
بحثت يارا عن صالون تزيين لصبغ شعرها لكن لم تجد صالوناً يمكنها الوثوق ببراعة موظفيه وتكون أسعاره معقولة، "فهذا شعري ولا أريد أن أتلفه ولا يسعني أن أدفع 300 ألف ليرة لأصبغه"، تروي يارا، موظفة في شركة تجارية. لم تجد سوى حلّ واحد، وهو الدخول إلى يوتيوب، والبحث في كيفية صبغ الشعر وتطريفه أقلّه. وفعلاً، دخلت إلى المنصة واشترت الصبغة بنحو 25 ألف ليرة، واستعانت بأختها لمساعدتها. أمّا القص، فقد طلبت من أمّها أن تطرفه لها بشكلٍ متساوٍ، دون المس بشكله، "أصبح صعباً علينا أن نقوم بالزيادات، ومضطرات إلى أن نقوم ببعض الأمور بأنفسنا من جراء الغلاء كلّه"، خصوصاً وأنّ راتبها لا يتجوز المليون وخمسمئة ألف ليرة.
الأسعار
مديرة أحد صالونات التزيين المشهورة في بيروت، تؤكّد أنّهم رفعوا الأسعار على مرحلتين. الأولى مع وصول الدولار إلى نحو 7000 ليرة، والأخرى مع بداية هذا الشهر. وارتفعت الأسعار لديها 25% على جميع الخدمات، حتى التي لا تتطلّب استخدام منتجات، مثل قص الشعر الذي أصبح بـ 120ألفاً "فجميع المصاريف الأخرى ارتفع سعرها كصيانة الموتور وأجرة اليد، وغيرهما". وزيادة 25% على الأسعار، برأيها، لا يفيد ولا يسجّل أرباحاً، إنّما الهدف هو فقط أن يستمرّوا في ظل هذه الظروف الصعبة. همّ الصالون هذا كغيره، هو الصمود وتأمين رواتب الموظفين، فأرباحه انخفضت حتى 1%، أي أنها شبه معدومة.
ولا يمكن الصالون أن يرفع الأسعار بالتوازي مع سعر الصرف، فبذلك ستصبح أسعاره نارية. لكن على سبيل المثال أصبحت أسعار بعض الخدمات لديه كالتالي: تطريف الشعر 80 ألف ليرة، صبغة جذور الشعر 160 ألفاً، وصبغة شعر كامل ابتداءً من 400 ألف ليرة. وكان الصالون في السابق يعمل وفق تسعيرة واحدة لصبغة الشعر، أمّا الآن، ولعدم هدر المنتجات التي أصبحت باهظة على سعر الدولار، وضع تسعيرات مختلفة بناءً على طول الشعر ولونه، وأصبحت التسعيرة "عالغرام".
وتراجع العمل لديه بنسبة 70%، فالنساء حالياً يطلبن الخدمات الأساسية فقط، كصبغ الشيب وقص الشعر، وما هن مضطرات إلى القيام به. وكانت الزبونات يأتين عدة مرات بالأسبوع إلى الصالون ليقمن بتمليس شعرهنّ، أمّا الآن فلا يأتين بالوتيرة نفسها. وتقول المدير:"نحن نقدّر ظروف زبائننا ولا ندع أياً منهن تخرج غير راضية بسبب ارتفاع الأسعار، فالزبونة تدخل إلى الصالون لتغيّر من نفسيّتها والآن هي بحاجة إلى ذلك أكثر وأكثر".
أمّا رئيس نقابة أصحاب صالونات التزيين النسائي في لبنان، أكرم رضوان، فيفيد بأنّ وضع صالونات التجميل صعب جداً، وقد أقفل حوالى 65% منها لأنّه لا يمكنها تسجيل الأرباح ولو البسيطة مع الغلاء الكارثي. وما تبقّى من الصالونات غير قادرة على رفع الأسعار، لكن هناك صالونات بالطبع قادرة على الزيادة بحكم وجودها في أماكن معينة وتستهدف شريحة معينة من الزبائن. لكن هذا ليس حال 14 ألف صالون تجميل ولا 80 ألف شخص يعتاشون من هذه المهنة.
المنتجات التي تُستخدم من صبغة والعناية بالشعر، أصبحت تسلّمها الشركات للصالونات بالدولار الذي وصل إلى أرقام خيالية. لذلك، لا يمكن تسعير خدمات التجميل بالدولار ولا على سعر الدولار الحالي، فلن يأتي بذلك أحد إلى الصالون، ولذلك، أصبح من الصعب تحديد ميزانية المدفوعات والإيرادات.
وكذلك، طالت الأزمة الزبائن الذين تراجعت قدرتهم الشرائية، وباتوا غير قادرين على ارتياد الصالون كالسابق. ويجب ألّا ننسى أنّه مع انتشار كورونا، استجدّت مصاريف إضافية من قفازات ومعقمات وغيرها، إضافة إلى المصاريف التشغيلية من كهرباء وإيجار محل وسواها، "الشكاوى كثيرة، لكن للأسف، يُنظر إلى مهنة تزيين الشعر كأنّها من الكماليات"، وفق رضوان.