النهار

لبنان ينتظر الانفراج "الكهربائي" على خطين أسهلهما صعب! هل تشمل العقوبات "الهبة" أيضاً؟
المصدر: "النهار"
لبنان ينتظر الانفراج "الكهربائي" على خطين أسهلهما صعب! هل تشمل العقوبات "الهبة" أيضاً؟
كهرباء لبنان.
A+   A-
ينتظر لبنان الانفراج "الكهربائي" على خطين الأول عراقي والثاني ايراني، وإن كان الغموض لا يزال يلف كليهما. الخط الاول هو عن طريق العراق حيث لا يزال لبنان ينتظر الموافقة الخطية من السلطات العراقية لاسترداد كميات الفيول التي سترسل الى لبنان اذا ثبت انها تحتوي على نِسب مرتفعة من الكلوريد. وتؤكد مصادر وزارة الطاقة لـ"النهار" أن التواصل مستمر مع الجهات العراقية في هذا الموضوع تحديدا كما في موضوع التجديد على العقد الذي تنتهي مفاعيله آخر الجاري. وإذ أقر بتأخير قد يحصل في وصول الشحنة الأولى من الكميات المتبقية من العقد القديم والمقدرة بنحو 180 الف طن، أكد أنه ما أن تتضح الصورة يمكن للبنان الحصول على شحنات من النفط العراقي والغاز أويل لزوم تشغيل معامل مؤسسة الكهرباء بين 10 و 15 يوما فقط.

بيد أن مصدرا آخر في الوزارة أفاد بأن ملف الفيول العراقي لم يتم البت به حتى الساعة ولم يتم التواصل بين الجهات العراقية ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض. كما لفتت المصادر في سياق متصل إلى أن شاحنة الفيول العراقي التي كانت من المرتقب أن تصل هذا الشهر لم يُقرّر بعد موعد وصولها. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت وزارة الطاقة ستوقع عقداً ثانياً مع العراق لاستقدام الفيول، أجابت المصادر أن هذا القرار مناط بالوزير ولا معلومات مؤكدة حتّى الساعة حول هذا الأمر لأنه لم يحسم بعد، في حين لا تواصل بين فياض والجهات العراقية في هذا الشأن بإنتظار قرار الوزير ليُبنى على الشيء مقتضاه.

هذا بالنسبة للمسار العراقي، أما بالنسبة لمسار الهبة الإيرانية من الفيول، فقد عاد الوفد التقني من طهران أمس بعدما أجرى محادثات مع المسؤولين الإيرانيين وتحديدا مع وزارتي الطاقة والنفط الإيرانيتين، على أن تتكثف الاجتماعات في وزارة الطاقة اليوم لمعرفة تفاصيل محادثاتهم مع ايران.

وفيما أعلنت السفارة الإيرانية في بيروت أن "السفن المحملة بالفيول الإيراني ستكون جاهزة خلال أسبوع أو أسبوعين للإبحار إلى لبنان والرسو في الميناء الذي يحدده الجانب اللبناني"، أكدت مصادر وزارة الطاقة أن التواصل مع الوفد اللبناني عبر الهاتف لم يتطرق الى التفاصيل التي تركناها للاجتماع الموسع اليوم حيث سنطلع منهم على العروض التي قدمها الايرانيون وامكانية قبولها في لبنان وبأي صيغة وما اذا كانت على شكل "هبة" أو غيرها.

أما اذا كان الفيول الذي يمكن أن نحصل عليه من ايران سيحتاج إلى عملية استبدال كما يحصل مع الفيول العراقي ليوافق المواصفات اللبنانية، أوضحت المصادر أن كل الامور متعلقة
بنوعية الفيول الذي سنحصل عليه، والاجوبة الشافية في هذا الاطار تنتظر الاجتماع مع الوفد اللبناني، بيد ان مصادر الوفد اللبناني الى ايران أكدت لـ "النهار" أن الجهات الايرانية أبلغت الوفد الموافقة على منح لبنان 120 ألف طن شهريا على مدى 6 أشهر تقريبا على شكل هبة، ولكن كل هذه الامور في انتظار موافقة وزير الطاقة اللبناني على الهبة ومدى موافقتها للقوانين اللبنانية.

بموجب الأمر التنفيذي الرقم 13846 الصادر عن الادارة الأميركية بتاريخ 6 آب 2018، "يُمنع أي تعامل بالنفط الإيراني، إن كان شراء أو نقلا أو تحميلا أو تفريغا أو توزيعا، أو حتى إفادة بموجب بيع أو حيازة"، هذا إضافة الى العقوبات الصادرة في الخامس من تشرين الثاني عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، والتي تشمل قطاع النفط الإيراني على نحو أوسع وأكثر شمولية، وذلك كأداة لتحقيق أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، وهي من أشدّ العقوبات التي صدرت بحق إيران.

فهل يتعرض المستفيدون من النفط الايراني للعقوبات؟
يستند رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الخبير القانوني الدكتور بول مرقص الى الفقرة الثالثة من الأمر التنفيذي الرقم 13846، التي تنص على عدم إمكان الشراء أو "الحيازة" أو التوزيع وأي تعاطٍ حتى بموضوع البترول، وتعتبر أنه إذا حدث هذا الأمر "knowingly" كما جاء في الأمر التنفيذي المذكور، أي عن عِلم، وبمعنى آخر معرفة المستفيد أن النفط مصدره إيراني وقبوله بالتعامل معه إن كان بالشراء أو بالحيازة أو بالتوزيع والإستفادة، تُفرض عليه العقوبات. وهذه العقوبات يمكن أن تُفرض مِن كل من وزير الخارجية الأميركي وذلك بالتشاور مع وزير الخزانة ووزير التجارة، اضافة الى وزير الأمن الداخلي وغيرهم من المسؤولين في الإدارة الأميركية المختصّين بحسب الحالة.

ويقول: "لا يوجد استثناء في القانون الاميركي يسمح بقبول هبات نفطية من ايران من دون التعرض للعقوبات، وسبق للبنان أن رفض قبول هبات من روسيا وايران بسبب العقوبات".
والأهم، برأي مرقص، أن "المعيار الذي يحدّد ما إذا كان تعاطي المستفيد مع النفط الإيراني قد تمّ عن علم أو من دون علم، هو معيار متشدّد قائم على "strict liability"، أي يعتبر أن هناك قرينة العلم المفترضة "Reasons to know"، وتاليا إن لم يكن يعلم، إلا أنه قد تكون هناك قرينة من أنه مفترض أن يكون عالما".

وعلى رغم ان التعامل مع النفط الإيراني، من دون الحصول على إعفاء خاص من وزارة الخزانة الأميركية قد يضع البلاد تحت خطر العقوبات الأميركية، بيد أن مرقص يرى أنه "لن تفرض هذه العقوبات بالضرورة وحتماً نتيجة هذه التعاملات، لأنها تعود إلى تقدير الإدارة الأميركية، التي كانت تستطيع أيضاً أن تعطي استثناء وما يسمى الـ"waiver"، إذا تمّ التقدّم بهذا الطلب من السلطات اللبنانية إستناداً الى حاجات لبنان الحيوية، لذلك فان إمكانية فرض عقوبات على هذا النحو قائمة، وإن لم تكن حتمية بسبب السلطة التقديرية العائدة للإدارة الأميركية في هذا المجال".

ويذكر مرقص أنه "سبق للولايات المتحدّة الأميركية أن قدّمت إعفاءات لدول عديدة في ما خصّ العقوبات على استيراد النفط الإيراني، فقد حظيت دول كالصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وإيطاليا واليابان وتايوان واليونان بإعفاءات استثنائية من العقوبات، ولو لفترة محدودة وقصيرة نسبياً بسبب الحاجة إليها، لأنه وفق ما صرّح به وزير خارجية أميركا، فإن الإعفاء جاء بالنظر الى الظروف الخاصة لهذه البلدان التي تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني، وكذلك لضمان العرض الكافي في سوق النفط".

وفيما تُصنَّف صفقة النفط المحتملة بأنها مجانية ولن تعود بأرباح على ايران، بيد أن الأمر التنفيذي واضح لجهة أولا قوله "حيازة" وليس فقط بيع أو توزيع، وثانيا لعدم استثناء الهبات وإلا لكان وضعها في نصّ صريح"، وفق ما يقول مرقص.

مع الاشارة الى أنه سابقاً للأمر التنفيذي لعام 2018 كان هناك الأمر التنفيذي الصادر عن ادارة اوباما عام 2012 ولم يكن يذكر الحيازة بل فقط البيع او التعامل او التسهيل. أمام ما تقدم، يأمل مرقص من المعنيين "السعي إلى إتمام الصفقة مع الايرانيين، مع الاستحصال على إجازة من الإدارة الأميركية waiver أسوة بالدول التي ذكرناها نظرا للحاجة الوطنية الماسّة".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium