مرة جديدة ترفع نقابات المخابز والأفران في لبنان الصوت للمطالبة بضرورة تنظيم عمليات استيراد القمح وتوزيعها على المطاحن العاملة في لبنان بشكل عادل في ظل رقابة فاعلة كي تحصل كل مطحنة على حاجتها من القمح وبالتالي كل فرن على حاجاته من الطحين لصناعة الخبز العربي بصورة عادية.
خرج وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في الايام الماضية مؤكداً أن كمّيات من القمح ستدخل خلال 10 أيام وتكفي لشهر ونصف الشهر ويصل حجمها الى 50 ألف طن، على أن تخضع للفحوص المخبرية في وزارة الزراعة لتقوم بعدها لجنة بإدارة وزارة الاقتصاد بتنظيم وصول القمح الى المرفأ ومن ثم الى المطاحن، وبمساعدة جميع الأجهزة لمتابعة وصول القمح إلى الأفران. بالفعل، وصلت الباخرة الأولى المحمّلة بالقمح الى لبنان على أن تصل باخرة أخرى في الأيام المقبلة، ولكن مع استمرار إضراب موظفي الإدارة العامة وتحديداً موظفي المختبرات في وزارة الزراعة لا يمكمن إجراء الفحوص المخبرية على العيّنات المأخوذة من هذه البواخر ما يؤخّر حتماً عملية تفريغها وتوزيعها، وأيضاً بعد إضراب موظفي مصرف لبنان الذي انتهى أمس الاثنين تأخرت عملية فتح الاعتمادات اللازمة لشراء هذا القمح المدعوم، فيما تؤكد مصادر مصرف لبنان أن المركزي سيفتح الاعتمادات انطلاقاً من الموافقات التي كان قد حصل عليها من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل تحوّلها الى حكومة تصريف أعمال على أن يُصرف ثمن حمولات بواخر القمح المدعوم هذه من أموال حقوق السحب الخاصة التي وصلت من صندوق النقد الدولي.
تفاقمت أزمة الطحين أيضاً مع استمرار إقفال سبع مطاحن من أصل 11 مطحنة بسبب نفاد القمح المدعوم وعدم استجابة وزارة الاقتصاد والتجارة لطلب النقابة بإصدار أذونات تسليم الطحن للأفران تحدّد اسم المطحنة وكمّية الطحين المخصّصة لكل فرن، كما لم تحدّد الوزارة كميات الطحين المنتج في المطاحن العاملة ليصار على أساسها إلى توزيع الطحين على الأفران التي لم تتسلم كمّياتها كاملة.
وتعود الأفران لتطالب بضرورة تنظيم هذا القطاع وتوفير القمح لجميع المطاحن كي يتأمّن الطحين لكل الأفران بصورة طبيعية، لأن توقف مطحنة واحدة عن العمل قد يؤثر على كمّيات الطحين.
في كل صباح تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لإشكالات متنقلة أمام الافران في العديد من المناطق اللبنانية وآخرها الإشكال والتضارب بالعصيّ أمام أحد الأفران في بلدة "مكسة" قضاء زحلة على خلفيّة أسبقيّة الحصول على ربطة خبز. وبحسب رئيس البلدية عاطف الميس، فإن الإشكال والتضارب وقع بين عرب بر إلياس واللاجئين السوريين المنتظرين للحصول على خبز، ولم يسهم تدخل الأهالي في معالجة الموقف فاضطر إلى الاتصال بالجيش والقوى الأمنية. وأشار إلى أن أضراراً مادية لحقت بالفرن من جراء رمي الحجارة حيث تحطّم الزجاج وبعض محتويات الفرن. وأسف لما وصلت إليه الأوضاع إذ إن الطلب على الخبز يفوق قدرة الأفران التي لا تزال تعمل على تأمين المطلوب منها، مشيراً إلى أن 3 أفران من أصل 7 تعمل في البقاع فقط لا تزال تؤمّن الخبز، فيما نفد الطحين لدى الأفران الباقية. وفي هذا السياق، طالبت نقابات المخابز والافران بضرورة تأمين الحماية الأمنية للأفران التي تعمل والتي تشهد طوابير من المواطنين أمامها مما يعرّضها لمشاكل مع المحتشدين. ودعت المسؤولين الى مواكبة أمنية لهذه الافران لمنع حصول صدامات بين المحتشدين وبين أصحاب الافران، وحذرت من أنها "لن تستمرّ بالعمل وسط الفوضى والطوابير التي تمنع الأفران من القيام بدورها من دون مشاكل في هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها البلاد". تعود الافران لتطالب وزارة الاقتصاد بالعدالة في توزيع الطحين على الأفران بما يؤمن عملها لإنهاء طوابير الذل من أمامها لأسباب ليست الأفران مسؤولة عنها بل بسبب نقص كمّيات الطحين المسلمة إليها في جميع المحافظات اللبنانية خلال شهر حزيران الماضي وتموز الحالي، وهذه الأفران بحاجة إلى زيادة نسبة إنتاجها لتتوافق مع حجم الطلب المتزايد ومع زيادة الطلب على الخبز العربي لارتفاع سعر الخبز الإفرنجي ومشتقاته بعد رفع الدعم عن الطحين المخصّص لصناعته من جهة ثانية.