أقرت الهيئة العامة لمجلس النواب العام الماضي قانون الشراء العام وأصبح نافذا في 29/7/2022. هذا القانون وضع آلية مركزية موحدة للإنفاق العام، بحيث تخضع كل الصفقات العمومية والمشتريات لإشراف هيئة متخصصة ولرقابتها، فيما كانت إدارة المناقصات التابعة لهيئة التفتيش المركزي في السابق، تشرف فقط على 5% من الصفقات العمومية المعقودة لمصلحة إدارات الدولة ووزاراتها.
أهمية القانون تكمن في أنه وسّع مروحة الصفقات التي تخضع لرقابة هيئة الشراء العام لتشمل جميع عمليات الشراء التي تقوم بها الدولة ومؤسساتها ومجالسها وصناديقها وإداراتها والهيئات الإدارية المستقلة والبلديات واتحاداتها والمحاكم التي تتمتع بموازنات خاصة، والأسلاك الأمنية والعسكرية وما يتبعها من وحدات، ومشتريات المرافق العامة المشغّلة من شركات خاصة لمصلحة الدولة، وصولا إلى عمليات الشراء التي يجريها مصرف لبنان باستثناء طباعة النقد وإصداره.
بَيد أن القانون المشار اليه آنفا كانت دونه ملاحظات وخصوصا ما يتعلق منه بالبلديات، إذ إنه يفرض أن تكون لجان التلزيم وفق ما نصت عليه المادة 100 البند 2 من إدارتها من الفئة الثالثة على الأقل ممن لديهم خبرة مثبتة في مجال الشراء العام... وهذا أمر دونه معوقات، حيال عدم وجود موظفين من هذه الفئة بين الموظفين العاملين في بعض البلديات، أو انتفاء الوجود الوظيفي اصلا ضمن العمل البلدي.
ومن الملاحظات ايضا ما تضمّنه القانون من تضارب في المصالح، لاسيما بين أعضاء اللجان الذين تربطهم صلة قرابة بالدرجة الرابعة، ما يعرقل عملية تشكيل اللجان ويفرض تغييرها كل فترة، وتدريب عدد أكبر من الموظفين. كما أن القانون وفق ما يقول البعض "لم يراعِ خصوصية العمل البلدي الذي يقوم في كثير من البلديات على الجهد الشخصي في جانبه التطوعي وليس على الجانب الوظيفي مثلما هي الحال في الإدارات والمؤسسات العامة الرسمية الأخرى ما يشكل عائقا أمام تطبيقه".
وأمام هذه الملاحظات، وغيرها من الملاحظات، علمت "النهار" انه تم إقرار بعض التعديلات على قانون الشراء العام من ضمن قانون موازنة العام 2022 امس. وهذه التعديلات جاءت كالآتي:
أولا: تُعدل المادة 46 من قانون الشراء العام بإضافة فقرة سادسة اليها، كالآتي: "عند التعاقد مع المستشفيات والمراكز الطبية والمختبرات".
ثانيًا: تُعدل الفقرتان الاولى والثالثة من المادة 101 من قانون الشراء العام كالآتي: "قبل شهر تشرين الأول من كل سنة، تقترح الجهة الشارية لائحة بأسماء موظفين ومتعاقدين من إدارتها من الفئة الثالثة على الاقل، في حال توافرهم، والا فمن الفئات الأخرى، من بين المدربين أصولا وفقا لأحكام هذا القانون، وتقوم بإرسال هذه اللائحة إلى هيئة الشراء العام. في حالة البلديات، وفي حال عدم توافر موظفين أو متعاقدين من الفئة الثالثة لديها او اي فئة اخرى، يستعان بأعضاء من المجلس البلدي على أن يكونوا مدربين أصولا وفقا لأحكام هذا القانون. تعمد هذه الهيئة، وقبل نهاية شهر تشرين الثاني من العام عينه، إلى توحيد اللوائح بلائحة موحدة ترسلها إلى هيئة التفتيش المركزي وديوان المحاسبة والهيئة العليا للتأديب للتقصّي عن الأسماء المقترحة وبيان المخالفات المنسوبة إليهم أو العقوبات المقررة بحقهم، في حال وجودها. تنقّح الهيئة اللائحة النهائية وتشطب منها أسماء الملاحَقين والمعاقَبين وتضعها بتصرف الجهات الشارية في قاعدة البيانات الخاصة على المنصة الإلكترونيّة لديها. لا تكون لائحة الأسماء علنية للعموم. وفي حال تبيّنت حاجة إلى ادخال أسماء جديدة، تعمد الجهة الشارية إلى إبلاغ هيئة الشراء العام بذلك على أن يصار الى إضافة الأسماء إلى اللائحة الموحّدة بحسب الآلية المفصّلة في هذه الفقرة.
تعيّن لجنة الاستلام بقرار من المدير العام في الإدارات والمؤسسات العامة وبقرار من السلطة التقريرية في البلديات وغيرها من الهيئات، وهي تختلف في قوامها وأعضائها عن لجنة التلزيم ولا تضم الأشخاص الذين اشتركوا في الإشراف على التنفيذ أو الذين درسوا السوق أو وضعوا القيمة التقديرية للشراء. تتألف كل لجنة من رئيس وعضوَين على الأقل من داخل الإدارة في حال توافرهم، وحيث يتعذر ذلك من اللائحة الموحدة لدى هيئة الشراء العام او من أعضاء المجلس البلدي في البلديات، ويراعى في تأليفها إشراك أصحاب الاختصاص. تطبق هذه الأحكام على لجان التلزيم في البلديات".
وتبقى الفقرات 2، 4، 5، 6، 7، 8، 9 و10 من دون تعديل.
ثالثا: تضاف فقرة ثالثة الى المادة 60 من قانون الشراء العام وفقا للآتي: "يُكتفى ببيان موقّع من أصحاب الحق يتضمن تفصيل الخدمات او اللوازم او الاشغال عند تعذر تقديم فاتورة، كما يمكن الاكتفاء بعرض واحد عند تعذر تأمين عرضين".
وتعليقا على هذه التعديلات رحّب رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية لـ"النهار" بما فعل المشرع و"اقر بالنص الصريح، وان كان بموجب قانون الموازنة العامة لعام 2022، توضيحات لقانون الشراء العام، كانت هيئة الشراء العام قد اصدرت معظمها بموجب مذكرات توضيحية وهي تكمل النصوص القائمة ولا تتعارض معها".
هذه التوضيحات، وفق العلية، من شأنها "تعبيد الطريق أمام البلديات، ولاسيما منها الصغيرة، للانخراط في قانون الشراء العام بعدما ذللت كل الصعوبات من أمامها لناحية افتقارها إلى العدد الكافي من الموظفين. وعليه يكون قانون الشراء العام قد اثبت اليوم انه قانون وُضع ليطبق على جميع الجهات الشارية بما يضمن المنافسة والشفافية والحفاظ على المال العام".
واذ أمل في "تنفيذ القانون من قِبل كل الجهات الشارية وهيئة الشراء العام تقوم بدورها الإرشادي والرقابي في هذا المجال"، اكد أن "هيئة الشراء العام لن تتساهل ضمن الصلاحيات المعطاة لها حيال عدم التطبيق".