انطلق أسبوع الطاقة المتجدّدة بنسخته الثالثة عشرة، بحضور جميع المعنيّين بقطاع الطاقة من قطاع خاص وخبراء ومنظمات تمويلية وجهات مانحة وغيرهم.
وشهد الحدث زخماً هذا العام، إذ تجاوزت السعة الإنتاجية للطاقة الشمسية عتبة الـــ1000 ميغاواط في لبنان بزيادة تفوق 800 في المئة، مقارنة بالسنة السابقة التي شهدت 200 ميغاواط، أي معدّل نمو هو الأعلى في العالم.
وشهد لبنان مرحلة التحوّل الطاقوي الملحوظ، من التحوّل من الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة، إذ يحظى لبنان اليوم بـ 20 في المئة من الطاقة المتجددة، إلى التحوّل الطاقوي داخل قطاع النفط من نفط ملوّث وتقليدي إلى الغاز الطبيعي وهو الأنظف بين المشتقات النفطية. إضافة إلى التحوّل الطاقوي في قطاع الاتصالات وهو جزء من هذا التحوّل الكبير.
كذلك، تناول الحدث تحوّلات على مستوى القروض الكبرى التي ستمنح للبنان في قطاع الطاقة وهي قروض ستمنح للقطاعات الإنتاجية، إلى جانب العمل على توظيف هذا التحوّل الطاقوي الكبير على المستوى المنزلي الفردي، بالتنسيق مع مصرف لبنان لمنح قروض للطاقة الشمسية لكي يتحوّل الناس إلى منتجين للطاقة أيضاً.
ولعب القطاع الخاص دوراً كبيراً في هذا التحوّل عبر مشاريع لبناء الطاقة المتجددة بهدف بيعها للدولة.
تصوير حسن عسل.
في هذا الإطار، يورد رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة المهندس بيار الخوري لـ"النهار"، أنّ "مشاريع القطاع الخاص هذه نُفّذت عملياً لكن بقي العائق الأساسي فيها هو التمويل، حيث يقف صندوق النقد".
وبحسب الخوري، تبلغ تكلفة مشاريع الطاقة المتجددة عبر الرياح، والتي تنتج 226 ميغاواط، نحو 350 مليون دولار، وتساوي قرابة 10 في المئة من حاجة لبنان للطاقة. كذلك، تبلغ تكلفة مشاريع الطاقة الشمسية لإنتاج نحو 165 ميغاواط، قرابة 150 مليون دولار، وقد أُبرمت مع وزارة الطاقة لكنّها تنتظر التمويل من مستثمرين أجانب أو مصارف التمويل الأجنبية وليس الحكومات.
وفيما من المتوقّع أن يكون موقف صندوق النقد الدولي تجاه هذه المشاريع اشتراط الإصلاحات، يشرح الخوري أنّ "من وجهة نظرنا، في إطار الإصلاحات نفسها، يجب القيام بهذه المشاريع الطاقوية الإيجابية للمضي قدماً بالإصلاحات الأخرى ووضعها على السكة السليمة، أي البدء بشكل معاكس".
من جانبه، وفي إحدى جلسات النقاش في هذا الحدث، أكّد ممثِّل صندوق النقد الدولي في لبنان، فريدريكو ليما المؤكّد، بأنّ ما سمعوه من المجتمع الدولي أنّه لن تُصرف أي قروض أو تمويل دون تنفيذ الإصلاحات في لبنان، إذ يقف لبنان اليوم على تقاطع طرق والوضع فيه يستمر بالانحدار مع فساد القطاع المصرفي وتراجع جميع الخدمات العامة.
لم تنتهِ الحلول
لكن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، وضع لبنان أمام طروحات في ما يتعلّق بتأمين التمويل لمشاريع الطاقة. ويتحدّث لـ"النهار" عن المقاربة الأولى، وهي انتظار الجهات المانحة لإعطاء قروض لمشاريع استثمارية في الطاقة المتجددة، وفي لبنان حصلت هذه المشاريع على 11 إجازة.
لكن هناك احتمالين هنا. أولاً قد لن تمنح أي قروض في لبنان إلّا في حال نفذ لبنان الإصلاحات المالية لكي يحظى بثقة الخارج. أمّا الاحتمال الآخر، بحسب فياض، فهو أن تنظر الجهات المانحة إلى كل قطاع على حدة. فمثلاً في قطاع الطاقة اليوم، يغيب الهدر تماماً وقد أصلحت مؤسسة كهرباء لبنان تعرفتها وأصبحت تغطي كلفتها ولم تعد مفلسة ولا شيء يمنعها من تسديد مستحقاتها للقروض إذا ما حصلت عليها.
وبرأي فياض، "نبحث في السبل لكي نحظى بالاحتمال الثاني ونبحث عن مصادر تمويل وشركاء محتملين بانفتاح على الجميع، علّنا نجد تمويلاً لا ينتظر صندوق النقد الدولي".
تصوير حسن عسل.
لكن قبل كل شيء، وزارة الطاقة أمام حاجز أساسي يتمثّل بعدم قدرتها على التصرّف بأموالها التي تُدخلها إلى مصرف لبنان، و"علينا حل هذا الحاجز فهو المدخل لبعض المخارج".
ويكشف فياض "أنّنا على وشك الوصول إلى بعض المخارج ونحن في تشاور مع هيئة التشريع والاستشارات للسماح لنا بإصدار الفواتير بالدولار وإعطاء الخيار للمواطن لتسديد فاتورة الكهرباء إمّا بالليرة أو بالدولار، وبذلك سنتمكّن من إدخال موارد بالدولار إلى الوزارة، لكن على مصرف لبنان التعاون بعدم حجز هذه الأموال، فبمجرد تطبيق هذا الأمر، نكون قد تسلّحنا بما يلزم للتوجّه إلى الجهات المانحة لتمويل مشاريع الطاقة في لبنان".
لا مركزية الطاقة بانتظار الدولة... والتمويل
في إطار قانون الطاقة المتجددة الرقم 462 الذي يدعم لامركزية الطاقة في لبنان، يقول عميد كلية الهندسة في جامعه الروح القدس الدكتور جوزيف الأسد لـ"النهار" أنّ "القانون يحتاج تمويلاً وكل الجهات المموِّلة تشترط الإصلاحات قبل التمويل. لكن خلال القيام بهذه الإصلاحات يجب اختيار أي نظام كهربائي نريد والقيام بإصلاحاتنا على هذا الأساس".
بمجرّد وضع الدولة الإطارين القانوني والإداري للسماح للقطاع الخاص بالاستثمار بهذا المجال، فهو قادر على أن يدير أموره بنفسه دون أي تمويل من الدولة، إذ تصطدم الجهات المانحة بمشكلة عدم إمكانيتها تمويل أنظمة طاقة غير قانونية. لذلك، على الدولة أن تخطو هذه الخطوة للسماح للقطاع الخاص بأن يكمل هذه المشاريع مع الجهات المانحة، "لكن ما يعيق الدولة هو النكد السياسي"، وفق الأسد.
هدف القانون المذكور هو تنظيم قطاع الكهرباء، والأمر الواقع الذي نعيشه اليوم هو أنّ الناس يحظون بـ 20 ساعة كهرباء من خارج كهرباء لبنان، أي أنّنا نعيش لامركزية طاقوية بحكم الأمر الواقع، لذلك لا بد من تنظيم هذه اللامركزية. وقد أثبت لبنان في السنة الأخيرة أنّه يحظى بنمو تركيب الطاقة الشمسية بحسب عدد الأفراد للفرد الواحد، هو الأعلى في العالم، "لذلك لا يمكن لمستقبل لبنان أن يكون خارج الطاقة المتجددة".
وعن تكلفة التمويل اللازم لتنفيذ مشروع القانون 462، يقول الأسد أنّ الأمر يحتاج إلى ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين دولار لإنارة بلدة كاملاً على الطاقة الشمسية ولخلق شبكة خاصة بها كلفتها على الدولة صفر.
تصوير حسن عسل.