النهار

في عيد العمال... الصحّة النفسية والمرونة عاملان لتحفيز الإنتاجية اليوم
فرح نصور
المصدر: "النهار"
في عيد العمال... الصحّة النفسية والمرونة عاملان لتحفيز الإنتاجية اليوم
الإنتاجية. (تعبيرية)
A+   A-
تغيّر شكل الوظائف منذ ما بعد انتشار جائحة كورونا، سواء لناحية الحضور أم الدوام أم ساعات العمل، فظهرت اتّجاهات جديدة في عالم الأعمال والوظائف أثّرت على إنتاجية الموظف. ولمناسبة عيد العمال، نسلّط الضوء على آخر الاتجاهات والاستراتيجيات التي يتبعها مسؤولو الموارد البشرية لتحسين إنتاجية الموظفين وتوفير بيئة عمل مريحة لهم. 
 
في حين يواجه قسم الموارد البشرية في المؤسسات حالياً تحدّيات ومشكلات بسبب العمل من بُعد، يستمرّ العمل المكتبيّ من بُعد حتى في الدول العربية، حيث الذهنية السائدة هي وجود الموظف تحت نظر المدير أو الرئيس لضمان إنتاجيّته، وفق ما تشرح الدكتورة لينا داعوق- أووري، الأستاذة المشاركة في قسم القيادة والتنظيم في Norwegian Business School في أوسلو-النرويج.
 
وفي حديثها لـ"النهار"، تؤكّد أنّ العمل من بُعد أثبت مرونة، ودحض ربط وجود الموظف حضورياً في المكتب بإنتاجيته. لذلك، يقف الرؤساء التنفيذيون ومسؤولو الموارد البشرية أمام السؤال حول إمكانية الاستفادة من العمل من بُعد لتعزيز إنتاجية الموظف وتأمين أجواء عمل مريحة؛ وفي الوقت نفسه يسعون إلى تثبيت أجواء العمل كسابق عهدها وتعزيز التنسيق المهنيّ.
 
لكن الاتجاهات الأساسية التي ترفع من إنتاجية الموظف هي خليط من عدة أمور على القيّمين على الشركة أخذها بعين الاعتبار؛ أوّلها أن يكون العمل هجيناً، وأن يتم تأمين التوازن في الحياة العملية وفي بيئة العمل، وأن يتمتع العمل بالمرونة والتنوّع. جميعها أمور لا بدّ من أن يطبّقها المعنيّون في أيامنا هذه.
 
وتضيف داعوق- أووري أنّ العامل التكنولوجيّ يساهم بشكل كبير في رفع هذه الإنتاجية عبر تقنيات التواصل الحديثة، التي يمكن الاكتفاء بها واستخدامها في العمل من بُعد، مثل الميتافيرس والتواصل ثلاثي الأبعاد. كذلك يجب التركيز على تأهيل الموظفين تكنولوجياً لتسهيل أعمالهم، لا سيّما في المهام المعقّدة.
 
أمّا توفير التوازن في بيئة العمل، فهو غاية يجب على أرباب المؤسسات الوصولُ إليها لتوفير بيئة عمل مريحة للموظفين، بحسب الدكتورة، باعتبار العمل الهجين، والعمل من بُعد، وسيلتين للتوازن النفسي في العمل لدى الموظفين، بحيث باتوا قادرين على إتمام مهامهم المهنية والعائلية والشخصية من دون الاضطرار إلى تضييع الوقت عبر التنقّل وأخذ الإجازات.
 
إلى هذه العوامل كلّها، تضيف داعوق-أووري عامل إضفاء الثقة المتبادَلة بين الموظف والقيّم على العمل؛ فالموظف ليس آلة، ويرغب في أن يشعر بأنّ ما يقوم به من عمل يشكّل فارقاً في الحياة، وبأنّه يعمل ليعيش وليس العكس؛ فلهذا الشعور الإيجابي تأثير كبير على تحفيزه.
 
وتلفت إلى ضرورة أن يشعر الموظف بالتطوّر الدائم والمتواصل، فهو عامل أساسي يحفّزه على العمل والإنتاجية لبلوغ الرضا الوظيفي. وتشير إلى أن الشركات اليوم عند مفترق طرق، فحضورها لم يعد يقتصر على حدود المؤسسة بحدّ ذاتها، إنّما تحمل مسؤولية الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية وتوفير بيئة شاملة للموظف ليتمتّع براحته، إلى جانب تحلّيها بتمثيل مجتمعي في داخلها شبيه بالمجتمع الخارجي، كالتمثيل النسائي وتمثيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. 
 
اتجاهات جديدة على رأسها العامل النفسي
 
إلى ذلك، في مقال نشره موقع Forbes، وضع كاتب المقال خريطة طريق الموارد البشرية لعام 2023، بحيث تصدّرت هذه اللائحة رفاهيةُ الموظف، فلا أحد ينكر تأثير العامل النفسي والمعنوي على إنتاجيته. 
وجاءت لائحة الاتجاهات الجديدة على الشكل الآتي:
 
- رفاهية الموظف ضرورة إنسانية. يتزايد الضغط في مكان العمل وتقوم الشركات بتخصيص أماكن عمل لتكون محركات للرفاهية، إذ يؤثّر التعرّض للضغط في العمل على الفرد وعلاقاته بالأصدقاء والعائلة وزملاء العمل.
ويقول تقرير الجراحة العامة الأخير حول الصحة العقليّة والرفاهية إنّ 81 في المئة من العاملين سيبحثون عن أماكن عمل تدعم الصحة العقلية في المستقبل. وشكّلت "خطوط دلتا" الجوية أحد الأمثلة على كيفية اتباع الشركة لاستراتيجية رفاهية الأشخاص التي تركّز على الفرد بأكمله، وليس فقط على العامل الفردي، بحيث بدأ الرئيس التنفيذي للشركة بإنشاء منصب مسؤول عن الصحة والرفاهية.
 
- ارتفاع التوظيف القائم على المهارات، إذ يُظهر البحث الأخير الذي أجرته شركة Remote أنّ التوظيف المستنَد إلى المهارات ارتفع بنسبة 63 في المئة في العام الماضي، حيث إنّ المزيد من أصحاب العمل يفضّلون الخبرة على المؤهلات الأكاديمية.
 
- المرونة هي مستقبل العمل لجميع الموظفين. المرونة هي القدرة على اختيار جدول عمل الفرد، ولم تعد تعني مجرَّد العمل من بُعد. ويمكن أن يعني العمل 4 أو حتى 3 أيام في الأسبوع، مع العمل لساعات أطول كلّ يوم. ومرونة العمل أمر مرغوب فيه من قِبل جميع شرائح العمال، كما أنّ المرونة في جداول العمل ممكنة للعاملين في الخطوط الأمامية. على سبيل المثال، تتيح سلسلة مطاعم  Chick-Fil-A للعمال القدرة على العمل من 13 إلى 14 ساعة في ثلاثة أيام متتالية بأجر دوام كامل، ممّا أدى إلى زيادة الاحتفاظ بالموظفين.
 
 
- التعلّم الهجين سيجبر الشركات على إعادة إنشاء أكاديميات الشركات الخاصة بها
 
"جنرال إلكتريك Crotonville" هي واحدة من أقدم أكاديميات الشركات معروضة للبيع. وأحد أسباب هذا الأمر هو الحاجة إلى تقديم التعلّم بالقرب من مكان العمل. وقد وجد بحث للشبكات التنفيذية أنّ ما يقرب من 6 من كلّ 10 قادة تعلّم يعتقدون أنّ نمو العمل والتعلّم الهجين سيؤدي إلى إعادة اختراع الأسلوب التقليدي لأكاديميات الشركات.
 
- العمل الهجين باقٍ، والنجاح يبدأ بتحديده. إنه الوضع الطبيعي الجديد في عالم الأعمال، بحيث تتوقّع McKinsey أنّ 9 مؤسّسات من أصل 10 ستجمع بين العمل من بُعد والعمل حضورياً في السنوات المقبلة. وقد وجدت دراسة استقصائية أجرتها ZipRecruiter أنّ الباحثين عن عمل قالوا إنّ رواتبهم ستُخفَّض بنسبة 14 في المئة للعمل من بُعد. 
 
- إرهاق الموارد البشرية أزمة يجب معالجتها. من المهمّ أكثر من أي وقت مضى مراجعة أعضاء فريق الموارد البشرية بانتظام، فهم في طليعة التغييرات الهائلة في مكان العمل التي تتجاوز إدارة الأفراد. وقد وجدت أبحاث SHRM الأخيرة التي أجريت على 726 من ممارسي الموارد البشرية في 7 دول أن 42 في المئة من فرق الموارد البشرية تعاني من الإرهاق.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium