الأسبوع الماضي، وبعد أقل من 4 أسابيع على إجرائها أعلن وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، أن "وزارة الاشغال العامة والنقل قرّرت، وفقاً للمادة 25 من قانون الشراء العام، إلغاء نتيجة المزايدة العلنية لاستثمار السوق الحرة في المطار، وبدء الإجراءات للإعلان عن مزايدة جديدة، على أن يكون سعر الافتتاح بالدولار الأميركي، وذلك تأميناً لرفد الخزينة العامة بأعلى قدر ممكن من الموارد المالية". وإن كانت المادة 25 من قانون الشراء العام تجيز خيارين، أحدهما توقيع الاتفاق بالتراضي مع الشركة الفائزة، أو إلغاء المزايدة من أساسها وإعادتها، فلماذا اختار الوزير حمية الخيار الثاني؟ وهل صحيح أن هيئة الشراء العام تحركت إثر إثارة الموضوع في وسائل الإعلام؟ مصدر مواكب لملف المزايدة أوضح لـ"النهار" تفاصيل المزايدة من الألف الى الياء.
بتاريخ 27/9/2022 جرت في وزارة الأشغال العامة والنقل مزايدة لإدارة واستثمار مساحات مخصصة للبيع في السوق الحرة في مطار بيروت الدولي بمشاركة مندوب لهيئة الشراء العام لأول مرة منذ بدء نفاذ قانون الشراء العام، وفازت بها شركة "باك ديوتي فري". وإثر اطلاعه على التقرير المعد من مندوب الهيئة الى جلسة التلزيم ومحضر جلسة التلزيم، كتب رئيس هيئة الشراء العام الى وزارة الاشغال طالباً كامل الملف للتدقيق والاطلاع، ولم تكن القضية يومها مثارة في الإعلام. إثر التدقيق طلبت هيئة الشراء العام إعادة النظر في قرار لجنة التلزيم بقبول عرض لا تنطبق عليه أحكام دفتر الشروط الخاص بالصفقة، مضيفة ذلك الى توصياتها السابقة بتحديد سعر الافتتاح بالعملة الاجنبية أو اعتماد معادلة ترفع حصة الدولة الثابتة من التلزيم بمعدل زيادة سعر الخدمة التي يؤديها الملتزم.
المصدر أكد أن "هيئة الشراء العام مارست حقها المكرس في المادتين 76 و77 من قانون الشراء العام، وأن التدقيق الذي أجرته هو في صلب عملها، وأنه ليس موجهاً ضد الوزير أو أي وزير على اعتبار أن لجان التلزيم مستقلة عن الجهة الشارية وفقاً لأحكام المادة 100 من قانون الشراء العام، وأن القول عكس ذلك يضرب قانون الشراء العام في جوهره لأن هذه الاستقلالية هي في أساس اعتماد أن تكون لجان التلزيم في الوزارات على أن تكون مستقلة في عملها عن الجهة الشارية خاضعة لرقابة وإشراف الهيئة". وإذ شدد المصدر على أن "قانون الشراء العام موضع اختبار في كل الوزارات لا فقط في وزارة الاشغال"، أكد أن "وزير الاشغال متعاون وإيجابي، وقد حققنا معه بعض الإنجازات ولا سيما في إخضاع كافة المرافئ واللجان والمديريات التابعة للوزارة لأحكام قانون الشراء العام وإجراء مزيادات قريبة قريبة جداً تدر على الخزينة مئات الملايين من الدولارات ومنها مزايدة تقديم الخدمات المميزة".
واستغرب أن يستثمر البعض في مزايدة السوق الحرة، والقول إنه بدافع تحركه اعترضت هيئة الشراء العام، علماً بأن الهيئة اعترضت على المزايدة قبل أكثر من شهر بالنسبة لمحضر التلزيم ومنذ إعداد دفتر الشروط بالنسبة لضرورة أن يكون سعر الافتتاح إما بالعملة الأجنبية ولكن خاضعة للمراجعة وفقاً لمعادلة مرتبطة بتقلبات سعر الصرف أو سعر الخدمة التي يؤديها المستثمر"، كاشفاً أن "عرض الشركة الثانية المشاركة في المزايدة Interworld SARL) ) لا يستوفي الشروط المطلوبة ضمن دفتر الشروط الخاص بالمزايدة، وذلك حيال توافر رقم الأعمال المطلوب من الشركة وهو 60 مليون دولار سنوياً". وفيما أكد المصدر أن "الهيئة تتابع الملف منذ كانت إدارة مناقصات مواكبة دفتر الشروط في إبداء الملاحظات اللازمة"، أشار الى "استمرار التعاون الوثيق مع وزير الأشغال في المرحلة المقبلة لإتمام كل المزايدات والمناقصات العائدة لوزارة الاشغال بما يخدم مصلحة الدولة ويشجع المستثمرين".
وختم أن "صلاحية الهيئة بالتدقيق في المزايدات والمناقصات لدى الجهات الشارية مطلقة ضمن أحكام قانون الشراء العام وأن هيئة الشراء العام بصدد تفعيل التدقيق الداخلي المنصوص عليه في المادة 111 من قانون الشراء العام".
وكانت شركة "باك ديوتي فري" قد أصدرت بياناً أعلنت فيه انسحابها من المزايدة وتمنت على الوزير علي حمية قبول انسحابها من مزايدة استثمار السوق الحرة في المطار، وهي المزايدة التي ربحتها الشركة في 27/9/2022. وجاء انسحاب الشركة وفق البيان على خلفية "الافتراءات التي تم تناولها أخيراً والتي لا ترتكز على أي حقائق مالية أو اقتصادية، وبما أن البعض تناسى ما حصل في لبنان مالياً واقتصادياً بين عامي 2017 و2022 وأكبر دليل امتناع الشركات العالمية عن المشاركة في المزايدة التي حصلت أخيراً".